القاهرية
العالم بين يديك

تَكَاد الْجُدْرَان تَخْرُجُ عَنْ صَمْتُهَا .

138

كتبت -اماني عز الدين

كَعَادَة قَدِيمَةٌ قَد نَكُون توارثناها عَن أجدادنا الْمِصْرِيِّين الْقُدَمَاء هِيَ عَادَةُ الْكِتَابَة عَلِيّ الْجُدْرَان

حَيْثُ كَانَ الْمِصْرِيُّ الْقَدِيم يُسَجِّل كُلُّ مَا يَخُصُّ حَيَاتِه ومعيشته عَلِيّ جُدْرَان الْمَعابِد أَوْ فِي الْمَمَرَّات وسراديب الْمَقَابِر
وَمِنْ هُنَا اكتشفنا الحَضَارَة الْمِصْرِيَّة الْقَدِيمَة

كَمَا أَنَّ بَعْضَ كُتُبِ التُّرَاث الْعَرَبِيّ لَم تَخْلُو مِنْ ذِكْرِ نَمَاذِج جدارية مُتَنَوِّعَةٌ نُسبت إلَى بَعْضٍ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ ، مِنْهَا مَا نُسب إلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كِتَابِهِ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ عَلَى بَابِ سِجْنُه .

وَمَا كُتِبَ عَلَى عَرْشِ بِلْقِيسَ مَلِكَةِ سَبَأٍ .

وَمِنْه الْهِجَاء الَّذِي أَصْبَحَ أَهْلُ مَكَّةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَجَدُوه مَكْتُوبًا عَلَى جُدْرَان دَارَ النّدْوَةِ . .

أَيْ إنْ الْكِتَابَةَ هِيَ عَادَةُ قَدِيمَةٌ مُنْذ أَقْدَم الْعُصُور اِسْتَخْدَمَها الْإِنْسَان
لِيُسَجِّل حِكْمَتِه ، وَيَشْكُو التَّقَالِيد الْقَاسِيَة ، وَصَارَتْ هَذِهِ الْوَسِيلَة بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَسِيلَةٌ نَاجِحَة لَدَى المهمشين ، ليدونوا اعْتِرَاضِهِم عَلِيّ شَكْل نُصُوص سردية وَعِبَارَات تُخَاطَب الْحُكَّام والسُّلْطَة .

وَلَكِنْ مَعَ مُرُورِ الْوَقْت تَحَوَّلَت الْكِتَابَة عَلِيّ الجُدْرَانُ مِنَ سُلُوك حَضارِي إلَيّ سُلُوك غَيْر حَضارِي
.
وَأَصْبَح الْإِنْسَان يُحَاوِلْ أنْ يُعَبِّرَ عَنْ ذَاتِهِ عَنْ طَرِيقِ نقوش وكتابات يخطها عَلِيّ الْجُدْرَان دُونَ التَّقْيِيدِ بِالْمَسْمُوح وَالْغَيْر مَسْمُوحٌ فَتَحَوَّلَت إلَيّ نَوْعٌ مِنْ الهَمَجِيَّة فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الرَّأيِ يُصَلّ أَحْيَانًا إلَيَّ حَدِّ السَّبّ وَكِتَابَة أَلْفَاظ نَابِيَة .

لِذَلِكَ فَإِنَّ مُعْظَمَ الْبُلْدَان ، اُعْتُبِر وَضَع الْعَلَامَات أَوْ الرَّسْمُ عَلِيّ الممتلكات دُونَ إذْنٍ مَالِكِ الْعَقَار تَشْهِير وَتَخْرِيب ، و جَرِيمَة يُعَاقَبُ عَلَيْهَا القَانُونُ .

وَقَد سَاهَمْت الدَّوْلَةُ فِي مُحَاوَلَةِ مِنْهَا لِحَلِّ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي أَصْبَحَتْ تُشْكِل أَزْمَةٌ بِسَبَب تَشْوِيه كُلُّ مَا هُوَ جَمِيلٌ بالسماح لِمُمَارَسَة الْكِتَابَة وَالرَّسْم وَالنَّقْش عَلِيّ الجُدْرَانُ مِنَ خِلَالِ عَمِل جداريات فِي الْمَيَادِين الْعَامَّة يُشَارِكَ فِيهَا الشَّبَاب ويعبروا فِيهَا عَنْ طَاقَتِهِم وَلَكِن بِشَكْل مُنَظَّمٌ . .

كَمَا سَاهَمْت الْجَامِعَةُ فِي مُحَاوَلَةِ مِنْهَا لِحِلّ تِلْك الْمُشْكِلَة بالسماح لِلطُّلَّاب بِعَمَل اللوحات ومجلات الْحَائِط ليعبروا فِيهَا بِكُلِّ فئاتهم عَن أَفْكَارِهِم وَآرَاءَهُم . .

وَمَعَ ذَلِكَ لَا زَالَتْ الْكِتَابَة عَلِيّ الْجُدْرَان الصامتة ظَاهِرَهُ لَا يُمْكِنُ السَّيْطَرَةُ عَلَيْها لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلُ إلَيّ وَعِيّ كَافِي بِأهَمِّيَّة الْمُحَافَظَةِ عَلَى الممتلكات الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ أَيْضًا . .

قد يعجبك ايضا
تعليقات