القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن نبى الله إلياس ” الجزء الرابع “

89

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع نبى الله إلياس عليه السلام، وقد اختلف المؤرخون في نسبه وفي القوم الذين أرسل إليهم، فقال الطبري أنه إلياس بن ياسين بن فنحاص بن أليعازر بن هارون، وقيل إلياس بن العازر بن أليعازر بن هارون بن عمران، كما قيل إلياس بن ياسين بن فنجاص بن عنزار ابن النبي هارون، وقيل إلياس بن يس بن فنحاص بن عيزار بن هارون بن عمران، ويؤمن المسلمون برسالة ونبوة إلياس عليه السلام، وقد ذكر العديد من العلماء أن إلياس هو نفسه إيليا، حيث ذكر المجلسي لا يبعد اتحاد إلياس وإليا لتشابه الاسمين والقصص المشتملة عليهما، وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي أنبأنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه قال أول نبي بعث إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهارون ابنا عمران، ثم إلياس التشبي بن العازر بن هارون بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقال أبو يعقوب الأذرعي، عن يزيد بن عبد الصمد، عن هشام بن عمار قال وسمعت من يذكر عن كعب الأحبار أنه قال إن إلياس اختفى من ملك قومه في الغار، الذي تحت الدم عشر سنين، حتى أهلك الله الملك، وولي غيره.

 

فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم، وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم، فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم، وقال مكحول عن كعب أربعة أنبياء أحياء، أثنان في الأرض، إلياس والخضر، واثنان في السماء إدريس وعيسى عليهما السلام، وقد قدمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام، في شهر رمضان ببيت المقدس، وأنهما يحجان كل سنة، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل، ولم يرد بالقرآن الكريم قصة نبى الله إلياس عليه السلام كاملة، ولكن تعددت الروايات حول قصته، ومن ضمن تلك الروايات أنه دعا ربه على قومه بعد رفضهم رسالته قائلا “اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك” فأوحي الله إليه أنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك، فأمر ملك المدينة بقتله لما كان يدعوهم إلى ترك عبادة الأوثان، فجاء إليه ابن عمه اليسع وقال له “ماذا ستفعل” رد نبي الله إلياس عليه السلام قائلا “سأخرج من هنا لأختبئ فى مغارة فى جبل قاسيون لعل الله يهديهم ويرشدهم إلى سواء السبيل وخرجا سويا متجهين إلى الجبل، فهربا إلى الجبل على أمل أن يهتدى قومهم ويتركوا ما هم عليه من ضلالة، وبعد مرور عشرة سنوات اجاب الله رجاء نبيه الياس عليه السلام.

 

فأهلك الله الملك وولى ملك غيره وعندما علم الياس واليسع بذلك التقيا الملك الجديد لكى يترك عبادة الاله بعل ويعبد الله الواحد، وقد دار حوار كبير بين الملك الجديد ونبى الله الياس عليه السلام حول إسلام الملك وقومه قال له الياس “ايها الملك لقد مات سلفك وهو على ضلالة فهل ينفعه بعل الأن، لقد مات كافرا وفى عنقه ذنب الآلاف الذين تبعوه، فسمع الملك حديث النبى الياس عليه السلام فرق قلبه وانشرح صدره للإيمان فأمن هو وقومه إلا عشرة آلاف منهم وعندما يأس الملك من إيمانهم امر الملك بقتلهم جميعا، وتحمل نبي الله إلياس عليه السلام الكثير من أجل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، وخلفه النبى اليسع عليهما السلام فقد اعطاه الله النبوة بعد وفاه الياس ليكمل الطريق الذى بدأه ابن عمه، وإن العبر المستفادة من قصة إلياس عليه السلام وهو إن في قصة النبي إلياس عليه السلام العديد من العبر والمواعظ، ومنها، أنه يستفاد من القصة تحذير من معصية الله ومن الشرك به، ووعيد لمن يصر على المعصية بالعذاب الشديد، يستفاد من القصة تذكير الناس بوحدانية الله سبحانه وتعالى، ويستفاد من القصة أن على المسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على ما يجده في ذلك، وأن كاشف الضر هو الله وحده، وهو الملجأ الوحيد لعباده، وكذلك فإن من الدروس المستفادة من هذه القصة هو التحلي بالشجاعة والثبات عندما يكون الإنسان على حق.

 

حيث تحدي النبي إلياس الملكة رغم قوتها وظلمها وتحلى بالشجاعة في مواجهتها وكذلك الصبر على الابتلاء من سمة الانبياء وكذلك إنه يجوز للأنبياء أن يدعو على قومهم اذا لم يرجعوا عن كفرهم، ولقد أرسل الله سبحانه وتعالى الأنبياء إلى عباده كي يخرجونهم من ظلام الكفر إلى نور الإيمان والتوحيد، ومن بين الأنبياء الذين ذكروا في القرآن الكريم النبي إلياس، وإن قصة النبي إلياس عليه السلام من قصص الأنبياء الملهمة التي تبين كيف أن الله تعالى قد استجاب لنبيه وخلصه من خبائث بني إسرائيل وكفرهم وإنكارهم لوعودهم بالإيمان، وقد توعد الله لمن يكذبون بالأنبياء جزاء عسيرا، كما ذكر الله النبي إلياس عليه السلام بالذكر الحسن لأنه بذل جهده في دعوة بني إسرائيل إلى التوحيد والإيمان بالله تعالى، وأثني الله عليه وعلى الأنبياء عليهم السلام جميعا، ممن سبقوه ولحقوه بالنبوة، وإن قصة النبي إلياس عليه السلام كباقي قصص القرآن الكريم، لم يذكرها سبحانه بقصد الإخبار والقص التاريخي، وإنما ذكرها بقصد الاعتبار والاتعاظ، والتحذير مما وقع على الأمم والأقوام السابقين، الذين خالفوا شرع الله، وأعرضوا عن الهدى الذي جاءتهم به الرسل والأنبياء، وقد سيقت قصة النبي إلياس عليه السلام في سورة الصافات ضمن عدد من قصص الأنبياء، بغرض تسلية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مما كان يلاقيه من قومه.

 

وحملت إنذارا وتهديدا لكفار قريش، أن عاقبتهم إذا استمروا على كفرهم وإعراضهم العذاب، وذلك وفق ما جرت عليه سنة الله في مواعدة المعرضين عن ذكره، فالقصة سيقت مساق التحذير والوعيد، وأن هذه القصة تذكر الناس بأن من أصول الدين أنه لا رب لهم إلا الله، وهذا أول أصول الدين، فالله سبحانه رب آبائهم، فإن آباءهم لم يعبدوا غير الله من عهد آدم عليه السلام، حيث كانوا على دين الفطرة، ولم يطرأ الكفر والشرك عليهم إلا فيما بعد، وفي قصة نبى الله إلياس عليه السلام إخبار بأن الرسول عليه أداء الرسالة فحسب، ولا يلزم من ذلك أن يشاهد عقاب المكذبين لدعوته، ولا هلاكهم وفي هذا رد على المشركين الذين قالوا ” متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ” كما جاء فى سورة يونس، فإن هذا السؤال ظلم منهم، حيث طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ليس له من الأمر شيء، وإنما عليه البلاغ والبيان للناس، وأما حسابهم وإنزال العذاب عليهم فمن الله تعالى، ينزله عليهم إذا جاء الأجل الذي أجله، والوقت الذي قدره، والموافق لحكمته الإلهية، فإذا جاء ذلك الوقت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، وقد قال تعالى في هذا المعنى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم كما جاء فى سورة غافر ” فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون” وإن المتحصل من هذه القصة القرآنية، هو الدعوة إلى التمسك بعبادة الله الواحد الأحد.

 

ونبذ ما سواه من المعبودين، سواء أكانوا حجرا أم بشرا، وإنذار المشركين بالله أن العذاب آتيهم لا محال، إن لم يأتهم عاجلا، فهو بالتأكيد آتيهم أجلا والله تعالى يقول كما جاء فى سورة الأحزاب ” والله يقول الحق وهو يهدي السبيل” ويقول رب العزه سبحانه وتعالى “ياعبادى، انما هى أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه” وقال عباد لى يلبسون للناس مسوك الضأن، وقلوبهم أمر من الصبر، وألسنتهم أحلى من العسل، يختلون الناس بدينهم، أبى يغترون، أم على يجترئون ؟ فبى أقسمت لألبسنهم فتنة تذر الحليم فيهم حيران” وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال”جلس جبريل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلي السماء، فإذا ملك ينزل فقال جبريل إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة، فلما نزل قال يا محمد أرسلني إليك ربك، قال أفملكا نبيا يجعلك، أو عبدا رسولا؟ قال جبريل تواضع لربك يا محمد، قال بل عبدا رسولا” وعن رب العزة انه تعالى أوحى الى موسى “ياموسى ارضى يكسرة خبز من شعير تسد بها جوعتك، وخرقة توارى بها عورتك، واصبر على المصيبات واذا رأيت الدنيا مقبلة فقل انا لله وانا اليه راجعون عقوبة عجلت فى الدنيا واذا رأيت الدنيا مدبرة والفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين” وسبحانه يقول يوم القيامة “أدنوا منى أحبائى فتقول الملائكة من أحباؤك ؟ فيقول فقراء المسلمين، فيدنون منه، فيقول أما انى لم أزو الدنيا عنكم لهوان كان بكم على، ولكن أردت بذلك أن أضعف لكم كرامتى اليوم فتمنوا على ماشئتم اليوم فيؤمر بهم الى الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات