القاهرية
العالم بين يديك

الشغف وانطفاؤه ( ٣)

214

رانيا ضيف

تناولنا فى المقالات السابقة تعريف الشغف وأهم سماته، وعرفنا خطوات تساعدنا فى التعرف على شغفنا؛
ولكن ماذا لو بعد فترة من نعيم ممارسة الشغف والإقبال على الحياة، انطفأ فينا ذلك الفتيل المضيء فى أعماقنا ؟!
فقدان الشغف حالة أشبه بالمياه الراكدة، والجزر المهجورة، وسكون الموتى،
وقد يتطور لفقدان الإحساس بالحياة ولذتها حيث يتلاشى وهج الرغبة ..
فاقد الشغف هو كالمفلس من الأحلام والآمال، والقدرة على البذل والإنجاز، فهناك شيىء ما بداخله يمتص كل وميض نور ليسود ظلام موجع، فلا قدرة على التفاعل مع الناس والحياة !
تصيب الإنسان حالة من الخدر العاطفى بعد انطفاء الشغف .
فعواطفك غير قابلة الترجمة للغة مفهومة،
فيكون إدراك المشاعر والتعبير عنها فى غاية الصعوبة !
فلا قدرة على الاستمتاع لحظات الفرح وإن كانت انتقالات مصيرية، وعدم الشعور بالحب والحماس لأى من المثيرات المحيطة، فلا فرح ولا حزن قادرين على إشعال جذوة الحياة بداخلك، حالة من اللامبالاة وعدم الاكتراث تجاه كل شىء !
وصف درويش هذه الحالة فى قصيدته ليتنى حجرا فقال : ( لا أحن إلى أى شيء )

فما هى أسباب انطفاء الشغف ؟!

* فى الغالب هذه الحالة ناتجة عن شيء خارجى يسبب لك الألم، فربما شيء مفروض عليك ونفسك لا ترغبه أو تعلق شديد بشيء ولا تستطيع الحصول عليه !فاكتشف هذه الأشياء وحاول التخلص من تأثيرها السلبى عليك . وهون على نفسك فكل حدث أو مرحلة يمر بها الإنسان هى فترة لترقية روحه معرفيا وسبيل لتطوره .
* اعتناق أفكار سلبية عن نفسك وعن هدفك .. أى أن تعتقد أنك غير قادر على تحقيق هدفك أو أنه صعب التنفيذ .
* عدم ثقتك فى خططك التى وضعتها لتحقيق هدفك، فهى غير مقنعة لعقلك الذى بدوره يقوم على إفقادك شغفك وحافزك للإنجاز .
* الخوف من الفشل لعدم إيمانك بذاتك وقدراتك .
* الروتين والتعود والانتظار هم قتلة الشغف .
إذا ما السبيل للخروج من هذه الحالة المؤلمة على النفس والروح ؟!
يبدأ الحل من التقبل، اقبل شعورك وعش فى اللاشيء لفترة، خذ قسطا من الراحة من كل شيء.
أى أن تفقد الشعور بالوقت والآخرين دون الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير، فلا تسمح لشيء أن يقيدك ويجعلك أسيرا له، فلا هدف ولا مقارنات بأحد.. الشىء الوحيد المسموح به إن استطعته
هو تَعَلُم شيء جديد مختلف ممتع كمرحلة انتقالية، ثم العودة مجددا للأهداف الأساسية لاحقا .
فهى فترة ضرورية للمرور من تلك الحالة بسلام
ثم بعد فترة من الراحة وفصل المحرك، فلتبدأ الآن العمل على تحفيز الشغف من جديد؛

أولا: ابعد عن الأشخاص المتشائمين والسلبيين،
ابعد عن الأشخاص الذين يسلطون الضوء دائما على المشاكل ولا يبحثون عن الحلول، وتقرب من أولئك الذين يزرعون الأمل ويحثونك على الاجتهاد والبحث عن حلول، فهم قادرون على غرس الحماس داخلك .
ثانيا : الإيمان بقدراتك والتركيز على مميزاتك،
فلا تقلل أبدا من قدراتك لأن ذلك سيجعلك عرضة للفشل فى أى شيء حتى لو كان بسيطا،
بل ادعم ذاتك وآمن بنفسك وقدرتها على الإنجاز، فلكل إنسان نقاط قوة ومميزات وصفات يتميز بها، فابحث عن هذه الصفات وعززها .
ثالثا :تخطى المشاعر السلبية
ربما شعرت بمشاعر سلبية وبفقدان الحماس وأثر ذلك على الأداء فى العمل، فتوقف قليلا واعلم أن الناجح هو الذى لديه القدرة على الحركة بعد السقوط من دون أن يفقد حماسه .
رابعا: ابعد عن التكاسل
فالكسل هو عدو الحماس الأول، فهو يقتل المبادرة، فإذا شعرت به شجع نفسك بكلمات إيجابية تحفز الحماس، وعندما تأتيك فكرة وتتحمس لها بادر على الفور فى تنفيذ ولو خطوات بسيطة بها كى لا تهدر تلك الطاقة فى لاشيء .
خامسا : تنازل عن الأحلام الكبيرة مؤقتا
ابدأ فى تحقيق انجازات بسيطة حتى تسعد روحك، وتستعيد الثقة فى قدرتك على الإنجاز شيئا فشيئًا، ستدب فيك روح الشغف من جديد، عندئذ تستطيع العودة لتحقيق أحلامك الكبيرة بخطوات مرحلية .
سادسا : اهتم بالتفاصيل
فالاهتمام بالأشياء الصغيرة قبل الكبيرة تشعل الحماس داخلك .
وأخيرا ؛ كن صبورا
فالأشخاص الذين يتوقعون نتائج سريعة ولا يجدونها يفقدون الدافع والحماس .
وبهذا المقال نكون قد انتهينا من سلسلة الشغف وانطفاؤه واطلعنا على عدة طرق لإشعال جذوة الحماس من جديد ومن ثم الشغف فتعود لنا الحياة ولذتها مجددا .

قد يعجبك ايضا
تعليقات