القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

اَلْمُوَاطَنَة الرقمية تَكتسِب قِيمتها مِن المُجْتَمَع صباحك تكنولوجيا

117

 

بقلم د/ حنان عبد القادر محمد

تَكتسِب اَلْمُوَاطَنَة قِيمتها مِن خِلال مُجْتَمَع تتبلور هَوِيته من خِلال ظُرُوف حياتية مُعِينَة وتكون مقبولة ومعترفاً بها، حيث تكون هُنَاكَ قيم أخلاقية وثقافية يَشْتَرِك فيها جميع اَلْمُوَاطِنِينَ، فَالْمُوَاطِنَة تتمثل في الأفكار التي يُعَبِّر بها اَلْمُوَاطِنِينَ عن اهتماماتهم في أسلوب إيجابي في ضوء ضمير وطني يتم تكوينه من خِلال مُؤَسَّسَات التنشئة التربوية التي تهدف إلى تنشئة اَلْمُوَاطِن من خلال اَلْأُسْرَة والمدرسة ودور العِبادة وغيرها، ويأتي العَصر الرقمي ومصطلح التحول الرقمى كأحد الروافد الهامة في التأثير على اَلْمُوَاطَنَة، فمع استمرار زيادة مُعَدَّل التقدم التٌكنولوجي، أصبح العَالم ككل أكثر اعتمادًا على الإنترنت في الأنشطة اليومية. ووفر لِلْمُوَاطِنِينَ مِساحة واسعة من حُرِّيَّة التعبير عن الرأي قد لا يَجِدُونَهَا بين جُدْرَان مدارسهم أو جامعاتهم أو حتى في مُجْتَمَعَاتهمْ بِمُخْتَلِف مُؤَسَّسَاتهَا، ومن ثم اندفعوا إلى التعبير عن آرائهم في شتى المجالات، وَبِمُخْتَلِف الأشكال والوسائل والوسائط.

لذا عَزِيزِي اَلْقَارِئ نحن في أمس الحاجة إلى سياسة وقائية ضد أخطار اَلتِّكْنُولُوجْيَا، وتحفيزية للاستفادة اَلْمُثْلَى مِن إيجابياتها، فإننا لا نتحدث هُنَا عن مَفْهُوم جَدِيد يَجِب أن نَكْتُب سُطُوره لأول مرة ولم يسبقنا إليه أحد، بل نتحدث عما يُسَمَّى في دول العالم اَلْمُتَقَدِّم بمفهوم اَلْمُوَاطَنَة الرقمية Digital Citizenship. وَهُنَاكَ فرق كبير بين اَلْمُوَاطَنَة الرقمية الجيدة وَالْمُوَاطَنَة الرقمية السيئة لاستخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا. حَيْثُ أن اَلْمُوَاطَنَة الرقمية الجيدة تُسَاعِد اَلْمُوَاطِنِينَ على التواصل مع بَعضِهم البَعض والتعامل في شتى المجالات، وإنشاء عَلَاقَات دائمة من خلال الأدوات والوسائل الرقمية. ومن ناحية أُخْرَى، تنطوي اَلْمُوَاطَنَة الرقمية السيئة على التنمٌر عبر الإنترنت والاستخدام غير اَلْمَسْؤُول لوسائل التواصل الاجتماعي ونقص عام في المعرفة حول كيفية استخدام الإنترنت بأمان.

فَالْمُوَاطِنَة الرقمية هي إعداد اَلْمُوَاطِنِينَ لاستخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا، بِطَرِيقَة فعَالة ومُنَاسِبَة، من خِلال تنمية معارفهم وثقَافتِهم وغَرس اَلْقَيِّم الصحيحة لِلْمُوَاطِنَةِ الرقمية وكيفية استخدام هذه التقنيات بطريقة مُنَاسِبَة. فهي باختصار تَوْجِيه وحِماية، تَوجيه نحو منافع التقنيات الحديثة، وحِماية من أخطارها. فهي التعامل الذكي مع اَلتِّكْنُولُوجْيَا. وَتُعَبِّر عن اَلْقَوَاعِد والمعَايير والمبادئ اَلْمُتَّبَعَة في الاستخدام لِلتِّكْنُولُوجْيَا من قِبل اَلْمُوَاطِنِينَ كبارًا وصغارًا، لِرُقَى اَلْوَطَن وَتَقَدُّمه، انطلاقًا من الولاء له وَحُبّه وحِمايته من كافة الأخطار من ناحية، والاستغلال الأمثل للتقنيات الحديثة وامتلاك المعرفة بوسائل الاتصال الرقمي، ومخَاطرة، وكيفية حِفاظ اَلْمُوَاطِن على حُقُوقه وَحُقُوق الآخرين عند استخدامها، وكذلك الحِفاظ على اَلْوَطَن وَحُقُوقه من الانتهاك، وذلك وفقًا لِلْقَوَانِينِ والسياسات وَالْقَوَاعِد التي تُسهم في تحقيق الاستخدام الأمثل لِلتِّكْنُولُوجْيَا وإعداد مُوَاطِن رقمي قادر على مُوَاجَهَة التحديات اَلْمُعَاصِرَة.

وَيُمْكِن تَحدِيد خَصائِص اَلْمُوَاطَنَة اَلرَّقْمِيَّة في الوعي بالعَالم الرقمي وَمُكَوِّنَاته، وامتلاك مهَارات اَلْمُمَارَسَة الفعالة وَالْمُنَاسِبَة في استخدامات العالم الرقمي بآلياته اَلْمُخْتَلِفَة، وإتباع اَلْقَوَاعِد اَلْخُلُقِيَّة التي تجعل اَلسُّلُوك التٌكنولوجي لِلْمُوَاطِنِ يتسم بِالْمَقْبُولِيَّةِ الاجتماعية في التفاعل مع الآخرين. حيث تعمل اَلْمُوَاطَنَة الرقمية على تكافؤ اَلْفُرَص أمام جميع اَلْمُوَاطِنِينَ فيما يتعلق بالوصول إلى اَلتِّكْنُولُوجْيَا واستخدامها، وَتَوْفِير اَلْحُقُوق الرقمية اَلْمُتَسَاوِيَة ودعم الوصول اَلْإِلِكْتِرُونِيّ، ونبَذ مبدأ الإقصاء اَلْإِلِكْتِرُونِيّ الذي يَحوِّل دُون تحقيق اَلنُّمُوّ والازدهار، وَتَقْلِيص فجوة الفارق الرقمي بين أولئك الذين يستطيعون اَلْوُصُول إلى أشكال اَلتِّكْنُولُوجْيَا اَلْمُخْتَلِفَة واستخدامها وبين أولئك الذين لا تتوافر لديهِم تلك اَلْفُرْصَة، فقد يكون اَلْوُصُول التٌكنولوجي مَحْدُودًا عِند بَعض اَلْمُوَاطِنِينَ لِظُرُوف اقتصادية أو سياسية، لذا فإن نِسبة الٌوصول الرقمي تكون أعلى في الدول المٌتطورة من الدول النامية، وحَالياً يٌوجد العَديد من البرامج العَالمية لتعزيز حَق الوٌصول الرقمي أمام المٌواطنين في مٌعظم دول العالم.

فمع ازدياد الاتصالات الرقمية وَالتَّطَوُّرَات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة الحديثة التطور في مجال الاتصالات بجميع أشكالها وتقنياتها والتي تتمثل في التبادل الإلكتروني للمعلومات، أصبحت اَلْفُرْصَة مُتَاحَة أمام الجميع للاتصال والتعاون مع أي فرد آخر في أي بُقْعَة من العالم وفي أي وقت. وأدى ذلك إلى ظُهُور اَلتِّجَارَة اَلْإِلِكْتِرُونِيَّة أو اَلتَّسَوُّق الإلكتروني بِكثرة من بِيع وشراء البضائع إِلِكْتِرُونِيًّا من خِلال شبكة الإنترنت، فإن القِسم الأكبر من اقتصاد اَلسُّوق اَلْيَوْم يتم عن طريق اَلتِّكْنُولُوجْيَا وقنواتها اَلْمُخْتَلِفَة، وَالْمُوَاطَنَة الرقمية يتمثل دَوْرهَا في تُثَقِّف اَلْمُوَاطِن بالقضايا اَلْمُتَعَلِّقَة بهذه العملية من حيث اَلْقَوَانِين واللوائح اَلْمُتَعَلِّقَة باستخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا، ولا سيما الأمن والأمان أو تلك الٌمتعلقة بقٌوانين الدولة. وعلي الرغم من مزايا اَلتِّجَارَة اَلْإِلِكْتِرُونِيَّة العَديدة لَابُدّ من أخذ الحيطة والحَذر لَمِنْ يُرِيد أن يشتري أو يبيع إِلِكْتِرُونِيًّا.

إن مقياس اَلْأُمِّيَّة حديثاً أصبح مُرْتَبِطًا بِقُدْرَة اَلْمُوَاطِن على استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا، لذا فإن اَلْمُسَاهَمَة في محو اَلْأُمِّيَّة الرقمية هي مسؤولية فردية وجماعية، فلا بُدّ من أن تتضافر اَلْجُهُود من أجل توفير فُرَص اَلتَّعَلُّم وَالتَّعْلِيم والتدريب لاستخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا وأدواتها اَلْمُخْتَلِفَة بالشكل الأمثل والاستفادة مِنها. ولأن اَلتِّكْنُولُوجْيَا شقت طريقها إلى جميع مجالات اَلْمُوَاطِن الحياتية، فإن اَلْمُوَاطَنَة الرقمية تَقُوم على تثقيف اَلْمُوَاطِنِينَ وتعليمهم رقمياً لما يحتاجونه من اَلتِّكْنُولُوجْيَا، واستخدامها بالشكل اَلْمُنَاسِب والاستفادة من إيجابياتها وتجنب سلبياتها، وكذلك إكساب مهارات محو الأمية اَلْمَعْلُومَاتِيَّة.

وَيُمْكِن دعم اَلْمُوَاطَنَة الرقمية من خِلال إصدار اَلْقَوَانِين والتشريعات اللازمة لإعادة النظر في مُمَارَسَات أبعاد اَلْمُوَاطَنَة الرقمية، وضرورة مُنَاقَشَة اَلْمُعَوِّقَات التي تُوَاجِه تطبيق اَلتَّصَوُّرات اَلْمُقْتَرَحة دَوْرِيًّا، لوضع خُطَط العِلاج اللازمة، وَالتَّدَرُّج في تطبيق مراحل الرؤية اَلْمُقْتَرَحَة، والتي تُوَفِّر تهيئة مُنَاسِبَة، واستعدادًا كافيًا لفهمها، وكذلك تَوْعِيَة اَلْكَوَادِر البشرية بأهمية اَلتِّكْنُولُوجْيَا الرقمية وَتَوْظِيفهَا، والاستعانة بذوي الخِبرات وَالْمُبْدِعِينَ في المجال التٌكنولوجي واختِيار فَرِيق عَمل جَيد لِوَضْع اَلْخُطَط اللازمة، وزيادة الدعم المطلوب مَادِّيًّا من قِبل الدول؛ لتَنفِيذ البرامج التثقيفِية وَالتَّدْرِيبِيَّة على استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا الرقمية. فَالْمُوَاطَنَة الرقمية ثَقافة يَجب الاهتمام بِها أولاً قَبل البَدأ في اَلتَّحَوُّل الرقمي. . وللحديث بقية، ،

قد يعجبك ايضا
تعليقات