كتب د _ عيد على
أرهقني مدعي الكتابة الأدبية من ركاكة أسلوبهم وتجنيهم على الشعر العربي فهم لم يقرضوا الشعر يوما ما ولم يدرسوا بحوره مع تجردهم من الموهبة فأصبح الشعر والأدب في عصرنا الحاضر يتناوله من لا يفقه ألوانه ولا مدارسه ولا يلتزمون بوزن أو قافية بل ولا التفعيلة الشعرية وأطلق كلا منهم على نفسه لقب شاعر أو أديب لذلك أردنا من خلال الأجزاء التالية تسليط الضوء على أعظم ما قيل من الشعر مع نبذة مختصرة عن الشاعر وعصره الذي كتب فيه لعلنا نتذوق جماله ومحسناته البديعية وألوانه البيانية والآن مع الجزء السادس من سلسلة شاعر ومعلومة للشاعر ” أبو هلال العسكري “
الشعر :
متوج بعقيق
إذا أنا لا أشتاق أرض عشيرتي
اسقنيها والليل فرع عروس
خل يد الشر وفر منه
في كل خلق خلة مذمومة
فترت صهوتي وأقصر شجوي
صبابة نفس لا ترى الهجر حاليا
وقفت على يحيى رجائي وإنما
غناي غنى نفسي ومالي قناعتي
قلت للكلب حين مر بي اخسأ
وخوخة ملء يد الجانيه
هريسة بيضاء كافوريه
كثيفة الحشو ولكنها
بنفسج عارضه ينثني
فاستقبل الخير في نجيب
وقد غدوت وصبح الليل منتقص
وقد غدوت وصبح الليل منتقص
إذا تحلى بالعذار ومشى
قد عريت أبياتها حين اكتست
وليلة خبطت من ظلمائها
وروضة كأنها من حسنها
والشيب زور يجتوى وقربه
تغنى لنا فجعلنا عليه
ناس وإن عاملتهم فذئاب
ومن يطلب مساءة عائبيه
ألم تسمع مقالتهم قديما
أراك ما تتوخى نصحها أبدا
وإذا اعتبرت عقولهم ألفيتهم
تعلم ما جهلت تعش حميدا
عصيتموني حين طاوعتكم
تصبر فما المكروه ضربة لازب
أخو الإعدام لا حي يرجى
إذا خالف القول الفعال فإنه
إذا خالف القول الفعال فإنه
قالوا صبرت وما صبرت جلادة
هذه دولة تدول لأشرار
لا تقطع البر إن قطعكه
قد رفعت ألوية الغدر
ألا ليس في الإعدامِ عار على الفتى
أهزكم بأشعاري وأنتم
سرور يقيم ولا يرحل
يزيد سقوطا واتضاعا وخسة
خليلي ليس الذخر إلا صنيعة
إن كان من حق المودة في الهوى
سلام وإن كان السلام تحية
برق تألق من فتوق غمام
قد خصصت اللبيب بالإكرام
وصاحب الحاجات من يجفو الكرى
المعلومة :
أبو هلال العسكري
الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري، أبو هلال. عالم بالأدب، له شعر. نسبته إلى (عسكر مُكرَم) من كور الأهواز. من كتبه (التلخيص) في اللغة، و (معجم – خ) في اللغة، و (جمهرة الأمثال – ط) و (الحث على طلب العلم – خ) رسالة، و (كتاب الصناعتين: النظم والنثر – ط) و (شرح الحماسة) و (الأوائل – خ) رسالة و (الفرق بين المعاني) و (العمدة) و (ما تلحن فيه الخاصة) و (المحاسن) في تفسير القرآن، خمس مجلدات، و (كتاب من احتكم من الخلفاء إلى القضاة) و (التبصرة) و (أسماء بقايا الأشياء – ط) و (فضل العطاء على العسر – ط) رسالة، و (الدرهم والدنيار) و (ديوان شعره) و (الفروق – ط) في اللغة، و (ديوان المعاني – ط) جزآن. وهو ابن أخت أبي أحمد (الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري) وتلميذه قال ياقوت: أما وفاته فلم يبلغني فيها شيء غير أني وجدت في آخر كتاب (الأوائل) من تصنيفه: (وفرغنا من إملاء هذا الكتاب يوم الأربعاء لعشر خلت من شعبان سنة خمس وتسعين وثلاثمائة) ومن مستطرف الأسجاع ما كتبه عنه الباخرزي في (دمية القصر) قال: (بلغني أن هذا الفاضل كان يحضر السوق، ويحمل إليها الوسوق، ويحلب دَرّ الرزق ويمتري، بأن يبيع الأمتعة ويشترى، فانظر كيف يحدو الكلام ويسوق، وتأمل هل غض من فضله السوق، وكان له في سوقه الفضلاء أسوة، أو كأنه استعار منهم لأشعاره كسوة، وهم: نصر بن أحمد الخبزرزي، وأبو الفرج الوأواء الشامي، والسريّ الرفاء الموصلي. أما نصر فكان يدحو لرفاقه الأرْزِيّة، ويشكو في أشعاره تلك الرزية، وأما أبو الفرج فكان يسعى بالفواكه رائحاً وغادياً، ويتغنى عليها منادياً، وأما السريّ فكان يطري الخَلَق، ويرفو الخِرَق، ويصف تلك العبرة، ويزعم أنه يسترزق بالإبرة. وكيف كان فهذه حرفة لا تنجو من حُرفة، وصنعة لا تنجو من صنعة، وبضاعة لا تَسلم من إضاعة، ومتاع ليس لأهله استمتاع !).