القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

فى طريق الاسلام ومع منهيات رمضان ” الجزء التاسع

94

إعداد /محمد الدكروري

ونكمل الجزء التاسع مع منهيات رمضان، وقد توقفنا عند مخالفات بعض النساء في رمضان وهى أن تحرج الحائضات منهن أو النفساء من الأكل والشرب في نهار رمضان، فلا يأكلن إلا قليلا أو يتناولن لقمة قبل أذان المغرب بقليل تأكيدا لعدم الصيام وهذا تنطع خاصة من نفساء مرضع تحتاج إلى التغذية الجيدة، والطعام والشراب عقب ولادتها، إذ للحائض والنفساء أن تأكل وتشرب بلا حرج في نهار رمضان، ويحرم عليهن الصوم، وإنما يحرم على من أفطر في رمضان لغير عذر أن يأكل أو يشرب فى نهاره لحرمة الشهر في حقه، مع ما يلزمه من القضاء والكفارة بحسب سبب فطره بغير عذر شرعى، وإنه لا يخفى عليكم عظم شهر رمضان ومقدار فضله فهو مغنم لمن أراد الفوز ونجاة لمن رجا عفو الرحيم الغفار، ويلاحظ أن الأفكار قد طرأ عليها ما يشوبها من أخطاء وعادات قللت لمن داوم عليها من الفوز العظيم بفضائل هذا الشهر الكريم، فتجدها قد خالفت الهدى النبوى الشريف، وأما عن أحوال الناس فى الصيام فى السفر، ومتى يكون الأفضل الصوم أو الفطر؟

وهو أن للناس في الصيام فى السفر خمسة أحوال، وأما عن الحال الأولى، وهو من يتضرر بالصيام، فهذا يكره له الصيام، وإن صام أجزأه، وذهب بعض العلماء إلى تحريم الصيام عليه، وعلى هذا يحمل ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت، فـدعا بقدح من ماء وكان بعد العصر فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام، فقال “أولئك العُصاة، أولئك العُصاة” رواه مسلم، وأما عن الحال الثانية وهو من يشق عليه الصيام ولا يتضرر به، فهذا يكره له الصيام أيضا، وإن صام أجزأه، وعلى هذا يحمل ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه، فقال “ما هذا؟ ” فقالوا صائم، فقال “ليس من البر الصوم في السفر” رواه البخارى ومسلم.

وأما عن الحال الثالثة، وهى من لا يشق عليه الصيام، ولكن يشق عليه القضاء كالذى يكون مشغولا في غير رمضان بوظيفة أو سفر فيشق عليه القضاء، أو ينشط في الصيام مع الناس ولا ينشط وحده، أو أن عنده عبادات أو أعمالا أخرى فى فطره تستغرق أكثر وقته ويشق عليه القضاء فى هذه الحالة فالأفضل لهذا أن يصوم في السفر، وأما عن الحال الرابعة وهو من يستوى عنده الأمران الصيام وعدمه، ولا يشق عليه القضاء، فقد اختلف العلماء فى الأفضل له، والصحيح أن الأفضل له الفطر، وهو مذهب الإمام أحمد، وقول ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبى والأوزاعي وإسحاق وابن خزيمة وابن حبان، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن باز، وذلك لأنه يستمتع برخصة الله تعالى وفي حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله يحب أن تؤتى رُخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته” رواه أحمد ويدل عليه أيضا قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ”

حيث جعل الأصل للمريض والمسافر الإفطار لأنه نقله مباشرة إلى القضاء، ولم يخيّره في الصيام وعدمه، ولولا أن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنه كان يصومون في السفر لكان لمن قال بوجوب الفطر وجهٌ من هذه الآية الكريمة، وأما الحال الخامسة، وهو أن يستفيد المسافر بالفطر زيادة عبادة أو مصلحة، كأن يتقوّى به على الجهاد، أو على أداء العمرة أول ما يدخل مكة نهارا لأن الابتداء بها أول قدومه هو السنة، أو أدائها على وجه أتم مما لو أداها صائما، أو يكون لو أداها صائما شق عليه، فالأفضل له فى هذه الحال الفطر كما أمر النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنه بالفطر في فتح مكة، ويجوز الفطر للمسافر من أول ما يخرج من بلده ولو كان قد ابتدأ الصيام، كما يجوز له الفطر أثناء السفر، والفطر إذا أقام ببلد إقامة لا تمنع قصر الصلاة كاليوم واليومين والثلاثة ونحوها، وله الفطر أيضا في رجوعه، وإذا دخل بلده مفطرا فله أن يتم فطره ولا يلزمه الإمساك على الصحيح من قولى العلماء، وهو مذهب مالك والشافعى.

ورواية عن الإمام أحمد لأنه لا دليل على وجوب الإمساك، والأصل أن من أفطر أول النهار بعذر جاز له الفطر آخره، ويؤيده قول ابن مسعود رضي الله عنه “من أكل أول النهار فليأكل آخره” رواه ابن أبي شيبة، وأما إذا قدم بلده ودخلها صائما، فلا يجوز له الفطر، ويلزمه إتمام صيامه، وأما عن مستحبات الصوم أو مسنونات الصوم وهى المندوبات التي يستحب للصائم أن يأتى بها ومشروعيتها وهى إما بنص يدل على استحبابها، أو من مفهوم النص ومقتضاه، وتشمل المستحبات المتعلقة بـصوم شهر رمضان، وغيره من أنواع الصوم، ومنها تعجيل الإفطار أول الوقت، وأن يفطر على رطب وإن لم يجد أفطر على تمر وإلا فبشربة ماء، وتأخير السحور إلى قريب مطلع الفجر الثانى، وحفظ اللسان من اللغو والرفث، والدعاء عند الإفطار، وغير ذلك ومن مستحبات الصوم التسحر وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على استحبابه والترغيب فيه، وأن يتسحر مريد الصوم حتى ولو بجرعة من ماء، تشبها بالآكلين، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “تسحروا فإن في السحور بركة” رواه البخارى ومسلم والسحور بمعنى المأكول كالخبز وغيره، أو بمعنى الوجبة التي يتناولها الصائم فيما قبل طلوع الفجر الثانى، وهو من مستحبات الصوم، وسبب البركة فيه تقويته الصائم على الصوم وتنشيطه له وفرحه به وتهوينه عليه، وذلك سبب لكثرة الصوم، وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر” رواه مسلم، وعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “السحور أكله بركة، فلا تدعوه، ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين” وقال النووى فاتفق أصحابنا وغيرهم من العلماء على أن السحور سنة، وأن تأخيره أفضل، وعلى أن تعجيل الفطر سنة بعد تحقق غروب الشمس، ودليل ذلك كله الأحاديث الصحيحة، ولأن فيهما إعانة على الصوم، ولأن فيهما مخالفة للكفار، فعن عمرو بن العاص.

رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر” رواه مسلم، وإن أكلة السحر هى السحور، ولأن محل الصوم هو النهار فلا معنى لتأخير الفطر والامتناع من السحور في آخر الليل ولأن بغروب الشمس صار مفطرا فلا فائدة في تأخير الفطر، ووقت السحور بين نصف الليل وطلوع الفجر، ويحصل السحور بكثير المأكول وقليله، ويحصل بالماء أيضا، فعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “السحور أكله بركة، فلا تدعوه، ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين” رواه احمد، ويستحب تأخير السحور إلى قريب طلوع الفجر الثاني، ويستحب للصائم أن يفطر على تمر، والأفضل منه الرطب، فإن لم يجد فعلى الماء، وذلك لما روى سلمان بن عامر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور”

قد يعجبك ايضا
تعليقات