بقلم /مودة ناصر
عزيزي أهلاً،..
لعل أيامك ربيعيّةٌ، ونفسك مُزهرةٌ، والبيان طوعك، والحديث يسير.
أفتقدُك فأكتُب إليك، وأكتُب إليك فأفتقدُك أكثر.
وددتُ لو أن سمرًا بيننا دائمًا أبدًا،..
وأنك هنا، رفيقي ومؤنسي.
“من أين تأتي بالفصاحةِ كلها
وأنا يموتُ على فمي التعبيرُ؟”
عزيزي،
ليت الصمت وحدةٌ نقطعُ بها المسافات لنصل جوار مَن نُحب، ليته خفيفٌ كطائرٍ يسافرُ في سماء مرادهِ بوداعةٍ؛ فيذهبُ إلى الحبيبِ بِطانًا ويعودُ خِماصًا.. يسافرُ ولا يكلّ، ويشربُ ولا يرتوي، ويحبُ دائمًا.
تُرى لماذا خُلق الصمتُ يا عزيزي؟
هذا الثقبُ الكبير الذي يبتلعُ الحوايا، يلتهمُ الحبَّ ويُضيعُ الذكرى، وتذهبُ الوعود والأمنيات في حضرتهِ هباءً منثورًا.
كيف له أن يبتلع العمر، وينأى عني بالرفيق؟
فرَش أمامي من المسافاتِ ما لا أطيقُ اجتيازه، وأنا ضعيفٌ واهنٌ، مجردٌ من حمولة السفر.
أقدامنا لا تُطيعنا أحيانًا والخُطى؛ فنغدو كطفلٍ صغيرٍ يحاول أن يسير بلا قدمين،.. ونتعثَّر.
أولائك الذين يتعثرون في أنفسهم، هل تدلهم الحياةُ يومًا إلى حبيبٍ يتوكأون عليه؟.
الحياةُ كالأمِّ التي تعي ما يريدُه وليدُها جيدًا، أمٌ في فهمها وحسب، أمّا في عطايها فلستُ أدري مَن تكون، وأنا الخجولُ الذي لا يبوح مراده وإنما ينتظرُ العطايا. آملُ ألا تنسانا الحياةُ ولا تضنّ علينا نصيبنا من الحُبِّ فيها، والأملُ جنَّةُ المُشتاق.
عزيزي،
وددتُ لو أن سمرًا بيننا دائمًا أبدًا..
وأن لا صمتًا يُضيعُ غاياتنا فنضيع.
كن بخيرٍ دائمًا،
واكتب لي.