القاهرية
العالم بين يديك

متواليات العجز في الإبداع الأدبي والفني.. رؤية في إبداع ما بعد الحداثة

135

 

بقلم ـ الدكتور محمد سيد الدمشاوي

لا تكاد تمر فترة زمنية قليلة في تاريخنا المعاصر إلا وتفاجئنا المدونة الأدبية والنقدية بالجديد والمثير والمشكل من فنون وأشكال وصيغ وأنماط الكتابة الإبداعية شعرا كانت أو نثرا

وتحت مبررات التجديد والتغيير والسرعة والعولمة والحجج الوهمية ، وتحت عناوين وهمية وهلامية يتم تغييب الحد الأدنى من جماليات الفنون التي أنتجتها عقول وأفكار وملكات وتركمات الأجيال الماضية بصورة تشعر أنها مقصودة ومتعمدة.

 

بعضها تنتجه البيئات الغربية المختلفة فكرا ولغة وتراثا وعقيدة وأيديولوجية وطبيعة حياة ، وأجواء تكاد تختفي فيها المشتركات إلا على المجال الانساني أو البشري على وجه التحديد.

 

وبعضها تنتجه البيئات العربية ، وهو قليل جدا ، ولا يكاد يرى بالعين المجردة ، فإذا ما تفحصته ، وأرجعت البصر والفكر فيه كرتين فإنك لا ترى سوى اتباع وتقليد أعمى ، دون مراعاة لخصوصية البيئة والتراث والفكر واللغة والأيديولوجيا وأنماط الحياة إلى آخر هذه القضايا المتعددة .

 

ثم تنشغل الآلة النقدية هي الأخرى ، وتحت إغراءات العصرنة والتحديث مرة ، والانبهار الزائف مرة أخرى بتسويغ غير السائغ ، وتقريب غير القريب ، وإضفاء المشروعية على ما لا مشروعية له .

 

وخلف هذه الآلة المصطنعة في أكثرها ، يتلقف مجموعة من أنصاف الموهوبين هذا الهراء المسمى إبداعا ، والرجيع المسمى نقدا ، ليمارس ما أتيح له من فنون أدبية خارجة عن المعايير المعروفة في عالم الإبداع والفنون والجماليات ، لا تحتاج منه سوي نصف موهبة أو ربع موهبة ، ولا تكلفه طاقة فكرية أو حتي تفكيرية تذكر ، ليغطي كما كبيرا من الأوراق البيضاء الناصعة بأشكال ومسميات لا تمت إلى فنون الإبداع إلا في بعض عناوينها الزائفة ، ويرسل بها إلى المطابع لتزيد المكتبة العربية تكدسا بعد تكدس ، وحشوا هراء لا طائل من ورائه ما بين شعر منثور ، وبين نثر مشعور. وبين مسخ زائف لا هو بالشعر ولا بالنثر ، لتتأكد يوما بعد يوم متواليات العجز الابداعي وتتوثق ، وتضيع معها هويتنا وخصوصيتنا من ناحية ، ومن ناحية أخرى يضيع معها رونق الإبداع الفني الحقيقي الأصيل ، والذائقة الأصيلة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات