القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

شئ من الرحمة

212

 

كتب _محمد عدلي

لا شك أن الظروف التي تمر بها البلاد بل والعالم أجمع في ظل جائحة كورونا والتي أوشكت علي دخول عامها الأول خلفت أزمات إقتصادية طاحنة، أجبرت قطاع عريض من الناس علي العيش تحت ظروف شديدة الوطأة، سواء إقتصادية أو إجتماعية ،مما نتج عنه فقدان الألاف لوظائفهم خاصة الذين يعملون في مجالات القطاع الخاص.

كان لابد من هذه المقدمة البسيطة، فقد إسترعي إنتباهي أثناء مروري عند مساكن الشهداء بالسويس وعند نهاية الطريق القادم من عرب المعمل وجود أنقاض وبقايا كرفان خشبي صغير. وعند سؤال بعض الأهالي الذين يقطنون في تلك المنطقة ، علمت أن هذا الكرفان لشاب في مقتبل الثلاثينات من عمره، يحمل مؤهل فوق المتوسط للسياحة والفنادق ،ويعول أسرة صغيرة.وتحت وطأة الظروف القهرية التي يمر بها العالم، وعدم وجود عمل لديه، قام بعمل هذا المشروع الصغير -بعد أن أنفق كل ما يمتلك من مال ومتاع-ليسد به رمق أسرته ، ويوفر إحتياجاته بدلا من أن يمد يده للغير.

وهو عبارة عن كرفان صغير لتقديم بعض المشروبات الساخنة علي الطريق للمارة.وبدلا من أن نساعده ونشكره لإتجاه للطريق الشريف والمشروع لكسب لقمة العيش، حدث أنه أثناء تفقد رئيس حي عتاقة لاحظ وجود هذا الكرفان فأمر بإزالته.

وبدلا من أن يتفضل السادة المسؤولون بإنذار صاحب الكرفان وتنبيهه قاموا بإزالته وتدميره بطريقة مهينة ووحشية ولا آدمية تخلو من أي مشاعر إنسانية أو شئ من الرحمة أو العطف، وضياع كل ما يملكه صاحب هذا الكرافان في غمضة عين.

أعترف هنا أنه قد يكون هذا الشاب قد أساء التصرف في عمل هذا الكرفان دون تصريح أو إذن من الجهات المختصة.خاصة أننا جميعا نعلم الصعاب التي تواجه أي شخص في سبيل الحصول علي تصريح أو إذن في ظل وجود الروتين والبيروقراطية المتفشية في أجهزتنا المحلية والتي نتميز بها عن جدارة.

لكن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر . فإذا كان ذنب هذا الشاب أنه عديم الخبرة بالحياة لصغر سنه وللظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها، ومحاولة إنتشال أسرته من الضياع والفقر والحاجة،فما ذنب هؤلاء المسؤولين الذين خبروا الحياة ويعرفون ظروف المعيشة الصعبة التي يمر بها الجميع.

فيا أيها المسؤولين شئ من الرحمة والنظر بعين العطف لأبناءنا وشبابنا ، لابد أن ندعمهم ونساعدهم ونشد علي يديهم ،ونكون مصدر دعم لهم ، وليس معول تدمير وإحباط لأمالهم وطموحاتهم وحقوقهم المشروعة.

أهيب هنا بسيادة محافظ السويس /اللواء عبد المجيد صقر.والذي أعتقد أن ضميره وإنسانيته لن يسمحوا بتدمير وإحباط طموح شاب صغير لا يملك الآن من حطام الدنيا شئ ، بإنقاذ هذا الشاب وأسرته وتعويضه عما لحق به من أذي نفسي ومادي.

قد يعجبك ايضا
تعليقات