بِقَلَم / رانِيا ضَيْفٌ
دعنى أعيدك غريبًا كَمَا كُنْت
فَلَا يَلِيقُ بِك الْقُرْب ، وَلَا يَلِيقُ بِك الْحَبّ .
دعنى أَنْسَى بنسيانك أَوْقَات انْتِظَارُك الَّتِى اغتالت أَيَامَى بِلَهِيب مستعر لَا يَهْدَأ وَلَا يخبو . .
أمسكتنى مِن يَدَى وَأُلْقِيَت بِى فِى بِئْرٍ سَحيق مُظْلِم ؛ لَا يضيؤه النَّهَارِ وَلَا يُعْرَفُ قَمَر اللَّيْل وَنَوْرَة .
ظُلْمَة وَرَاء ظُلْمَة ، وَلَا شيىء يُرى عَلَى الْإِطْلَاقِ . .
مَرَارَة فِى الْحَلْق ، وغصة فِى الْقَلْب ، وَانْكِسَار فِى الرُّوح .
أَكَاد لَا أَتَذْكُر كَيْفَ كَانَتْ حياتى قَبْلَك !
لَيْتَنِى أَعْلَم فَأُعِيد نَفْسِى سِيرَتِهَا الْأُولَى .
ولكننى تَتَبَّعْت مَسَالِك الْهَوَى وضللت الطَّرِيق ،
فَلَا وَصَلَت وَلَا عُدْت مِنْ حَيْثُ أَتَيْتُ .
غَرِيبَةٌ أَنَا فِى عَالِمٌ غَرِيبٌ ، لَا ونيس فِيهِ وَلَا جَلِيس .
وَكَان اِخْتَفَى الْعَالَمِ مِنْ حَوْلِى أَو أننى فُقِدَت بُصْرَى فَلَم أَعُدْ أَرَى !
انتظرتك بِلَا أَمَلِ حَتَّى اسْتَوْحَشْت أشواقى فَبَاتَت تنهشنى ، وَأَوَّلُ مَا تغذت عَلَيْهِ هُوَ السَّلَامُ الَّذِى كَانَ يلازمنى فتخليت عَنْه لأغرق فِى بحرك الْمُظْلِم ، تتلاطمنى أَمْوَاجِه الغاضبة فأصارع مُوَجَّهٌ تِلْو أُخْرَى إلَى أَنْ أَلْقَت بِى عَلَى شاطىء النِّسْيَان .
عَلِمْت الْحَبّ نُورًا وَضِيَاء وَفَرِحًا ولكننى لازلت أتخبط فِى دُرُوب أَوْهَامُه ، ويموه طرقاتى الظَّلَام !
رُبَّمَا خطئى أننى أحببتك حَتَّى انْعَدَمَت رؤيتى
فَلَم أتحسس خطواتى ، فزللت فِى بُحُور الْعِشْق ،
وَتَنَاسَيْت أننى لَا أَجْيَد السِّبَاحَة فَغَرِقَت . .
أَنَّا لَا أبكيك ولكننى أَنْعَى قَلْبِى الَّذِى سَكَن وذبلت أَوْرَاقَه فِى عُنْفُوَان الرَّبِيع ، فَلَا وُرُودَ نَبَتَت بِه ، وَلَا بُذور أَدَّخِرُهَا لَتُنْبِت ذَات رَبِيع ، فَيُعِيدُه الْعِشْق لِلْحَيَاة مَرَّةً أُخْرَى .