مقال بقلم: نادرة سمير قرنى
إن الأم هى كلمة صغيرة ولكنها تحمل من المعانى الكثير والكثير؛ فالأم هى ذلك الشخص الذى حملك وحملنى فى بطنه تسعة أشهر, تحملت خلالها الكثير من الآلام والتعب, حتى إذا ما جاء موعد ولادتك, تحملت خلال هذه العملية ألم لا يتحمله بشر, وقد قيل عن ألم الولادة بأنه يعادل كسر 42 عظمه وهو ثاني أشد ألم بعد الحرق, ثم تخرج أنت وأنا للدنيا فتقوم على رعايتنا, فهى الشخص الذى يحضر الطعام وينظف ملابسنا ويسهر الليالى الطوال بجانبنا أثناء مرضنا, تبكى وتدعو المولى عزوجل أن ينجى وليدها ويشفيه من الداء الذى حال به, وهى الشخص الذى يستذكر لنا دروسنا.
خلاصة القول إن أدوار الأم لا تُعد ولا تحصى, ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: هل الأب ليس له دور فى حياة الأبناء؟ كلا إن منزلة الأب لا تقل عن منزلة الأم, فالأب هو ذلك الشخص الذى يمثل عماد المنزل, وبدون الأب يصبح المنزل كبناء بلا أساس, فالأب هو الشخص الذى يتعب من أجلنا يذهب كل يوم إلى عمله منذ الصباح الباكر لايكل ولا يتعب ولا يشتكى ألماً, وهو ذلك الشخص الذى يحاول أن يحقق لأبنائه كل ما يتمنون حتى وإن كان ذلك على حساب راحته, هو ذلك الشخص الذى يتمنى أن يرى أبنائه أفضل منه, فلا يبخل عليهم بأى شىء, وقد يضطر الأب للعمل فى أكثر من مهنة’, قد تكون إحداهما صباحاً والأخرى مساءاً؟ لماذا ؟؟؟؟؟؟ لأنه يريد أن يرى أبنائه سعداء.
ولذلك فقد أوصى المولى عزوجل فى سورة لقمان الآيات( 14, 15) بضرورة العناية بالوالدين كلاهما وليس أحدهما وأكد على ذلك لما لهما من مكانة عظيمة فقال المولى جل وعلا:
(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ. وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
إن الاحتفال بالأم لا يحتاج إلى يوم فى العام نتذكرها به, فالأم هدية وهبها المولى عزوجل لنا ولنا أن نحتفى بها كل يوم وليس يوماً واحداً, ليس الأم فقط ولكن الأب أيضاً, فهناك منا من رحلت عن دنياه أمه فصار الأب هو الأم والأب وكل شىء فى حياة الأبناء, فلنا أن نفخر كل الفخر بهؤلاء الأباء الذين ضحوا بكل شىء براحتهم وصحتهم وأعمارهم وأموالهم من أجلنا, والعكس كذلك صحيح فقد يتوفى الأب فتصير الأم هى كل شىء هى من يعمل من أجل توفير المال للأبناء وهى من يرعى ويذاكر للأبناء وهى من يسهر على تعبنا, لا تكل ولا تشتكى ألماً أو حزناً, تعمل وتضحى من أجل أبنائها وهى سعيدة, وقد أكد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على عظمة مكانة الأم فى الحديث التالى:
فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: ((جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله.. من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أبوك)) (متفق عليه(
إن دور كل منا يتلخص فى أن يبر أباه قبل فوات الآوان, فقد انتشرت فى الآونة الأخيرة قضية عقوق الوالدين وبشكل ملحوظ فى مجتمعاتنا العربية, نسمع كل يوم عن قصة الأبن الذى طرد والدته من منزله إرضاءًا لزوجته, وعن الابنه التى لم تبر والديها فتجاهلت مرض أمها أو أهملتها مبررة فعلها هذا بإنشغالها بأمور حياتها وزوجها وأبنائها, أيها السادة ” كما تدين تدان ولو بعد حين”, ما تفعله اليوم من بر أو عقوق سيعود إليك غداً أضعافاً مضاعفة, ألا تعلمون أن المولى عزوجل جعل الجنة تحت أقدام الأمهات, وقد جعل المولى عزوجل عقوبة عقوق الوالدين فى الدنيا حتى يرى كل منا بعينيه جزاء ما فعل سواء أكان خيراً أو شر, وقد أكد سيد الخلق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) على ذلك فى أحاديث عدة ومنها:
قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ، وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مِنَ الكَبائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ والِدَيْهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وهلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أبا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ).
وقوله (صلى الله عليه وسلم) أيضاً: (ألا أحدِّثُكم بأَكبرِ الكبائرِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قال: الإشراكُ باللَّهِ، وعقوقُ الوالدينِ).