بقلم/ شروق صالح
” مشاعري مضطربة يملؤها الكثير من الخوف خشية اكتشاف المجهول وبين رغبة في معرفة ذلك المختل الذي يطلق على نفسه “معجبي السري”، ورسائل غرامية تصلني كل يوم دون انقطاع منذ تلك الرسالة الملعونة المتضمنة عقد “مقهي باسمي” مُهدى إليّ ومنذ تلك اللحظة وأنا أبحث يومياً عن مالكه السابق دون جدوى.”
تنهدت كرستين فور انتهائها من حديثها لذاتها وهي ترتدي ملابسها والتوتر بادٍ على وجهها…
وها هي تغادر منزلها متجهة لذلك المقهى..
كانت تسير بخطوات بطيئة، تقف تارة وتكمل سيرها تارة أخرى والرعب يسيطر عليها…
وداخلها ألف سؤال وسؤال ونسيم الهواء يرتطم في وجهها إلى أن وصلت للمقهى ووقفت أمامه بهدوء مطلقة زفير يقطع هدوءها.
دخلته لتجد عدد لا بأس به من الفتيات والفتيان يجلسون في أرجاء المكان يتبادلون أطراف الحديث.
قالت بصوت خافت “أظن بأنه لم يصل بعد”
اتجهت لتجلس على إحدى الطاولات…
مضى الوقت سريعاً وبدأ الضجر والقلق يسيطران عليها وعندما همت بالنهوض استوقفتها تلك الصرخات المدوية التي سترت صوت الموسيقى الرومانسية، قادمة من خلفها وقد ملأت أرجاء المقهى اتسعت عينيها وهي تشاهد الجثث والدماء تتطاير يميناً ويساراً بينما هي واقفة وسط هذه المجزرة تراقب الجميع وهم يقتلون بعضهم البعض وقد غشى عيناها الصدمة، ليكسر هذا كله صوت ضحكات خبيثة قادمة من خلفها قائلاً ” لقد تمت المهمة وستكونين أنت الجانية والشرطة في طريقها للقبض عليك”
استدارت بسرعة والخوف مسيطر عليها قائلةً بصوت متقطع “من أنت؟”
اشتعلت عيناه بغضب وحقد كبيرين من وسط الضمادات، أغلقهما وسافر بذاكرته لليوم السابق…
“ها قد أتيت أيها اليوم اللعين الذي يتلون فيه العالم باللون الأحمر وتنتشر فيه الدمى والورود.
في الحقيقة أبغض هذا اليوم جداً وأشعر بغثيان .. فرؤيتي للون الأحمر بمثابة رؤية الثور له!!
لذا قررت أن أضفي عليه نوعاً جديداً من الإثارة ..
نوعاً سيجعل من كل عاشق أو عاشقة سولت لهم أنفسهم الإحتفال بهذا اليوم أن يندموا أشد الندم لفعلتهم…”
كلمات حاملة حقد كبير خارجة من بين شفاه كيفن الملتف وجهه بكثير من الضمادات المخفية ملامحه وهو جالس وسط غرفة مظلمة يطالع حاسوبه لتظهر ابتسامته الخبيثة من بين الضماد…
وما من لحظات حتى نهض وأغلق الحاسوب ثم استلقى على فراشه وغط في نوم عميق…
فجأة تحول المكان لمكان مليء بالدخان وصوت صرخات لشاب يبلغ الثالثة والعشرين من عمره يخرج من وسط هذا الدخان…
اختفى فجاة كل هذا كما ظهر من العدم وجلس كيفن على الفراش متصبب العرق قائلاً ” لقد حان موعد الإنتقام أخيراً ”
نظر للساعة فإذا بها تشير للسادسة صباحاً، بدأ بالتجهز ليغادر منزله…
في مبنى ضخم يملؤه الدمى يقف كيفن في منتصفه صارخاً في عدد كبير من العمال “أمامكم ساعة واحدة لتصل جميع الدمى للأشخاص المكتوبة أسمائهم وإلا ستكونون في عداد الموتى…
ثم أطلق ضحكة شيطانية متقطعة وهو يغادر صاعداً إلى مكتبه…
قال أحد العمال بصوت خافت “منذ أن توفي والده ونحن نعاني من جنونه ”
بعد مدة قصيرة طرق باب مكتبه رجل كبير السن يبدو عليه التعب والإرهاق، فسمح له بالدخول ” لقد تم انجاز العمل سيدي”
رمقه كيفن بنظرة خبث قائلاً ” انصرفوا إلى منازلكم فاليوم عطلة ”
ابتسم الرجل بسعادة قائلاً ” شكراً جزيلاً لك”
ثم غادر وأغلق الباب…
كيفن وهو ينظر من النافذة “كل ما عليّ هو انتظار الموعد المحدد لفتح الهدايا ”
وها قد مر الوقت سريعاً وأصبحت الساعة تشير للثامنة ليلاً وامتلأت المقاهي بعدد كبير من الذكور والإناث المرتدية ملابس حمراء اللون…
وهدايا كثيرة منتشرة على الطاولات وسط ما لذ وطاب من الأطعمة .
كيفن جالساً في غرفة داخلية يراقبهم من خلال شاشة حاسوب قد أعدها مسبقاً …
بينما الجميع يستمتع بهذه الجلسة إلى أن حان موعد فتح الهدايا وتبادلها….
وبمجرد فتح الهدايا التي كان معظمها دمى على شكل قلوب ودببه حمراء اللون قامت الفتيات باحتضانها فخرج منها دخان كثيف وخلال لحظات نهض الشباب وقد أخرجوا سكاكين من وسط الدمى وأخذوا بطعن الفتيات!!
صرخاتهن تدمي القلوب والشباب مستمرون بطعنهن كمن سيطر عليهم روح شريرة،
حاولت الفتيات الهرب والفرار لكن جميع المخارج مغلقة .
بعد مدة قصيرة تمت المهمة بنجاح وسقط الرجال أرضاً ممسكين رؤوسهم مصدومين مما اقترفت أيديهم !!
فجأة انطلقت صوت موسيقى فبدأ الذكور بطعن بعضهم البعض إلي أن تبقى آخر واحد منهم فطعن نفسه.
وسط تلك المجزرة وقفت كرستين مراقبة لما يحدث بذهول .
استفاق كيفن من تذكره قائلاً ” هل نسيتي من أنا ؟”
كرستين بصوت متقطع “كان يجب أن أتوقع أنك المختل الذي يبعث إليّ تلك الرسائل يا كيفن ”
ابتسم ابتسامة النصر ” غبية كعادتك، بكل تأكيد هو أنا، هل اعتقدتي بأن هناك أحمق سيقع بحب شيطانة مثلك!!
أخيراً نفذت انتقامي فيكِ، أتذكرين عندما تركتني وتخليتي عني بعد ذلك الحادث،
كان المفترض أن يكون ذلك اليوم أسعد يوم في حياتي إلا إنه أصبح أتعسها كنت قد أعددت لك هدية بمناسبة عيد الحب وفجأة نشب حريق في المنزل حاولت النجاة لكن للأسف لم أستطع و أصبت بحروق بليغة وفقدت والداي على إثر ذلك الحادث الأليم،
كان وجودك بجواري هو من سيخفف عني لكنك خائنة وأنانية رحلتي وتركتني أعاني آلامي بمفردي.
مرّ عام وأنا أخطط وأبحث عن طريقة للانتقام منك وأخيراً توصلت لأفضل طريقة… مادة مخدرة تجعل من يستنشقها يفعل ما أريد ويصبح تحت إمرتي وأرسلت لك رسالة بها عقد المقهى باسمك وأخفيت هويتي وكنت أبعث لك بشكل يومي رسائل غرامية لتصدقي أنني معجبك السري وأخيراً استدرجت عدد لا بأس به لقتلهم وذلك لسببين:
الأول أنهم يعيشون حالة من العشق بينما أعيش بمفردي
والثاني هو الصاق هذه الجريمة بك”
كرستين بصراخ” من العاقل الذي سيصدقك!!
ثم إنني لم أشأ خداعك وأخبرتك بعدم قدرتي تحمل ما حدث معك كما أنني لم أستطع تخيل نفسي معك، ماذا عساي أن أفعل، هل أظل معك بدافع الشفقة؟!
لا تنسى بأننا مازلنا شباب وليس هذا بالأمر الهين لأتقبله.
أما بالنسبة للمقهى فسأخبر الشرطة بأنه ليس ملكاً لي”
قاطعها بصراخ” اصمتي لا تزيدي غضبي عليك، فلو أحببتني حقاً لما استطعت تركي حينها.
آه صحيح نسيت إخبارك أن تلك المادة المخدرة سيجدون بعضاً منها في منزلك وعدداً من الدمى تحمل نفس المادة وبذلك أنت من نفذ هذه الجريمة والآن فات الأوان وها هو دوي سيارات الشرطة، سأغادر الآن وأدعك لقدرك المحتوم يا عزيزتي يامن لم تحبني يوماً ”
ركض كيفن في الخارج وتركها تعاني الصدمة وما أن استفاقت محاولة الهرب فإذا بسيارات الشرطة أمامها وتم إلقاء القبض عليها.
كانت أعين كيفن تراقبهم من بعيد قائلاً “آسف حبيبتي رتبت هذه الجريمة لتمكثي في السجن إلى الأبد، فكما تركتني وحيداً داخل سجني خلف الضمادات بقلب جريح قررت تركك تعانين الوحدة داخل السجن، كل عيد حب سعيد عليك حبيبتي “