القاهرية
العالم بين يديك

وقفة رجالة

159

كتبت/سهام سمير
“عشان كنا رجالة ورقفنا وقفة رجالة” قالها بأداء عبقري محمود المليجي في فيلم الأرض، كان يُعلم الأجيال الحالية درسًا من دروس الماضي ويشحذ همة رفقاء جيله، الشيخ محمد الذي أبعدته المدينة وجعلت موقفه محايدًا رمادي لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وبقية الجيل وثبت الكاميرا مان اللقطة على نظراتهم جميعًا.

الفضفضة متعلقة بجلسات النساء والشكوى التصقت بهن فيما يُجدن الحكي وسرد تفاصيل التفاصيل.
علي خلاف ذلك يظهر في فيلم وقفة رجالة، لقطات تجمع بين أربعة رجال، نفهم من سياق الأحداث أنهم أصدقاء عمر، تموت زوجة أحدهم، فيغلق هاتفه وتتوقف حياته، يقررون في لحظة شهامة وجدعنة أن يخرجوه من أحزانه، فيتفقوا على السفر لإحدى المنتجعات التي يمتلكها أحدهم وهناك يقضون إجازة خاصة جدًا، الإ أن أكثر من مفاجأة كانت تنتظرهم.
..
رغم سخرية المواقف، وهزلية الأحداث، نتوقف عند أربع مشاهد للأصدقاء، تبارى كل منهم في أداءها ببساطة وعمق في أن واحد.
المشهد الأول ل سيد رجب وهو يودع زوجته، بدموعه .
الثاني ل بيومي فؤاد وهو يتحدث عن الخرس الزوجي وملل الحياة بعد زواج الاولاد وسفرهم وندرة الكلمات بينه وبين زوجته.
الثالث ل ماجد الكدواني الأعزب والذى قضى حياته مضيعا وقته بين النزوات والسهر واللامبالاة ومرافقة النساء من كل شكل ولون، حين قرر أن يتزوج وهو على مشارف الستين من عمره، فاختار موظفة في شركته، من سن بناته، لو كان تزوج، يواجهه صديقه فينفعل ماجد،ويصرخ طالبا حقه في الاستقرار في أن يكون له سرير يفتقده حين يغيب، في رغبته في الهدوء، في أن يسكن لواحدة فقط، لا يريد أن يتنقل بين النساء، كما يفعل ليشعر بالونس، وأخيرا في أن يموت وسط ناس، لا وحيدًا لا يعلم عنه أحد الا حين تفوح رائحته!
أما ما أبكاني بشدة فهو شريف الدسوقي، حين سرق الكاميرا أكثر من مرة، ليخطفك بكلمات تغص بالألم، حين يصف وظيفته بالنسبة لزوجته وأولاده، أنا كارت فيزا، ايه تي ام، لا يتذكرني أحد إلا إن كان له طلب، حتى في غيد ميلادى اليوم لم يتصل بي أحد ليهنئني، وإن تذكروه، أحضروا تورتة بيضاء لانهم يخبونها بيضاء وأنا أحب الشوكولاتة.
..
بالطبع يقف الرجال بجانب بعضهم وقفات لا ندرى عنها شيئا، السلف بين الرجال معروف ولا حد له ولا ضمانات ولا رفض.
يداري الرجال علي نزوات أصحابهم، لإن لكل واحد منهم يوم وورطة قد يحتاج فيها صديقه.
أما الجديد هنا، أن هذه الوقفة ليست لموقف سياسي ولا بطولي ولا لمواراة خطيئة ولكن لدعم صديق، توفت عنه زوجته وتوقفت حياته.
التناقض ليس فقط في حالة الرجال الاربع، الذين يبرزون حال الدنيا، بين هارب من زوجته، يشعر بالملل من الحياة وبين راغب في تلك الحياة الرتيبة بشدة.
التتاقض ايضا يتضح في ذكريات جيل أوشك على الستين مع جيل حالي، في الرياضة التى كانت على أيامهم لعب الملاكمة وأيام الجيل الحالي، بناء عضلات وشكل جسم.
في الذوق مع السيدات والتعامل بشياكة وبين العملية التامة الأن.
..
أعجبني أن هذا الجيل عبروا عنه بلطف دون السخرية منه او تبجيله وتقديسه.
أن البطولة ذهبت ل أربع ممثلين من العيار الثقيل، يجيدون التعبير بلغة جسدهم اجادة مذهلة.
أن الكاميرا أحبتهم، وثبتت اللقطة عليهم أيضًا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات