القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الإسقاط النجمي

125

(الفكرة، الكيفية، ورأي الدين)
(الأخيرة) ..
كتب/ حمادة توفيق
عزيزي القارئ، سأضعُ بين يديكَ مخاطرَ الإسقاطِ النجميِّ، وقُبيلَ الختامِ سأذكرُ لكَ قصتينِ حولَ الإسقاطِ النجميِّ، ثم رأيَ الدينِ فيهِ كتجربةٍ، فأعرني سمعكَ وتابع.
مخاطرُ الإسقاطِ النجميِّ:
من أكبرِ عيوبِ الإسقاط النجميِّ حسبَ آراءِ الخبراءِ في هذا المجالِ نذكرُ منها ما يلي:
1- فتحُ العينِ الثالثةِ، والعينُ الثالثةُ معناها أنكَ بعد تجربتكَ سوف ترى أشياءَ مما وراءَ الطبيعةِ وعالمِ الروحانياتِ، وقتها من المحتملِ أن تفقدَ عقلكَ بنسبةٍ كبيرةٍ.
2- احتمالاتُ تلبسِ الجنِّ والمسُّ الشيطانيُّ، ففي مرحلةِ خروجِ جسدكَ الأثيريِّ يكونُ جسدُكَ مفتوحًا تمامًا لهذهِ الكائناتِ ومهيًأ لدخولُ أي شيطانٍ لداخلهِ، فبنسبةٍ كبيرةٍ عند ممارستكَ للإسقاط النجميِّ لن تعودَ بعدها كما كنتَ.
قصتانِ حولَ الإسقاطِ النجميِّ:
– فتاةٌ تبلغُ من العمرِ 15 عامًا، تقولُ أنها مهووسةٌ بالرعبِ وبعالمِ ما وراءِ الطبيعةِ، شغفها يزدادُ يومًا بعد يومٍ، وتحكي عن تجربتها:
كنتُ بعمرِ الـ 14 عامًا، وفي إحدى المرات وبينما أتصفح مواقع الانترنت، لفت انتباهي موضوع عن طريقة الإسقاط النجميِّ ومخاطرها، فشدَّ انتباهي وقرأتهُ كاملًا وازداد شغفي، فظللتُ أسبوعًا كاملًا أقرأُ عن الإسقاطِ النجميِّ وبعدها بدأت أسترخي وأبدأ في الإسقاط النجميِّ، في البداية فشلت ولكني كنت أسجلُ كلَّ شيءٍ في مفكرتي.
وفي إحدى المراتِ بدأتُ في الاسترخاءِ حتى شعرتُ بكاملِ جسدي متخدرًا وشعرتُ بعدها بضيقٍ شديدٍ في التنفسِ، حتي أنني كنتُ أشعر أنني سأختنقُ، حاولتُ التحركَ لكني لم أستطع، وبعد ثوانٍ شعرتُ أنني أرتفع في الهواءِ، فنظرتُ للأسفلِ ووجدتُّ جسدي ممددًا وكأني ميتة، شعرتُ بالرعبِ الشديدِ، ولكن بعد ثوانٍ أدركتُ أنني نجحتُ في الإسقاطِ النجميِّ ففرحتُ جدًا، طرتُ في الهواءِ ورأيتُ أشخاصًا جربوا الإسقاطَ النجميَّ مثلي، رأيتُ الشوارعَ والناسَ الذين يمشون بها ولا أحدَ يراني، كانت بالنسبةِ لي تجربةً ممتعةً للغايةً، وبعدها عندما أردت الرجوعَ لجسدي رجعتُ بسرعةٍ، ولكن بعدها ظلتْ تأتيني كوابيسٌ، وكنتُ أشعر بأشياءَ غريبةٍ ومرعبةٍ، فقررتُ ألا أجربها مجددًا.
– حسناً، أنا في الواقعِ أكرهُ ذلك لأن الطائرة النجمية مكان مخيف للغاية، أستطيع أن أرى جسدي بالإضافة إلى زوجي وطفلي نائمين، لأن نفسي النجمية عالقة في المشاهدة من السقف بينما تقف الأشكال السوداء المخيفة حول سريرنا ..
أرى أيضًا ما يُعرف باسم العناكب النجمية، وهي عناكب ضخمة تمتص الطاقة وتتغذى على هالات الناس، لقد رأيتها تتغذى على ابنتي الرضيعة وهي نائمة.
بمجرد أن يلاحظوا أنني أراهم يهربون رغم ذلك، الطائرة النجمية ليست أقل من مرعبة، ولا أفهم لماذا يريد أي شخص أن يكون هناك، أستيقظ من هذه التجارب وأنا أصرخ وأقفز من السرير وأهرب، لا يزال بإمكاني رؤية الطائرة النجمية لبضع لحظات حتى بعد أن أستيقظ وأحاول أن أشرح لزوجي ما هو موجود، ولكن من الواضح أنه لا يراه.
يحاول بعض الأشخاص غير المؤمنين إخباري بأنني أحلم، لكنني أعتقد أننا جميعًا نعلم أنه شعور مختلف، أن أحلم أو أن نكون في الواقع، بالإضافة إلى أنني نظرت بالفعل إلى ساعتي أثناء الإسقاط النجمي واستيقظت، وكان الوقت هو نفسه بالنسبة لي، أعلم أن ما رأيته كان حقيقيًا، على أي حال، لا أوصي بالإسقاط النجمي، إلا إذا كان ذلك غير مقصود بشكل واضح، كل ما يتعلق به مخيف وشرير.
الإسقاط النجمي في الإسلام:
فمصطلح الإسقاط النجمي علمٌ فلسفيٌّ؛ أي من علوم الفلاسفة؛ لأن مداره على النفس وقدراتها واتصالها بالبدن وانفصالها عنه، وهذه النفس هي الروح التي خلقها الله، وجعلها قوامًا لحياة البدن، ويسميها الفلاسفةُ النفسَ الناطقة، وهي عندهم من المجردات التي لا تقوم بها أيُّ صفة، ولعلَّ هذا المصطلح (الإسقاط النجمي) يمزج بين علم التنجيم الذي يقوم على تأثير النجوم والأحوال الفلكية في الحوادث الأرضية، وعلم الرُّوحانية، الذي يُعنى به الفلاسفة.
ويجب معرفة ما قامت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والعقل والفطرة حول هذه التجربة، فكل ما وافقها فهو حقٌ، وكل ما ناقضها فهو باطل، وما ليس من هذا ولا هذا فهو محل نظر وتردد.
وقد دل الكتاب والسنة على أن الإنسان مركبٌ من جسمٍ وروح، فالجسم هو بدنه المحسوس المشاهد، وهو الذي خلقه الله أطواراً: نطفة فعلقة فمضغة، حتى يكتمل خلقه وتصويره، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ).
كل هذا يتعلق بالجسم المحسوس المشاهد، وأما الروح فهي المخلوقة التي تنفخ في هذا الجسم بفعل ملَك الأرحام؛ كما دل على ذلك حديث ابن مسعود في الصحيحين، قال صلى الله عليه وسلم بعد ذكر أطوار تكون الجسم: (ثم يُرسل إليه الملكُ فينفخُ فيه الروح)، وبنفخ الروح في الجسم يصير حيًا ويحصل له الإحساس والحركة، وكان قبل ذلك ميتًا لاحس ولا حركة، وهذه الروح مع قربها واتصالها ببدن الإنسان هي من عالم الغيب، لا يعرف الناس من حالها إلا ما دلت عليه النصوص، وما يظهر من آثارها على البدن.
ومن الباطل مما ذُكر في شرح مصطلح الإسقاط النجمي والجسم النجمي:
دعوى بعضهم أن الإسراء والمعراج هو كذلك من مفارقة الروح للبدن، وعليه فالرسول صلى الله عليه وسلم إنما أُسري وعرج بروحه، والصواب عند المحققين أن الإسراء والمعراج كانا يقظةً لا منامًا، وكان بشخصه صلى الله عليه وسلم بروحه وجسده؛ كما قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)، والعبد اسم لمجموع الروح والبدن، وهذا أدل على القدرة الإلهية والفضيلة النبوية.
تساءلتْ إحداهن حول فشل محاولاتها لتطبيق مَا يُسَمَّى بالإِسْقَاط النجمي؛ حيثُ قامت بالتدرُّب على ذلك – كما ذَكَرَت – مراراً آخذةً بالأسْبَاب التي ذكرها أهلُ التجربة، إلا أنها رغم ذلك لم تُفلح، فما السبب؟
وَنَظَرًا لتكرار الأسئلة والتجارب المفتونة بعلم الطاقة الزائف، وجبَ الإيضاح، والله المستعان:
بدايةً؛ يُعرَّف الإِسْقَاط النجمي أو الأثيري أو الكوكبي، أو الطرح الروحي الإرادي أو الموت الصناعي – كما يصِفُهُ ابن خلدون – بأنهُ: “عملية يحاول فيها الشخص الخروج بجسده الأثيري عن جسده الطبيعي، ليستطيع التحرك كيفما يشاء بدون الالتزام بالقوانين الطبيعية”.
وعرَّفته الموسوعة الحرَّة بأنهُ:
“ تفسيرٌ افْتِرَاضيّ لحَالَة الخروجِ من الجسد وذلك بافْتِرَاض أَنَّ هُناكَ هَيْئَة نجميّة تنفصل عن الجسد الفيزيائي قادِرة على السفر خارجه.
ويُشير المصطلح إِلَى قدرة الشخص على ترك جسمِه والسفر عبر الجسم الأثيري لأي مكانٍ يريده – كما ذَكَرَت – أن فكرة الإِسْقَاط النجمي موجودَة مُنْذُ القِدم فِي العديد من الديانات حولَ العالم، وتُعْتَبَر كذلك أحد أشكال الأحلام الجلية والتأمل”.
وغيرهما من التعريفات التي تُجمع على اعتقاد وجود جسمين؛ أحدهما طَبِيعِيّ مادي محسوس، والآخر أثيري أو غير مرئي، وأنهما ينفصلان عن بعضهما البعض فِي عملية السفر خارج الجسد إلا من رابطٍ كالحبل السري يربط بينهما، ولدينا هاهنا وقفات:
– الأولى: معلوم أن مفارقة الروح للبدن تكون فِي مشهدين؛ مشهد النوم وهذه المفارقة الصغرى، ومشهد الموت وهذهِ المفارقة الكبرى، وهذان المشهدان لا يملكهما إلا الله عَزَّ وَجَلَّ، وبهذهِ الحقيقة الشَّرْعِيَّة وردت النصوص القُدسية، قَالَ تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمَّت فِي مَنَامِهَاۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ النومُ أخو الموتِ، ولا يموتُ أهلُ الجنَّةِ”.
فجمع بينهما صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بينهما من الاشتراك والتشابه فِي مباينةِ الروح للجسد ومفارقتها له.
وعليه فالسؤال يتوجه إِلَى القائلين بالإِسْقَاط النجمي: هل تصنِّفونه نومًا أو موتًا؟ فإن قَالُوا: نومًا أو قَالُوا موتًا فالجواب: أن هذَيْنِ الحالين بما يكون فيهما من مباينةِ الروح ومفارقتها للجسد جزئيًا أو كليًا، لا يملِكُهُ إلا الله وحدهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِذَا فمجرَّد القيام بتجارب الفصل والمباينة أو المفارقة للروح عن الجسد باجتهاد الإِنْسَان والتدريبات المزعومة التي يذكرونها يُعدُّ تعدِّيًا صارخًا سافرًا على شيءٍ من خصائص الربوبية – جلَّ الله وعزَّ -.
فالمرء يملك المقدمات لا غير؛ بمعنى أن الشخص قد يتخذ أسْبَابًا للنوَمِ ويهيءُ مقدماته لينام فِي الوقت الذي يريده مثلًا، وقد يوافيه النوم وقد يصيبهُ الأرق رغم أخذهِ بمختلف التدابير – هذا يعرفه الواحد من نفسه – فإن شاء الله له أن ينام نام، وإن لم يأذن الله تَعَالَى بمفارقةِ الروح للبدن مفارقة النوم لم ينم وإن فعل مَا فعل.
كذلك ربما يُقدم على محاولةِ قتلِ نفسه، ويتخذُ فِي سبيلِ ذلك الوسائل والتدابير، ومع ذلك لا يموت، بل قد يُصابُ بعاهةٍ جسدية أو مرضٍ مُقعِد أو بلاءٍ لا يُطيقهُ، فهو لم يمت لِأنَّ الخالق عَزَّ وَجَلَّ لم يأذن بمفارقةِ روحهِ لبدنهِ مفارقةَ الموتِ، فكل من النومِ والموتِ مفارقة الروح فيهما لا إرادية للمرء.
بينما أرباب نظرية الإِسْقَاط النجمي يزعمون أن تلك المفارقة؛ أَي فعل المباينة والفصل بين الروح والجسد إراديٌّ لهم، بأيديهم ووسائلهم وتمارينهم وتدريباتهم التي قد تمتد لأسابيع أو أشهر أو لسنوات.
فيُقال لهم: هذا نوعٌ ثالث؛ لا هو بالنومِ المعهود ولا الموت المعروف اللذين وردا فِي نصوص الشرع، وما دام كذلك فقولكم محضُ دعاوى تفتقرُ للدليل الشرعي، لِأنَّ الروح غيبٌ وسِرٌ إلهي؛ لِذَا فلا تُعلمُ حقائقها إلا بالخبر الإلهي فحسب؛ وَهُوَ الوحي، سبحانك هذا بهتانٌ عظيم.
أما التدريبات التي يزعمون، فمنها: التخيّل والتركيز والاسترخاء وتهَيْئَة المكان وتهدئة العقل، وترديد مُؤكِّدات لفظية، والاستماع إِلَى صوتيات معينة.
جاء فِي كتابٍ متخصصٍ مترجم: “ ويُفترض بعد إتمام هذا البرنامج أن تمتلك كل المهارات الضرورية لإحرازِ خروجٍ واعٍ من الجسد بالإرادة”، وذلك بعد ذكرهِ جملة من التدريبات والتمارين.
وبموضعٍ آخر جاء فيه: “ قد يتساءل البعض عن علاقة تحفيز الشاكرات بالإِسْقَاط النجمي؟ ببساطة عند الخروج من الجسد فالطاقة هي كلُّ شيء، مراكز الطاقة الثانوية والرَئِيسِيّة كلها تصبح نشطة، كما أن تحفيز مراكز الطاقة الثانوية يعمل على تكيّف جسم الطاقة وتهيئته للخروج ..
ومن أمثلةِ المُؤكِّدات اللفظية: ” أنا ألاحظ أنني أحلم، أنا أسيطر على أحلامي، أنا لديَّ القدرة على تحويل أحلامي الواضحة إِلَى تجربةِ خروج من الجسد”.
أما الأثر والانفعال جَرَّاء تلك المحاولات الطويلة والتدريبات والتمرينات المُضنية الشاقة، فجاء بمواضع من الكتاب؛ مَا بين ذكر الوخز والشلل وتسارع ضربات القلب، والاهتزازات والذبذبات، والأصوات المختلفة كرنين الجرس والأصوات الصاخبة العَالِية، وأصوات المناشير، والضوضاء الأثيرية – كما أسماها – ونداءات وضحكات بشرية، والدق على الأبواب، إِلَى آخر مَا أسماهُ بالهلوسة السمعية !!
ثم بمواضع أُخْرَى يطلب إِلى الممارس عدم الخوف من ذلك، ويوصيه بالهدوء والسيطرة على الوضع.
يقول مثلاً: “ ويجب أن تكون أكثر تأقلمًا مع حقيقة كونك روحًا وليس جسدًا فقط، وعيًا وليس مجردَ عقلٍ، يجب أَيْضًا أن تكون قد فهِمت بشكلٍ عام العملية التي يتم بها الإِسْقَاط النجمي، ومع ذلك فقد تظهر مشكلات عديدة عندما تبدأ في عمليةِ فصلِ الوعي عن الجسد فِعْلِيًّا، قد لا تملك خَوْفًا واعيًا تجاه الفكرة، ولكن عند التطبيق يختلف كل شيء، عندما تتحوَّلُ النظريةُ إِلى واقعٍ ملموس جِدًّا فإنك لا تملك سوى لحظات للتصرف.
الثَّانِية: إما أن يقولوا: مَا نفعلُهُ ليس متعلِّقاً بالروح، وإنما نفصِلُ جسدًا أثيريًا مضيئًا أزرقُ اللون ويُشبهُ في هيئته الجسدَ المحسوسَ المشاهَدَ، ويرتبط به بعد خروجه بما يشبه الحبل السري كيما يضِل فِي سفرهِ ورحلته !
فيُقال لهم: القولُ بوجودِ جسد أثيري دعوى تحتاجُ إِلَى إثبات.
ويرِدُ سؤالٌ آخر: أهذا الجسد الأثيري هو الروح فِي التصور الشرعي أم غيرها؟
فإن قيل نعم هو الروح، يرِد السؤال: كيف عرفتم أنه الروح، ومَا الدليل الشرعي الذي أَفَادَكم هذا المعنى القطعي؟ إذ التحدث على سبيلِ التخرص والحدس والتخمين مجازفةٌ شرعية خَطِيرَة وتقوُّلٌ على الله بغير علم. والروح كما هو معلوم سرٌ إلهي؛ لا سبيل لمعرفته إلا بتعليم الله لنا، قَالَ تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاً قَلِيلًا).
وإن قيل لا، وردَ الرد: أن زعم وجود جسد أثيري غير الروح والنفس فِي الجسم المادي، غَيْبٌ يَحْتَاج لدليلٍ شرعي أيضاً، لِأنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أخبر فِي كتابهِ الكريم عن النفس والروح، ولم يرِد ذكر مَا يُسَمَّى بالجسد الأثيري أو الطاقي الشفاف، كما لم يرِد ذكر الحبل الفضِّي الممتد الرابط بينهما فِي نقطةٍ من الرأس أو البطن – على اختلافكم فِي ذلك – والذي يُشبه فِي هيئته الحبل السُّري الرابط بين الأم وجنينها.
إن هي إلا تخرصات وتخيّلات وأوهام وثنيات الشرق ووضعياته القديمة، لِأنَّ العقل البشري لا يملك الخيال فيما لم يُشاهَد من قبل، فمن الخبرة السابقة عن الأشياء المرئية يُعمِلُ تراكيبًا شتَّى، كفكرة الحبل الفضي المزعوم !!
وترِدُ الأسئلة:
أين كان الحبل الفضي كامنًا قبل عملية السفر المزعومة من الجسد، وأين ينطوي حال العودة؟ وما أقْصَى طولٍ يتمددهُ فيما لو حاول الممارس الذهاب إِلَى مسافاتٍ بعيدةٍ أو الفضاءِ الكوكبيِّ المتخيَّلِ؟
وماذا عن حبال المجربين المتعددين الذين خرجوا من أجسادهم – على زعمكم – ألا تتداخل وتتشابك فِي الفراغ والفضاء؟
ثم كيف أن الجسد المسافر الخارج أثيريٌّ شفاف، والماديُّ لحمٌ ودمٌ يسري فِي العروق، ثم الرابط بينهما حبلٌ فضي من جنسِ المعادن؟ إنهُ لتنافرٌ فِي الفكرة يستبينُ به الوهم والتخليط، والبطلان والفساد فِي أصلِها.
أما التأثيرات؛ فلا والله، ليست إلا ضروبًا مِمَّا يعتري المصروع أو من به مس جَرَّاء تلاعُبِ الشيطان به، يقولُ ربنا تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ).
والحقائق الشَّرْعِيَّة تُثبت أن مع كل إِنْسَان شيطان، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ ما مِن آدميٍّ إلَّا له شيطانٌ.. “ وقال أَيْضًا – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – :” إنَّ المؤمنَ ليُنضي شياطينَه؛ كما يُنضي أحدُكم بعيرَه فِي السَّفرِ”.
وقال بأبي هو وأمي: “ ما منكُم من أحدٍ إلَّا وقد وُكِّلَ بهِ قرينُهُ منَ الجنِّ، قَالُوا: وإيَّاكَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: وإيَّايَ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أعانَني علَيهِ فأسلَمَ فلا يأمرُني إلَّا بخير”.
قال الشارح: “ يُبَيِّنُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَكايدَ الشَّيطانِ لا يَخلو مِنها أحدٌ؛ حتَّى نَكونَ مِنها على حَذَرٍ، فيقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنكم مِن أحدٍ، أي: مَهما بَلغَ منَ العِبادةِ والعِلمِ مَا بَلغَ، إلَّا وَقدْ وُكِّلَ به قَرينُه مِنَ الجِنِّ، أي: شَيطانٌ يُوَكَّلُ به يُغويه، ويُسوِّلُ له ويُشَكِّكُه فِي الدِّينِ. قَالُوا: وإيَّاكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: وَإيَّايَ، يَعني: لِي قَرينٌ مِنَ الجِنِّ كَما لكُلِّ إِنْسَان قَرينُه مِنَ الجِنِّ، إلَّا أَنَّ اللهَ أَعانَني عَليه فأَسلَمَ، يَعني: أَسْلَمَ الشَّيطانُ بأن صار مُسلِمًا، أو (فأَسْلَمُ) – بصيغة المضارع – أي: فأسلَمُ أَنا مِنه ومِن مَكرِه ووَسوسَتِه، فَلا يَأمُرُني إِلَّا بِخَيرٍ”.
وإذا كان قرين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأمرُهُ إلا بخير لأنهُ أسلم أو سَلَّمهُ الله منه، فقرينُ غيرهِ إغواؤهُ متحققٌ لصاحبه مَا لَمْ يُنضه بأسْبَاب الإيمان والتعلُّق بالله عَزَّ وَجَلَّ كما فِي الحديثِ الآنِف الذكر، فكيف بمن ضعف الإيمانُ فِي قلبه، فضلاً عن الكافر المتشبِّع بالهوى والضلال؟
فتحيِّن شياطين المسلم منهُ غِرَّة وغفلة إيمانية لاختلاسِ دينه والبقية الباقية من الإيمان عنده، هو من جنسِ تواطُئها مع أهلِ الإفساد من البشر؛ كالسحرةِ والكهنة وأهل العِرافة لتحقيق نفس الغاية المظلمة! كيف إن كانت العلائق بينهما جلية واضحة وضوح الشمس؟
جاء فِي ترجمةِ أحدهم بالإضافة إلى الأستاذ والماستير: هو خبير فِي علم قراءة كف اليد وقراءة وتحليل الخط والتوقيع، بِالإِضَافَةِ إِلَى توقع المستقبل، أَيْضًا خبير فِي التواصل الروحاني وتطهير النفوس والبيوت من الطاقة السلبية”.
ولعاقلٍ أن يتساءل: لماذا تنجح تجارب الإِسْقَاط النجمي فِي بيئاتٍ ليست على الإيمان الصحيح، فِي حين تفشلُ فشلًا ذريعًا إن مُورسَت فِي مجتمعٍ مسلم، أو جرَّبها امرؤٌ معهُ أدنى مراتبِ الدين والإسلام؟ كما لذلك العاقل أَيْضًا أن يلحظ نفسه أو من حولَهُ ممن يمارسون تلك التجربة الآبقة أتتأتى لهم مع محافظتهم على الصلاةِ والأذكار بهيئاتهما المشروعة، أم حال غفلتهم والشرود عن دينهم؟ – هذا إذا أغفلنا المدة الزمنية المتخرَّصة للتدريب، والتي قد تمتدُ لسنين عَدَدًا كما يزعمون – فهلا أوْبة؟ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).
– الثالثة: حَالَة النوم التي قدَّرها الله سبحانه وتعالى للإِنْسَان، إنما هي لحكمةٍ إلهية عظمى أخبرنا الله تَعَالَى بها فِي كتابهِ الكريم، قَالَ سبحانهُ: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا)، وقال عَزَّ وَجَلَّ: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا).
قال السعدي رَحِمَهُ اللهُ فِي تفسيره للآية الأولى: “ أي: راحة لكم، وقطعًا لأشغالكم، التي متى تمادت بكم أضرت بأبدانكم”.
وأَوْرَدَ الطبري عند تفسير الآية الثَّانِية: “ وقوله: (وَالنَّوْمَ سُبَاتًا)؛ يقول: وجعل لكم النوم راحة تستريح به أبدانكم، وتهدأ به جوارحكم”.
بل أخبر الله عَزَّ وَجَلَّ أن النوم والموت كلاهما من الآيات العظيمة الباهرة الدالة على قدرته سبحانه، وأمرنا بالتفكر فِي ذلك. قَالَ تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)، وقال سبحانه: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماًۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقال تبارك وتعالى فِي ختام آية الزمر: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
فزعم النوم الواعي أو اليقظة العقلية حال النوم الإِسْقَاطي المتوهَّم، يخرجه عن كونهِ آية توجب التفكّر والعلم بقدرة القدير سبحانه وتعالى لو فُرِض أن الإِنْسَان يملِكها، ناهيكَ عن أن ذلك الخروج الإرادي؛ بفصل الروح عن الجسم، لمجرَّد السياحة والسفر خارج الجسد ومشاهدة الغَيبيَّات واستكناه الماضي أو المستقبل فحسب، هو عبثٌ تتنَزَّهُ عنهُ أفعال الخالق عَزَّ وَجَلَّ وتقديرهُ الإلهي – تبارك الربُّ وجلَّ وعزّ -.
وسؤالٌ يرد: معلوم أن الروح تفارق البدن عند النوم مفارقةً جزئية، وتبقى حياةٌ تحفظ جسد النائم بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، فكيف أمكنكم التمييز بين ماهية الجزء المُفَارِق للبدن، وبين ماهية الذي فيه لحفظ حياته؟ وكيف آلية عودتها للبدن وصيرورتهما شَيْئًا واحدًا؟ وهل لون البَاقِي لحفظ حياة البدن كلونِ الخارج منه: مُشِعٌّ أزرقٌ، وأين يقع الحبل الفضيُّ منه؟
فالحق أن الإِسْقَاط النجمي محضُ أوهام وخرافة، وليس وراءَ تلك التدريبات المطوَّلة المضنية؛ من تركيزٍ واسترخاء وتأمل وترديد مُؤكِّدات وسماع صوتيات وإعدادٍ للأمكنة مع استعمال الخيال وتوظيفِ قوى البدن لتحفيز الطاقة، وُصُولًا لتفعيل الشاكرات ورفع طاقة الكوندوليني، ضمن عمليات معقَّدة تحتاج إِلَى وقتٍ طويل وربما سنوات، ليس وراء ذلكم سوى إضاعة العمر وإشغال النفس بغير مَا خُلِقت له، فهل من رشاد.
– الرابعة: مَا يُنسج حول تجارب وممارسات الإِسْقَاط النجمي من قصص وأساطير، محضُ أوهام وتخيِّلات وضلالات، كيف لا وأَظْهَرَ طرائقها الخيال.
ومعلوم أن شهادة المسلم العدل إن خالف الْكِتَاب وَالسُّنَّة ليست بمقبولة، فكيف بشهادةِ غيره وهي تحمل المنافاة الظاهرة للنص الشرعي؟
بل لو أطبق أهل الأرض على شهادةٍ تخالف الْكِتَاب وَالسُّنَّة، لم يؤخذ بمهاتراتهم تلك؛ إِذْ ليست لهم العِصمة لتكون أقاويلهم محل التصديق مطلقاً!! وإنما العصمة لإجماعِ الأمة، قَالَ تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ إن اللهَ قد أجارَ أمّتي من أن تجتمعَ على ضلالةٍ”.
وقال بأبي هو وأمي: “ إِنَّ الله تَعَالَى لا يجمَعُ أمتي على ضلالَةٍ، ويدُ اللهِ على الجماعَةِ”.
– الخامسة: المتأمِّل لتجارب الإِسْقَاط النجمي وما يذكرهُ أهل الممارسة والعلم به، يجد فيه الوجه الآخر لبعضِ ممارسات الصوفية، يقول أحد المتصوِّفة عند تفسيره لآية الزمر: “ ومثل النوم؛ حال الانسلاخ عند الصوفية، إلا أن المنسلخ حال اليقظة أقوى حالًا وشهودًا من المنسلخ حال النوم”.
فالانسلاخ من الجسد عند الصوفية يُقابلهُ الخروج من الجسد أو الطرح الروحي فِي الإِسْقَاط المزعوم، والغيبة عند الصوفية تقابلها الحَالَة الانتقالية فِي الإِسْقَاط النجمي (الغيبوبة). والحضور والصحو عند أرباب التصوف يقابله العودة للجسد عند أربابِ الإِسْقَاط! والاستبصار والجلاء السمعي والأحلام الواضحة عند أهلِ الإِسْقَاط يقابلهُ الكشف وتوابعهُ عند أهلِ التصوُّف، كما تقابل الترددات الصوتية – قبل الخروج المزعوم – عند أهل الإِسْقَاط، السماع والتطريب عند أهل التصوف !!
وغيرها من نقاط التقاطع والالتقاء لمن تأملها.
ولا فرق بينهما على الحقيقة سِوى فِي الغاية أو الهدف؛ فبينما يميل المشهد الصوفي لجانبٍ إيمانيٍ مشوَّه مبتدع؛ فيفعلهُ المتصوِّفة لشهود الحق أو الذهاب إِلَى الله بزعمهم، أو لنيل كرامةٍ مزعومة، يخلو المشهد الإِسْقَاطي من ذلك كُله تَبَعًا للنزعة المادية الطاغية ليصبح نزهة سياحية مُطلقة فِي عالم الغيب وما وراء المادة.
جلَّ الله :(قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ).
والملاحظ لما ذكرهُ شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ عن أحوال مُدَّعي كرامات الأولياء – وهي فرعٌ عن التصوف وبعض النِحَل – ينطبِقُ تَمَامًا على حال زاعمي الإِسْقَاط النجمي، يقول رَحِمَهُ اللهُ: “ النوع الثَّانِي: وهم أعظم؛ عندهم أحوال شيطانية تعتريهم عند السماع الشيطاني فتنزل الشياطين عليهم كما تدخل فِي بدن المصروع ويزيد أحدهم كمَا يَزِيد المصروع، وحينئذ يباشر النار والحيات والعقارب ويكون الشيطان هو الذي يفعل ذلك كما يفعل ذلك من تقترن بهم الشياطين.. “.
لذا أحسن ابن خلدون تشخيص تلك الممارسة الروحية ووصفها وصفًا دقيقًا، تتجلى منه جذور الخُرافة بين اختراعِ الأسلاف وتقليد الأخلاف، فقال: “ ومن الناس من يحاول حصول هذا المدرَك الغيبي بالرِّيَاضة، فيحاولون بالمجاهدة موتًا صناعيًا بإماتة جميع القوى البدنية، ثم محو آثارها التي تلونت بها النفس، ثم تغذيتها بالذكر، فتزداد قوة فِي نشئها.
ويَحصُل ذلك بجمع الفكر وكثرة الجوع، ومن المعلوم على القطع أنه إذا نزل الموت بالبدن ذهب الحس وحجابه واطلعت النفس على ذاتها وعالمها؛ فيحاولون ذلك بالاكتساب ليقع لهم قبل الموت مَا يقع لهم بعده، وتطّلع النفس على المغيبات.
ومن هؤلاء أهل الرِّيَاضة السحرية يرتاضون بذلك ليَحْصُل لهم الاطلاع على المغيبات والتصرفات فِي العوالم، وأكثر هؤلاء فِي الأقاليم المنحرفة جَنُوبًا شمالًا، خُصُوصًا بلاد الهند؛ ويسمّون هنالك الحوكية، ولهم كتب فِي كَيْفِيَّة هذه الرِّيَاضة كثيرة؛ والأخبار عنهم فِي ذلك غريبة”.
خِتَامًا ..
يُقالُ نصحًا لله ولرسوله ولدينه: من تخوَّض فِي أوحال علوم الطاقة الزائفة بعموم، والإِسْقَاط النجمي خآصةً فليُحدث توبةً نصوحاً وليعُد إِلَى الله منيباً إِلَيْهِ قبل الفوَات، وتالله لو لم يكن من الإِسْقَاط النجمي غير الرميِ لمعرِفةِ الغيب لكفى به محظورًا شرعيًا جللًا، كيف ووسائلهُ والسُبل إليه لا تخلو من عَبَثٍ وإهدار للوقت وإشراكٍ بالله؟
اللهُ ذو الجلال يخبر فِي محكم التنزيل أنهُ لا يُطْلِعُ على الغيبِ أحداً إلا من ارتضى من رسول، ثم يأتِ أولاء فيقولون: بوسعنا الاطلاع على الغيب، وأن نحييَ أنفسنا ونميتها، تلك ألسنةُ أحوالهم وأقوال كثيرٍ منهم – سبحانك هذا بهتانٌ عظيم -.
يقولُ ربُّ العزّة: (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
ويقول سبحانه: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) ..
آمنا بالله ورُسُلِه.
دينُ الـنبي محمد أخبــــارُ ..
نعـم المطـية للفتى الآثارُ !
لا ترغبن عن الحديثِ وأهله ..
فالرأيُ ليلٌ والحديثُ نهارُ !
ولربما جهل الفتى أثر الهدى ..
والشمس بازغة لها أنـوارُ !
#تمت

قد يعجبك ايضا
تعليقات