القاهرية
العالم بين يديك

سُبلٌ هي الحياة

182

بقلم/مودة ناصر

سُبلٌ هي الحياة، وليست السُبل -تلك- من التي تهبك خَيارًا أيهما تمضي؛ فالحيرةُ هنا تُصبِح رفاهيّةً لا تنالها.
سُبلٌ تضعُ بقدمِيك الصغيرتين على أعتابها، ولِأن تعبُر الطريق ويقولون مرَّ، -وحتى وإن لم يلتف أحدٌ لخُطاك الوحيدة، ولم يُؤنِسك بقولٍ في رحتلك البعيدة- ينبغي عليك أن تمرَّ، لأن الرحلةَ اقتضدت ذلك.

الطريقُ لوحةٌ تنقشها خُطاك، ونحن النسيج الذي أهدتهُ أمهاتنا للحياة، تُرى مَن يغزل الآخر، ومن يختارُ اللون؟. صوتُ الحياةِ قصيدةٌ يُلقيها الوجود، وفي الرحلةِ علينا أن نُتقِن الانصات، نُرتبَّ البيت تحت البيتِ، لنفهم الحكاية ونُتِمَّ القصيدة.

المُزامنةُ شبحٌ تُفتِّشُ عن أثرهِ وسط رُكامِ الوجودِ وتخفِّي الساعة، الأمرُّ أشبهُ بالسرابِ مُتماهيًا بالغياب.
مَن مِنّا اختار زمانه؟ ومنَّ قرر أن يكبُرَ اليوم، ويعود بعد غدٍ طفلاً؟. وسذاجةُ الطفولةِ التي ضحكت مِنّا، أغرَتنا بهوايةِ الاختيار والقرار، أن تختار لون ردائك وتقرّرُ اللعِب في الظل، ما لي لا أرى ظلاً اليوم؟ هل لأننا كبرنا وارتحلنا؟، أليس من المُفترضِ حينما نرحلُ يرحلُ ظِلُّنا معنا؟. أهذه خُدعةٌ كخدعةِ القمر والسحاب؟، كنت أظنُّ أنهما يسيرانِ معي ليلاً ونهارًا، وأن الرفقةَ دليلُ الإنسان في الحياة. مؤخرًا أدركتُ أن دروس الطفولة لا تكفي لتنشئةِ إنسانٍ يُسايرُ هذه الحياة..

تقفُ شريدًا ولا تعلمُ كيف تمضي السُبل التي وضعتك على أعتابها، لكنك تتبيّنُ أن الحياة مساراتٌ كثيرة، لا تنتظِرُ مَن يتوهَّم آمِلاً تلاقيها له في نقطةٍ واحدة وسبيلٍ واحد. وأننا النقوشُ التي ستترُك أثرها في كل السُبل، ليضمَّ الأخيرُ تعثرًا وثباتًا، دمعًا وفرحًا، توجسًا وأمانًا، قوةً ووهنًا، ما إن يجتمع البيت تحت البيت، تغزِلُك الحياة وتغزِلُها، تتمُّ الحكاية وتكتملُ القصيدة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات