القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

سلسلة عالم وفكرة الجزء الأول

89

كتب د/ بدران رياض

العالم : الشيخ العلامة المربي أبو سعيد أحمد بن عيسى الخرّاز
الفكرة : ترتيب المقامات من مقام التوبة إلى مقام القرب
النظام التربوي عند أكابر رجالات التصوف الإسلامي يعنى بالتربية الروحية وبناء الشخصية السوية المنسجمة قلبا وقالبا مع تعاليم الإسلام السمحة التي تبتعد عن كل صور التدين المنقوص.
فالعلماء الربانيون يهتمون اهتماما عظيما بعمل القلب الذي هو محل نظر الخالق جل وعلا ولما كانت الأحوال والمقامات من أعمال القلب فقد نالت الحظ الأوفر من هذا الاهتمام .
ومن هنا فقد تحدث شيخنا أبو سعيد الخراز عن ترتيب الأحوال والمقامات فبدايتها التوبة وذروة سنامها القرب
فالتوبة وإن كانت وظيفة العمر ولكنها ضرورية للسالك في أول طريق فيقف من نفسه موقف المقت ويندم على ذنوبه وخطاياه ويعزم على التخلص منها عزما قد تولد من حرقة قلبه لاستحضاره لعظمة الله وجلاله وكيف أقدمت نفسه وتجرأت على عصيانه وقد غرها حلم الله عليها .
ويلازم التوبة الخوف وقد أضحى هو الغالب العبد فيصعد منها إلى مقام الخوف ولكن غلبة الخوف وسيطرته على النفس قد يتلف النفس أو يعرضها للقنوت ولذا ينتقل السالك سريعا إلى مقام الرجاء وليس معنى ذلك تخلي العبد عن مقام التوبة أو مقام الخوف
فإذا ما استحكمت فيه تلك المقامات عرج إلى مقام الصالحين ثم إلى مقام المريدين وهو مقام من يحقق المعاني الإيمانية فتهفو نفسه إلى مقام أرقى وهو مقام المطيعين فقد راقب جوارحه وألزمها الجادة واشتقاق إلى مقام المحبين وهو وصف إيماني عال قد مدح أصحابه في محكم التنزيل
فمن المحبين يرتقي السالك إلى مقام المشتاقين فيصل بها الارتقاء إلى مقام الأولياء فمن صعود إلى صعود ليصل إلى مقام المقربين وهو أعلى المقامات.
وهذه المقامات وإن كانت مكتسبة إلا أنها محض فضل ومنة من الله تعالى بمعنى أن العبد يحتاج إلى عون البارئ وتوفيقه في كل مقام يرتقي إليه
ولنا أن نقرأ الآن عبارة الإمام الشيخ أبي سعيد الخراز : “أوائل الأمر التوبة ، ثم ينتقل إلى مقام الخوف ، ثم إلى مقام الرجاء ، ثم منه إلى مقام الصالحين ، ثم إلى مقام المريدين ، ثم إلى مقام المطيعين ، ثم منه إلى المحبين ، ثم ينتقل إلى مقام المشتاقين ، ثم منه إلى مقام الأولياء ، ثم منه إلى مقام المقربين .”

قد يعجبك ايضا
تعليقات