القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نفحات إيمانية ومع أهلا شهر رمضان ” الجزء الثانى “

101

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع أهلا رمضان، ونحن على أبواب شهر رمضان، ورمضان عبادة، وكلكم يعلم أن الإنسان له مهمة كبرى في حياته الدنيا، ألا وهي العبادة، لأن الله جل جلاله يقول فى سورة الذاريات ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” لكن هذه العبادة ذات معنى شمولي، وإن من ضيق الأفق ومن الجهل الشديد أن تتوهم أن العبادة هي هذه العبادات الشعائرية فحسب، ولكن العبادات ذات مفهوم شمولي، ومن هذه العبادات ما كان عبادات شعائرية، كالصلاة والصوم، والحج، ومن هذه العبادات ما هو عبادات مالية كالزكاة، ومن هذه العبادات ما هي عبادات تعاملية كالصدق والأمانة، والحقيقة الدقيقة أن الإنسان إذا توهم أن الدين عبادات شعائرية ليس غير لم يفقَه شيئا من الدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” بنى الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان” رواه البخارى ومسلم، وإن الإسلام بناء شامخ، بنى على خمس دعائم، إنها العبادات الشعائرية.

 

مثل النطق بالشهادة، وأداء الصلاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، وإن الإسلام منهج كامل لا تقطف ثماره إلا إذا أخذ بكامله فمن قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل وما حقها، قال أن تحجزه عن محارم الله، إذن مهما قلت لا إله إلا الله، وأنت غارق في المعاصى فلا جدوى من هذا النطق، والأصل أن تلتزم، وهذه هي الشهادة، أما الصوم، فإن الصوم عبادة، لكن تحتاج إلى التزام كي نقطف ثمارها، وكذلك الصلاة فالإنسان إن لم يستقم على أمر الله لم تنفعه صلاته، فصلاته يؤديها، ويسقط عنه الفرض، لكن لم ينتفع بها، ولم يقطف ثمارها، والدليل أن رجالا لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله يوم القيامة هباء منثورا، وأما عن الحج فأنه من وضع رجله في الركاب وقال لبيك اللهم لبيك، وكان ماله حراما، يناديه منادى أن لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك، وكذلك الزكاة، وهذه أركان الإسلام الخمس، إن لم يصحبها التزام، وإن لم تصحبها طاعة لله عز وجل، وإن لم يصحبها تقيد بدقائق الشرع لا تنفع.

 

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه، وقد ظلل عليه، فقال” ما له؟ قالوا رجل صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليس من البر أن تصوموا في السفر “رواه البخاري ومسلم، وعن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال “يا رسول الله، أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل عليّ جناح؟” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه “رواه البخارى ومسلم، وعن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما قالا “سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصوم الصائم، ويفطر المفطر، فلا يعيب بعضهم على بعض” رواه مسلم، وإن للمعاصي آثار بليغة في قسوة القلوب، وحرمانه من مادة حياته، فإن كنت قد سودت قلبك، ولطخت صفحات حياتك بأدران المعاصي فها هو رمضان، موسم عظيم ، يمنحك صفحة بيضاء ، تغسل بها قلبك، وتجدد فيها حياتك.

 

فهيء قلبك من الآن، وإياك أن تجعل أيام رمضان كأيامك العادية، بل اجعلها غرة بيضاء في جبين أيام عمرك، فقال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما” إذا صمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب، والمحارم ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك، ويوم فطرك سواء” فإذا كنت قبل رمضان كسولا عن شهود الصلوات في المساجد، فاعقد العزم في رمضان على عمارة بيوت الله، عسى الله تعالى أن يوفقك لذلك حتى الممات، وإذا كنت شحيحا بالمال، فاجعل رمضان موسما للبذل والجود، فهو شهر الجود والإحسان، وإذا كنت غافلا عن ذكر الله تعالى، فاجعل رمضان أيام ذكر ودعاء، وتلاوة لكتاب ربك تعالى، فهو شهر القرآن، فقال الحسن البصري رحمة الله” إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته، ولكن كيف نجمع بين التفرغ للعبادة والتلاوة والجو الدراسى، فإن هناك أشياء تحتاج إلى بذل في هذه الدراسة، وقد يكون هناك امتحانات أيضا في رمضان.

 

ولذلك فإن هناك أمور لا بد أن تقوم بها حقيقة، مثل المذاكرة قبل الامتحانات، وحل الواجبات، لكن بطبيعة الحال الحصص الدراسية أقصر، وأوقاتها تختلف نوعا ما، وهذا مما يفترض أنه يعين على التفرغ أكثر للعبادة، بعض الناس ربما ينتقدون علينا نحن المسلمين يقولون أنتم الإنتاجية عندكم في رمضان تنزل، نقول نحن نعم، الإنتاجية الدنيوية عندنا تنزل على أساس أن تكون الإنتاجية أكثر في أمور الآخرة، لكن متى يكون العيب علينا نحن المسلمين؟ إذا كان تنزل الإنتاجية في أمور الدنيا وفي أمور الآخرة، فأمور الآخرة ما زادت، وأمور الدنيا نزلت، وأنت الآن بمناسبة رمضان لا تتوقع أن يكون النشاط مثل ما هو بغير رمضان وهذا طبيعي الإنسان إذا أراد أن يتفرغ للعبادة في رمضان لا بد أن تتأخر الدنيا قليلا، فليس من العيب أن يقل الإنتاج في رمضان، وليس عيبا، وإن مطالبة الناس أن يكون إنتاجهم الدنيوى في رمضان مثل خارج رمضان ليس سليما، لكن المشكلة أنهم لا في هذا ولا في هذا أحيانا.

 

وإن بعض الناس هذه هي المصيبة، وإلا الدنيا والآخرة ضرتان إن أرضيت إحداهما أسقطت الأخرى، وهذه معروفة واضحة، وأيضا كيف يصلي المسافر إذا قصر مع جماعة تصلي المغرب وهو يريد العشاء؟ فإذا كان الإمام مقيما فإنه إذا كان يصلي المغرب فعليه أن يتم وراءه، ولو صلى العشاء يصليها أربعا، وإذا كان الإمام يصلي العشاء وأراد أن يصلي وراءه المغرب، فإنه يقعد بعد الركعة الثالثة، وينتظر الإمام يسلم فيسلم معه، وهذا هو الأحسن، وقيل أيضا هل جميع الشياطين تصفد في رمضان؟ فقال بعض العلماء أن التصفيد خاص بالمردة، وهم العتاة والطواغيت من الشياطين، وهم كبار الشياطين ورءوس الشياطين ولكن لو صُفدت كل شياطين الجن باقي شياطين الإنس تشتغل، فباقي شياطين الإنس تشغل محطات فضائية، وتشغل الناس باللهو والمعاصي، وباقي، فلا بد من الحذر من جميع أنواع الشياطين، ولذلك الله عز وجل أمر بمصانعة العدو الإنسي فقال تعالى ” ادفع بالتى هى أحسن” أما العدو الجني ليس هناك طريقة لمصانعته.

 

ولذلك أمر باللجوء إليه فقال تعالى ” فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ” وإن من واجبنا نحن توعية المجتمع والناس بالفضائيات فى رمضان وبخطورتها والكف عنها، وقد صار الآن هذا الدش هو العجل الفضي المعبود في هذا الزمن، إذا كان العجل الذي عكف عليه بنو إسرائيل عجلا ذهبيا، فإن هذه الشاشة التي كانت تسمى شاشة فضية قبل الألوان هو عجل جديد يعكف عليه الناس في هذا الزمان، ويتلقون منه كل شيء، وكل أنواع المفاسد، وماذا بالنسبة لقراءة القرآن في رمضان، هل نستعجل بالقراءة أو نقرأ على مهل ولو لم نختم، أو ماذا نفعل؟ فإن الاقتراح أن يكون لك ختمتان أو أن يكون لك قراءتان، ختمة بالحدر، تقرأ فيها بقراءة الحدر لتنهي القرآن، وقراءة أخرى متأنية مع الرجوع للتفسير والتدبر، فيكون لك نصيب من قراءتك حدرا تمشي فيه، وختمة ثانية تبدأها من أول القرآن أيضا، بالتفسير والتدبر، وهو أن تفرض أن عندك مثلا نصف ساعة لقراءة القرآن، فأنت قد تقرأ في ربع ساعة جزءا، حدرا، ممكن تنهي جزء من القرآن في ربع ساعة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات