القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

سلسلة عالم وفكرة الجزء السابع والأربعون

90

كتب د – بدران رياض

العالم : الشيخ العارف الصوفي الزاهد أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي المغربي .
الفكرة : مجمع البلاء وطرائق العافية.
ثلاثية إذا اجتمعت في مخلوق فقد أحاط به البلاء من كل جانب أول هذه الثلاثية الخوف من المخلوقين وهو أنواع منها الخوف الجبلي الذي لا يكاد يسلم منه مخلوق مهما كانت درجته ومن المعلوم بداهة أن المصاب بهذا الخوف لا يحاسب عليه شرعا والبشر فيه على درجات متفاوتة.
ومنها الخوف من بطش الظالمين والمتكبرين فيترتب عليه ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهر بالحق ليصبح صاحبه هو الشيطان الأخرس ولا شك في أن هذا النوع من محرم شرعا لما فيه من ضياع الحقوق واندثار الأحكام الشرعية إلا في حالة واحدة هي خشية الهلاك مع عدم القدرة على التغيير .
لكن الخوف المهلك لصاحبه فهو المتعلق بفساد المعتقد بأن المخلوقين يملكون القدرة على الإضرار بالشخص فيخاف الإنسان من غيره أن يصيبه بما يشاء من مرض، أو فقر، أو أي مصيبة بقدرته ومشيئته دون مشيئة الله تعالى وهذا الخوف داخل في الشرك بالله تعالى
أما الخوف من الله تعالى فمن أعلى مقامات الدين وصاحبه موعود بنيل جزيل الثواب والحظوة عند رب الأرض والسموات .
والثاني من ثلاثيات البلاء حمل هم الرزق بمعنى انشغال القلب به دون الأخذ بالأسباب وهذا تواكل مذموم أو مع الأخذ بالأسباب مع ركون القلب إليها وعدم التفاته لمسبب الأسباب سبحانه وتعالى ولا شك أن معظم الخلق دائر بين هذه المسلكين المذمومين أما المسلك الرشيد فهو السعي لتحصيل أسباب الرزق يصاحبه ركون القلب إلى الخالق جل وعلا
وثالث الثلاثة في مجمع البلاء هو الرضا عن النفس وهو ميراث إبليس والصفة المذمومة لبني إسرائيل أما معرفة شرور النفس وتقلباتها وذمها لما فيها من ظلم وفساد فهو ميراث أدم عليه السلام والأنبياء من بعده فكيف يرضى الشخص عن نفسه وهو يدرك تعوذ سيد الخلق- صلي الله عليه وسلم – من شرور النفس وسيئات العمل
أما ثلاثية العافية والخيرات فتكمن في ثلاثة أيضا أولها الثقة بالله تعالى فهي ميراث الأنبياء انظر إلى خليل الرحمن وهو يلقى في النار فتكون كلماته حسبنا الله ونعم الوكيل ونهج زوجه أم إسماعيل حينما تركها في واد غير ذي زرع قالت آلله أمر بذلك؟ قالت : إذن لن يضيعنا وخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام وهو في الغار ما ظنك باثنين الله ثالث هما ونهج الصدق- رضي الله عنه عن رمته العرب بقوس واحدة وهو يقول : أينقص الدين وأنا حي ؟ فالأساس الإيماني لكل هذه المواقف أن ومن وثق بالله نجاه من كل كرب أهمه.
والثاني من ثلاثية العافية الرضا عن الله تعالى في كل الأحوال يجعل النفس مطمئنة لأنها توقن بأن كل حركة وسكون هي فعل الملك الذي بيده مقاليد كل أمر وهو قائم على كل نفس
وثالث ثلاثية العافية التغافل عن أفعال الخلق وتجنب شرورهم وعدم مجاراتهم في العصيان ونصحهم في الله ولله ويكمل ذلك في عدم النظر لما في أيديهم وينتظر المرء حاجته كلها من الله وحده
وقد لخص كل ذلك شيخنا أبو الحسن الشاذلي بقول في عبارته الجامعة والعجيبة والبديعة : البَلَاءُ كُلُّهُ مَجْمُوعٌ فِي ثَلَاثَةٍ: خَوْفُ الْخَلْقِ وَهَمُّ الرِّزْقِ وَالرِّضَا عَنْ النَّفْسِ وَالعَافِيَةُ وَالخَيْرَاتُ مَجْمُوعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ : الثقة بالله في شَيْءٍ والرضا عن الله بكل حال واتقاء شرور الناس ما أمكن .

قد يعجبك ايضا
تعليقات