القاهرية
العالم بين يديك

الحُرية نور…يضيء الروح

132

كتبت /نور عبد الحليم عمر

كلمة تَنادى المُناضلون بذكرها، لوقع نُطقها وسماعهِ سحرًا يُحاكي البشرية، لطالما كانت تثور البلدان عربية كانت أم غربية لنيل تحقيقها، مازالت تتحاكى عنها كتب التاريخ، ومازالت تُدرس في الكتب التعليمية بمُختلف المراحل، ليست كلمة تُكتب أو تُقال فحسب إنما هي حياة يمكن تشبيهها بلوحة لفنان رسمها بعشوائية الألوان متناثرة منتشرة في أرجائها على غير تناسق، تُرى فقط أنه رسمها عبثًا أو أنه لم يجد فكرة موضوعية لتنفيذها فأضاف العشوائية ولكن لا، لَرُبما أراد ترك مساحة خاصة لكل لون وأداة دون التقييد أو الإحكام، ورُبما حرر ذاتهِ بها. غريبة تلك لِكلمة واحدة تألفت من أربعة أحرف “حرية” كل ذلك، لا تعجب في الأمر فالحرية ماهي إلا كنزا لا يُدرك قيمته سوى مالكه.
أن تجد ذاتك مزهوًا بعدم تقيدك أو أنك على سبيل المثال في انتظار الموافقة والسماح لكل فعلٍ لك، أو أنك مُحاسب على أي فِعلة تقوم بها، تشعر وأنك قد وُضِعت في قفصٍ مُحكم الغلق، تنظر من بين فراغات جوانبهِ بيأسٍ ضجرٍ وضيق، فتثني للخالق على نعمة الحرية.
يقول القائد العسكري والزعيم المصري “احمد عرابي” في الحرية “لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم.” دليلًا أن الحرية شيئًا غالٍ قدره عظيم امتلاكهِ نعمةً لا يقدرها ثمنٌ، وفي تتابع أحداث التاريخ نجد حُكامًا وزعماء وكثيرون عاشوا حياتهم كلها من أجل النضال والتخلص من الاستعمار وإعلاء الحرية رمزًا ساميًا لا تُعد الحياة حياة بدون مُرادهِ.
لم يكتف الأمر على البشرية فالحرية لنا ولسائر المخلوقات جميعًا، لكلٍّ منهم حقٌ في ابتغائها، نجد المفكرون قد تحدثوا بالكثير عنها قد قال أحدهم “الحرية مع الألم أكرم من العبودية مع السعادة” دليل قطعي أن مهما كانت تحوي ألمًا فهي أعظم كثيرًا من الاستعباد، وقد قال آخر “إن الوجود في جوهره حرية، وإن الحرية تتمثل في الاختيار” برهان أن الاختيار وعدم التقيد و الخضوع للإجبار في أية حال في حال نفسهِ حرية، وقد قال غيرهِ في وصفها “الحرية لا وطن لها، الحرية سماء، والسماء وطن الجميع” وقيل الكثير والكثير عنها.
وكما نقول أن الحرية للجميع وسائر الكائنات فنجد في أخذ المثال من موقفٍ قد حدث مع الأديب النابغ “مصطفى المنفلوطي” مع هرة قد انصرفت عن ما قدمه لها من طعام وشراب وبغت الحرية والخروج من غرفته، قد آثرت الحرية على غريزتها مما قد قال عنه المنفلوطي واصفًا قيمة الحرية “الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة، يتصل أولها بظلمة الرحم، وآخرها بظلمة القبر. الحرية هي الحياة، ولولاها لكانت حياة الإنسان أشبه شيء بحياة اللُّعب المتحركة في أيدي الأطفال بحركة صناعية.” ورُغم أن الهرة ماهي إلا حيوانٌ دون عقل إلا أن هُناك من يمتلكون العقل من البشر ويؤثرون إشباع غرائزهم دون النظر إلى حريتهم، مما قد يُحزن عليه حقًا في غرابة الأمر قد يؤثر الحيوان حريته مهما فقد في المُقابل، وأما عن البشر فقد يضحي بعضهم بها في مقابل أشياءٍ أخرى، وأخيرًا وليس آخرًا فالحرية كما يقول احمد لطفي السيد “إني لأعجب من الذي يظن الحياة شيئًا والحرية شيئًا آخر، ولا يريد أن يقتنع بأن الحرية هي المقوم الأول للحياة وأن لا حياة إلا بالحرية.”

قد يعجبك ايضا
تعليقات