كتب/ حمادة توفيق
ضربَ فأسَهُ في الأرضِ بعزيمةٍ لا تُفَلُّ وقوةٍ لا تَخورُ، توقفَ بُرهةً وقد سَرَحَ في مَهامِهِ الفكرِ، لاحتْ أمامَ ناظريهِ وجوهُ بنيهِ الخمسةِ يكسوها بؤسٌ كبيرٌ وَيُخَيِّمُ عليها فقرٌ مدقعٌ، عادَ يضربُ فأسَهُ بقوةٍ أكبرَ وعزيمةٍ أشدِّ، توقفَ مجددًا، لاحَ لناظريهِ منظرُ زوجتهِ الحبيبةِ، خالها أمامَهُ وقد تَزَيَّتْ بملابسَ رَثَّةٍ اهترأتْ وحالَ لونُها، عادَ يضربُ فأسَهُ مجددًا، لاحتْ له أُمُّه المريضةُ، أبوهُ المُسِنُّ، بَيتُهُ البسيطُ الآيلُ للسقوطِ، طفقَ يضربُ ويضربُ ويضربُ ..
تراقصتْ النيرانُ التي أوقدها غيرَ بعيدٍ منه لتجلبَ له الدفءَ وتنيرَ له المغارةَ، ذلك المكانَ الكائنَ في أطرافِ قريتهِ، والذي هجره الناسُ خوفًا مما يقطنهُ من الجنِّ والأشباحِ المخيفةِ.
ها هي الأرضُ تتسعُ تحتَ فأسهِ ويزدادُ عمقها، توقفَ ليستريحَ قليلًا ويلتقطَ أنفاسَهُ، مدَّ يدهُ ليمسحَ وجهه بعدما تَصبَّبَ عَرَقًا.
تذكر كلمات الشيخ:
– في هذا الموقع تحديدًا وعلى بعدِ خمسينَ مترًا، يقبعُ كنزٌ أثريٌّ من أيامِ الفراعين، كنزٌ عليه حارسٌ من الجنِّ، شديدٌ، لا يبرحُ مَكانَهُ البتّةَ، ولا تغفلُ عَينُهُ ولا يلين، فإذا تمكنتَ من النزولِ فَخَلِّ بيني وبين الحارسِ، ولنتقاسمْ الكنزَ مناصفةً.
لاحَ على وجههِ المرهقِ شبحُ ابتسامةٍ، أخذتهُ الحماسةُ فَشَمَّرَ عن ساعدينِ مفتولينِ، أَخَذَ نفسًا عميقًا، رفعَ فأسَهُ عاليًا، أَخَذَ القرارَ، فجأة ..
لمحَ شيئًا طويلًا أسودًا كالظلِّ يمرُّ من أمامِ النارِ، خفقَ قلبُهُ بشدةٍ، سرتْ دَاخلَهُ قشعريرةٌ باردةٌ وجدَ أَثَرَها في جسدهِ كلهِ.
نظرَ حوله وحول النار فلم يرَ أحدًا، سيطرَ عليه خوفٌ كبيرٌ، جلسَ القرفصاءَ والفأسُ في يدهِ:
– أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
سمع قهقهةً مرعبةً آتيةً من أعماقِ الظلامِ، نظرَ حوله خائفًا وجلًا.
ابتسم ساخرًا مما يرى كالذي يُقَوّي قلبَهُ، وقفَ في تحدٍّ بالغٍ ورفعَ فأسَهُ، أخذَ القرارَ، أحسَّ في قفاه بأنفاسٍ ساخنةٍ فاستدارَ فجأة، لم يرَ شيئًا، سمع القهقهةَ من جديدٍ وقد جاءته من أعماق الظلامِ البعيدِ.
– لا أخشاكم ولا أخشى بطشكم وسأواصل الحفر بكل قوة.
رفعَ الفأسَ عاليًا، أخذَ القرارَ، وبكلِّ عزمٍ اجتهدَ ليهويَ به، لكنه لم يطاوعه، توقفَ في الهواءِ وكأن شيئًا أمسكَ به، حاول انتزاعه فلم يفلح، نظر إلى الأعلى فإذا بعينين حمراوين مشقوقتين بالطول تُحَدِّقانِ فيهِ، سقطَ مغشيًا عليهِ، بينما هوى الفأسُ فوقَ رأسهِ فشجَّهُ نصفين.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
تتجه
- إجراءات محافظة بورسعيد تجاه تأمين الممر الأمن بورسعيد المطرية
- فكر بعمق وانقد بحكمة ورشة عمل برعاية الإدارة المركزية لتطوير المناهج ببورسعيد
- محافظ سوهاج يصدر قرارًا لإعداد خريطة معلوماتية تفاعلية لرصد التلوث البيئي
- تعالي نرقص
- في لقاء يجسد الوحدة الوطنية|وفد الكنيسة الكاثوليكية يهدي محافظ الغربية مصحفًا تأكيدا على اتحاد نسيجي الأمة.
- زمن الزيف
- “القحيف” ينعى مدير مكتب مصر في وفاة عمه
- تهنئة مقدمة إلى الدكتور عبد الباسط إدريس بمناسبة تعيينه مديرا لإدارة مركز القرنة الصحية
- لجنة من وزارة الشباب والرياضة تتابع المشروع القومي للياقة البدنية للناشئين بمركز شباب 15 مايو
- . “الفستان الأبيض وياسمين رئيس: ما الذي يسبق العرض المنتظر؟”
السابق بوست
القادم بوست
قد يعجبك ايضا
تعليقات