بقلم/ رانية البرديسي
سيأتي يوم..تجلس وتغمض عينيك، و ترى ببصيرتك ما عجز
عنه البصر دهرًا..وكم من رحمة خفية وحب إلهي في ذاك اليوم .. ستراجع رحلتك أين بدأت وكم محطة عابرة شاهدت !
وكم رصيف في الصيف خطوت !
وكم قبلة قصدت!
كم من ميناء حرب وسلم رسيت !
كم إنذار سمعت وكم لحن غنيت !
من أنا وماذا فعلت وقدمت وجنيت؟
هل أنا ما يراه الأخرون من جسد ولون وعرق؟
أم أنا و ما في قلبي لله ولله ما صدقت !
ستُحصي حينها الغنائم والهزائم ..
وما أكثر و أحزن الهزائم ..
ستُبصر الحقيقة ..
حقيقة الدنيا الفانية القاتلة ..
ستسأل ذاتك و عليك حينها السلام و الصفح ..
كم قتلت بك الدنيا حنينا وأتلفت نبضا عن عمد؟
كيف عصفت بك الدنيا إلي آخر زفير؟
ماذا أخذت منها وماذا تركت وتخليت؟
كم معطف ارتديت ومن برد أيامها القاسية احتميت؟
كم لون زاهٍ لونت و فراشة على جدران الزمن رسمت؟
كم كنز في رحلتك وجدت و أخذت و تركت و اغتنيت؟
كم صدق في رحم كذب الدهر حشدت !
أنت الأن ما لا يرى الناس . أنت أنت.
كما ذُكر اسمك سلفا في كتاب القدر و حكمة الرب ..
أنتَ عملك لا اسمك . أنت طريقك..
أنتَ كل كلمة طيبة نطقت، صدقة في يد الرحمن وضعت ..
أنت كل قلب جبرت أو تجبرت …
أنتَ كل صرخة عدل أو نفاق أطلقت ..
أنتَ كل زهرة غرست أو دهست ..
أنتَ كل قطعة طعام قسمت أو اقتسمت ..
فلنبصر جميعًا رحلتنا و نتأمل دروبنا ..
و نُحسن الخطى و نصدق و نخلص و ننتظر ..
ضريبة الدرب؛ الصدق فيه و إحسان العمل؛الإخلاص له ..
أغمض عينكَ و ابصر رحلتك أين و متى وكيف و إلى أين؟
اغمض عينيكَ الأن قبل غد وتمعن و اقترب من الحق ..
والأن أذكر قول؛
“إن حضارة الإنسان و تاريخه و مستقبله .. رهن كلمة صدق و صحيفة صدق و شعار صدق.. فبالحق نعيش..”
د. مصطفى محمود
– رانية البرديسي.
لوحة” العودة الي الديار” (Hans Aldouf Bohlur (1977