القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن نبى الله اليسع ” الجزء الأول “

100

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن من خصائص رسالة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم شموليتها وعمومها لكل الناس، إلى قيام الساعة، وإن الحكمة في كون رسالة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هى آخر الرسالات السماوية، وهو أن كل رسول من الرسل الكرام السابقين يختص بتقويم الانحراف الحادث في عصره وموطنه، وأن الأمم على عهد الرسل الأولين تعيش في عزلة لا تقارب بينها، ولا اتصال إلا على الوسائل البدائية، وقد علم الله تعالى أن الأمر سيتغير بعد رسالة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأن التواصل بين الأمم سيختلف عن العزلة التي كانت في السابق فأصبحت المسافات مطوية، والاتصال الأممي واقع، لا سيما في العهود المتأخرة، مما جعل حمل الرسالة إلى جميع من في الأرض متاحا، فاقتضت حكمة الله تعالى ختم الرسالات برسالة واحدة شاملة عامة، وأما عن نبى الله اليسع عليه السلام فهو نبي من أنبياء الله الذين لم تذكر الكتب المدة التي عاشها، لكنه كان في منطقة بانياس في سورية من أرض الشام، وقد ذكره الله تعالى مع الأنبياء، في سورة الأنعام في قوله تعالى” وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين” وقال تعالى كما جاء في سورة ص ” واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار” وقال إسحاق بن بشر عن قتادة، عن الحسن قال كان بعد إلياس، اليسع عليهما السلام.

فمكث ما شاء الله أن يمكث، يدعوهم إلى الله تعالى مستمسكا بمنهاج إلياس وشريعته، حتى قبضه الله عز وجل، إليه، ثم خلف فيهم الخلوف، وعظمت فيهم الأحداث والخطايا، وكثرت الجبابرة، وقتلوا الأنبياء، وكان فيهم ملك جبار عنيد طاغ، ويقال إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب وراجع، دخل الجنة فسمى ذا الكفل، وقال محمد بن إسحاق هو اليسع بن أخطوب، وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر، عن اليسع أنه هو الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، ويقال هو ابن عم إلياس النبي عليهما السلام، ويقال كان مستخفيا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك، ثم ذهب معه إليها، فلما رفع إلياس خلفه اليسع فى قومه، ونبأه الله بعده، وقد ذكر ذلك عن وهب بن منبه، قال، وقال غيره كان الأسباط ببانياس، اليسع، وهو اسم واحد لنبي من الأنبياء الكرام عليهم السلام وقد قيل إنه ابن أيوب ، والله أعلم بالصواب، وقد ذكر الله اليسع في القرآن مرتين، وقد أوجز القرآن الكريم عن حياته فلم يذكر عنها شيئا، وإنما اكتفى بذكره في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم إجمالا وتفصيلا، وكان بعد إلياس اليسع عليه السلام، فمكث ما شاء الله أن يمكث يدعوهم إلى الله مستمسكا بمنهاج إلياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل إليه ثم خلف فيهم الخلوف وعظمت فيهم الأحداث والخطايا.

وكثرت الجبابرة وقتلوا الأنبياء، وكان فيهم ملك عنيد طاغ، ويقال إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب ورجع دخل الجنة فسمي ذا الكفل، رواه ابن إسحاق، واليسع قيل هو الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، ويقال هو ابن عم إلياس النبي عليهما السلام ويقال كان مستخفيا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك ثم ذهب معه إليها، فلما رفع إلياس خلفه اليسع في قومه ونبأه الله بعده، رواه ابن عساكر ويقال أنه ابن عم إلياس النبي عليهما الصلاة والسلام، وخليفته على بني إسرائيل ونبأه الله على بني إسرائيل وأوحى اليه وأيده، وذكر الحافظ ابن عساكر أن نسبه يصل إلى أفرائيم بن يوسف الصديق وهو من أنبياء بني إسرائيل، ويقال أن اليسع صنع مثلما صنع عيسى مشى على الماء وأحيى الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص، ويذكر بعض المؤرخين أن دعوته في مدينة تسمى بانياس إحدى مدن الشام، ويروي بعض العلماء قصة حدثت في زمن اليسع عليه السلام، فيروى أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال من يتقبل لي بثلاث استخلفه يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب، فقام رجل تزدريه العين، فقال أنا، فقال أنت تصوم النهار وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال نعم، لكن اليسع عليه السلام ردّ الناس ذلك اليوم.

دون أن يستخلف أحدا، وفي اليوم التالي خرج اليسع عليه السلام على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا، فاستخلف اليسع ذلك الرجل فجعل إبليس يقول للشياطين عليكم بفلان، فأعياهم ذلك، فقال دعوني وإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النومة فدق الباب، فقال ذو الكفل من هذا؟ قال شيخ كبير مظلوم، فقام ذو الكفل ففتح الباب، فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل بين الناس، وذهبت القائلة، فقال ذو الكفل إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك، فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام، لكن الشيخ لم يحضر للمجلس، وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ، وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخ لم يحضر أيضا، ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب، فقال من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم، ففتح له فقال ألم أقل لك إذا قعدت فأتني؟ فقال الشيخ إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني، فقال ذو الكفل انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني، ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام.

فإني قد شق عليّ النوم، فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري، فقالوا لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحدا يقربه فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل فقام ذو الكفل إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أعدُوّ الله؟ قال نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك، فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به، إلا أن سيرته وهويته تبقى مجهولة في التاريخ، ولم يصل العلماء أو المؤرخون لحقيقة واحدة توضح سيرة اليسع الذى ذكره الله تعالى، وذكر في الأحاديث النبوية الشريفة، وبحسب دراسة بموقع “حوزة الهدى للدراسات الإسلامية” فإن القرآن الكريم لم يتصد لبيان أحواله والتعريف بهويته لكن المعروف بين المفسرين أنه من أنبياء بنى إسرائيل، وقيل إن اسمه واسم أبيه اليسع بن اخطوب بن العجون، واليسع اسم أعجمي غير مشتق، وقرأ حمزة والكسائي اسمه بلامين، وبحسب بعض الروايات فإن هذا النبي الكريم اليسع كان قد بُعث قبل نبى الله عيسى عليه السلام، وقيل وقد بُعث بعد ابن عمه إلياس عليه السلام في بعلبك وما حولها لدعوة الناس إلى وحدانية الله، وأشار العلماء إلى أن اليسع صنع مثلما صنع نبى الله عيسى عليه السلام.

فقد مشى على الماء واحيى الموتى وابرأ الأكمه والأبرص، وقال ابن تيمية في “الجواب الصحيح” إن من المعجزات التي أيّد الله بها اليسع عليه السلام أنه أحيا الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص، واستيبس له نهر الأردن فمشى، كما وردت به الكتب الإسرائيلية، والله أعلم بصحة ذلك، والبعض يعتقد أن اليسع عليه السلام هو يوشع بن نون أحد أنبياء بنى إسرائيل المعروفين، أما اليسع أو اليشع وهو اسم عبراني معناه “الله خلاص” وقد ظهر في التوراة على أنه خليفة إيليا في العمل النبوي في المملكة الشمالية، وكان أليشع ابن شافاط وهو من سبط يساكر، وقد أقام في آبل محولة في وادي الأردن، وكان ينتسب إلى أسرة ثرية، لأن حقل أبيه كان يستلزم أثني عشر زوجا من الثيران لحرثه، وقد وجده إيليا يحرث فدعاه للعمل النبوي إذ طرح رداءه عليه وعندما ذهب إيليا إلى ما وراء الأردن ليُنقل إلى السماء ذهب أليشع رداء إيليا وضرب بالرداء مياه الأردن فانفلق الأردن وانشطر وعبر أليشع إلى الجانب الغربي من النهر، ولم يَرد الكثير من التفصيل حول قصته عليه السلام والمعروف عند اليهود باسم إليشع، وعلى الرغم من ذلك تضمنت قصته مع قومه المفهوم العام لدعوة جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام وهو القيام بتبليغ الرسالة وتأدية الأمانة ودعوة الناس إلى الطريق القويم طالما هم على قيد الحياة.

كما تضمنت قصته إتباعه لمن سبقه من الأنبياء فشريعة الأنبياء واحدة، وتضمنت الإتيان على موقف بني إسرائيل من أنبيائهم ذلك الموقف المتكرر مع كل نبي ورسول وهو التكذيب والتعذيب والخذلان، ولم يذكر في القرآن الكريم بصورة منفردة وإنما جاء ضمن مجموعة من الرسل الكرام عليهم السلام، والذين شهد لهم الله تعالى بأنهم من الأخيار أي المختارين لطاعة الله والقيام بواجبه وعبادته وهو من فضل الله عليهم كي يرفع من قدرهم في الدنيا والآخرة فهو بذلك واحد من الرسل الذين يتوجب على المسلم الإيمان بهم كي يحقق مفهوم واحد من أركان الإيمان ألا وهو الإيمان بالرسل جميعا، وقد ذكر النبي اليسع في القرن الكريم في سورة الأنعام فيقول الله تعالى ” وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين، ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون، أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين” وقد ذكر في سورة ص “واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار” ولم يتم ذكر النبي اليسع في أي سورة أخرى كما أن المعلومات المتوفرة عن حياته والمدة على عاشها والفترة التي عاصرها والتي قدمها العلماء قليلة جدا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات