القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نفحات إسلامية ومع أهلا رمضان الجزء الرابع

90

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع أهلا رمضان، ونلاحظ في شهر رمضان أن بعض النفوس تسوء فتجد الطالب في المدرسة لا ينتبه، وينام في الدرس، والموظف لا يريد العمل، والآخر معبّس، وهذا لا يطيق من حوله، ولذلك التواصي بقضية تحمل الآخرين، وهناك ناس يتعرضون لضغوط أكثر من ناس حقيقة، مثلا ممكن يكون إمام المسجد في رمضان يتعرّض لضغوط لا يتعرض لها غيره لأن عليه بالإضافة للصلوات وقراءة والتراويح والإشراف على خيمة الإفطار في المسجد، والناس الذين يأتون ويسألون، ويلحون ويكذبون، وكلها أصلا من الاستعدادات لرمضان بادعاءات كاذبة، واستعدادات كل واحد يستعد من جهة، أهل الفن يستعدون، وأهل الشحاذة يستعدون، وأهل الإيمان والدين يستعدون، الكل يستعد، فهذا هو رمضان، الآن الكل يستعد، والتجار يستعدون وكل واحد يستعد من جهة، فإنها أيام تتكرر، وشهور تتوالى، وسنين تتعاقب، ولا يزال هذا الضيف العزيز ينشر عبيره في الأيام، وفى الشهور والأعوام، وفى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كانت البشرى تزف لأولئك الأطهار، من الصحابة الأخيار رضي الله عنهم، يزفها النبى صلى الله عليه وسلم بقوله “أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبوب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم” رواه النسائي والبيهقي، وقال ابن رجب رحمه الله هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، كيف لا يبشّر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟ إنها البشارة التي عمل لها العاملون، وشمر لها المشمرون، وفرح بقدومها المؤمنون فأين فرحتك ؟ وأين شوقك ؟ وأنت ترى الأيام تدنو منك رويدا رويدا، لتضع بين يديك فرحة كل مسلم، فاستحضر في قلبك الآن أحب الناس إليك, وقد غاب عنك أحد عشر شهرا, ثم بشّرت بقدومه وعودته خلال أيام قلائل كيف تكون فرحتك بقدومه واستبشارك بقربه, وبشاشتك للقائه؟ وماذا أعددنا ونحن على أيام من هذا الشهر العظيم.

هل أعددنا نية وعزما صادقا بين يديه؟ هل بحثنا عن قلوبنا، لنعرف عزمها وصدقها فيه؟ فإن الإمساك ونية الصوم يأتى بها كل صائم، أما نية إخلاص الصوم، وصدق العبادة، فهي التى لا يحققها إلا القلة من الموفقين فقال تعالى “وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم” لا يستوى من لا يتجاوز اهتمامه وتفكيره في استقبال رمضان شراء الحاجيات وتكديس الأطعمة الرمضانية ومن يجعل جل اهتمامه غذاء الروح والتفكير في تطهير وتزكية النفس والإقبال على الله تعالى في هذا الشهر المبارك، لسان حاله كيف أستفيد من هذا الموسم؟ كيف أستعد وأخطط لأن أكون من العتقاء من النار، من الذين تشتاق لهم الجنة، من الذين يغفر الله لهم ما تقدم من ذنوبهم، وإن الإعداد للعمل علامة التوفيق وأمارة الصدق فى القصد، كما قال تعالى ” ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ” والطاعة لابد أن يمهّد لها بوظائف شرعية كثيرة حتى تؤتى أكلها ويجتني جناها، وخاصة في شهر رمضان حيث الأعمال الصالحة المتعددة، ولهذا نقول من الآن.

اصدق عزمك على فعل الطاعات، وأن تجعل من رمضان صفحة بيضاء نقية، مليئة بالأعمال الصالحة، صافيةً من شوائب المعاصى، وإن من الإعداد والتخطيط المسبق للاستفادة من شهر رمضان هو بخمسة أمور، أولا أن تبادر إلى التوبة الصادقة المستوفية لشروطها, وأكثر من الاستغفار، وثانيا تعلم ما لابد منه من فقه الصيام وأحكامه وآدابه, والعبادات فيه كالاعتكاف والعمرة وزكاة الفطر وغيرها، وثالثا اعقد العزم الصادق والهمة العالية على استغلال رمضان بالأعمال الصالحة, فقال تعالى فى كتابه الكريم ” فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ” وقال سبحانه وتعالى” ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ” وتحرى أفضل الأعمال فيه وأعظمها أجرا، ورابعا استحضر أن رمضان كما وصفه الله عز وجل أيام معدودات، فهو موسم فاضل ولكنه سريع الرحيل، واستحضر أيضا أن المشقة الناشئة عن الاجتهاد فى العبادة سرعان ما تذهب بعد أيام ويبقى الأجر، وشرح الصدر بإذن الله، أما المفرط فإن ساعات لهوه وغفلته تذهب سريعا.

ولكن تبقى تبعاتها وأوزارها، وخامسا وأخيرا التخطيط والترتيب لبرنامج يومى للأعمال الصالحة كقراءة القرآن، والجلوس في المسجد، والجلوس مع الأهل، والصدقة، والقيام، والعمرة، والاعتكاف، والدعوة وغيرها من الأعمال، فلا يدخل عليك الشهر وأنت في شتات، فتحرم كثيرا من الخيرات والبركات، وإن هناك سؤال وهو عن الاستمناء في رمضان؟ وهو ذنب كبير يفطر ويفسد اليوم، وعليه التوبة وإكمال اليوم وقضاء يوم بدلا منه، وإستقسار أيضا عن بخاخ الربو؟ فقد أفتت اللجنة الدائمة أنه لا يفطر لأنه هواء مضغوط يدخل إلى الرئة ولأنه غير مغذى ولأنه لا يستغنى عنه، ولو قلت له صم بدلا منه، يقول لك أنا سأستعمله في القضاء، يعنى هي نفسها، أصلا أنا أحتاجه دائما، وأما عن غسيل المعدة الذى يتم فيه إدخال الماء إلى المعدة؟ فإنه إذا وصل الماء إلى المعدة إذا وصل إلى المعدة طعام أو شراب هذا من أسباب التفطير، وإن اسباب التفطير عموما تدور على أمرين كما ذكر شيخ الإسلام وغيره مغذيات ومقويات ومضعفات.

فالأكل والشرب مثلا هذه مغذيات ومقويات، بينما الحجامة والجماع والتقيؤ عمدا هذه تضعف والتبرع بالدم مثلها، أما التحليل فهو شيء يسير لا يفطر، إذن، فيه مفطرات تغذى وفيه مفطرات تضعف، فالأشياء تتعاطى طبيا ينظر فيها هل هى مغذية هل فيها أملاح وفيتامينات، وهم الآن لماذا أفتوا مؤخرا بأن غسيل الكلى يفطر؟ قالوا لأن الدم عندما يخرج للتنقية ويرجع مرة أخرى يضاف إليه محاليل، أملاح، وفيتامينات، وأشياء مغذية ومقوّية، إذن، هذا يفطر، ويصوم في الأيام الأخرى التى ليس فيها غسيل، وعليه قضاء الأيام التي فيها غسيل، وعندما يقال إبرة الأنسولين؟ فنقول بإن الإبر التى لا تفطر هى إبرة البنج للضرس وغير ذلك، وقلع الضرس إذا لم يصل شيء إلى الحلق، وأيضا دواء الفم، وقطرة العين والأذن لا تفطر، والأشياء التي تبلع من الحبوب وغيرها قطعا تفطر، والتحميلات الشرجية لا تفطر، اللصقات التي توضع على الجلد لا تفطر، والمراهم والأدهان التي يُدهن بها الجلد أو الشفتين أو الوجه لا تفطر،

وكذلك السواك إذا ما كان فيه أطعمة إضافية كطعم الليمون والنعناع وغيرها أما السواك الطبيعي لا يفطر، إذن الأشياء التي ليس فيها مغذيات لا تفطر إذا تعاطها بالحقن والتحاميل مثلا، وإذا قال أنا لا أعلم هل علي قضاء أم لأني نسيت أنا في شك، فإن الأصل براءة الذمة، والأصل أن ذمتك بريئة حتى يثبت أن هناك ما يشغلها، ولنعلم أن للصائم فرحتين الفرحة الأولى عند فطره إذا أفطر فرح بفطره، فرح بفطره من وجهين الوجه الأول أنه أدى فريضة من فرائض الله وأنعم الله بها عليه وكم من إنسان في المقابر يتمنى أن يصوم يوما واحدا فلا يكون له وهذا قد منَّ الله عليه بالصوم فصام فهذه نعمة فكم من إنسان شرع في الصوم ولم يتمه فإذا أفطر فرح لأنه أدى فريضة من فرائض الله ويفرح أيضا فرحا آخر وهو أن الله أحل له ما يوافق طبيعته من المآكل والمشارب والمناكح بعد أن كان ممنوعا منها فهاتان فرحتان في الفطر الأولى أن الله منَّ عليه بإتمام هذه الفريضة، والثانية أن الله منَّ عليه بما أحل له من محبوباته من طعام وشراب ونكاح.

قد يعجبك ايضا
تعليقات