كتب / شريف مصطفى
نفس تتوق، وعمر يطول، وأماني تتجدد أو تسفر على انتهاء، بداخلي شحنات عظيمة بعضها رائع والآخر سلبي إلى أقصى الدرجات، هذا التناقض يرجع –في الغالب- إلى جهلي بالمستقبل، أو ربما جهلي بنفسي أو جهلي بنفسي ومستقبلي.
ما هو هدفي؟ ما هي مخاوفي؟ ما هي أحلامي؟ أسأل وأثابر بحثاً عن شيء، لكن ما هو؟ ربما ما يسميه البعض بالسعادة، يقولون عن السعادة أنها الأجمل في الوجود، وراحة كل نفس، ولا جميل ينافسها، مجرد أقاويل تتناثر لكنها لا تلمس الواقع.
في صغري كانت لديّ رغبة في شراء لعبة، أيقنت وقتها أنها ستجلب لي السعادة، ولما استجاب والدي لإلحاحي فرحت، ولعبت، لكن بعد وقت لاحظت بعض التلاشي لنفسي، وكأن السعادة دواء يُبطله مفعول الزمن بِسُمّ الملل.
ولما نضجت وأردت الالتحاق بكلية ظننتها ستجلب لي مجد المستقبل فرحت، وذاكرت، ونجحت، وتفوقت، لكن في عملي أو حتى في أواخر دراستي لاحظت نفس التلاشي.
فهل السعادة خدعة؟ ربما هي ما ترسمه الرغبة بدهاء؛ كي تغزو أيامنا بلا حسبان أو تفكير، وبعد مدة نلاحظ أن ما كان سعينا سوى وراء وهم، نَعَم السعادة سراب نراه عند الشعور بالرغبة، حتى إذا وصلنا للإشباع الكامل نقع عرايا في هذا السراب باحثين عن رغبة جديدة تُشبع آمالنا وتُقصي شكوكنا.
أنا لستُ غاضباً من هذا الغدر العفوي، بل جمال الحياة في السعي وراء الخيال؛ فالخيال أقرب إلى المستقبل من الواقع، وبذلك قد تصبح السعادة رسولاً أمينًا في تناقل الرسالة، لكنها ليست ملزمة بالكشف عن المضمون، وهنا فقط تكمن رحلة المرء، إما أن يكون هدفه إشباع الرغبات على أرض الواقع أو أن يسمح لهذا الوهم أن يرسم له متاهة جديدة.