القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن الخليل إبراهيم عليه السلام ” الجزء السابع

98

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد توقفنا معه حيث قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام أنه حليما منيبا، أي لا يتعجل مجازاة غيره، بل يعفو عنهم، ومنيبا أي كثير الإنابة والرجوع إلى الله، فقال تعالى ” إن إبراهيم لحليم أواه منيب” أى سليم القلب، أي أن قلبه خال من الشرك بالله، فقد كان مُوحدا توحيدا خالصا، فقال الله تعالى ” إذ جاء ربه بقلب سليم” وكان راشدا، فقد آتاه الله رشده منذ أن كان صغيرا، فقال الله تعالى ” ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين” وقد ظهر هذا الرشد بندمه على ما يفعله من الصغائر، وبحلمه على المخطئ بحقه، وكان أيضا صدّيقا، وقد اكتسب هذه الصفة لكثرة تصديقه بالحق حتى صار مشهورا به، وكان قويا بصيرا، فكان قويا في البنية، وطاعة الله، وبصيرا في دينه، فقال الله تعالى ” واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدى والأبصار” وكان أيضا عالما قوى الحجة، وثابتا على الحق، وصابرا مستسلما لأوامر الله عز وجل، والخليل إبراهيم عليه السلام، من أكمل الناس توحيدا، وهو واحد من أولي العزم من الرسل وهم أصحاب الابتلاء في المحن المتعلقة بذات الله سبحانه وتعالى في الدنيا.

وهم نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله عليهم، ومن فضله أن الله سبحانه وتعالى، كلفه بإمامة الناس، وهي مهمة صعبة شاقة لا يحملها إلا من يستحقها، ويصبر عليها، وقد وصف الله تعالى الخليل إبراهيم بالأمة، والأمة هو الشخص الجامع لخصال الخير، والمرشد للناس، والمعين على الخير، ومن فضائله أيضا أن في الصلاة ركن مهم، وهي الصلاة الإبراهيمية التي يُثنون فيها عليه، ويدعون له، وهى إحدى صيغ الصلاة الإبراهيمية وهي ” اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كان جده هو نبي الله إبراهيم عليه السلام، وفي رحلة الإسراء والمعراج، قد التقاه في السماء السابعة، وكان إبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور، وذلك من إكرام الله تعالى، له بعد أن اجتهد في بناء الكعبة المشرفة في الأرض، إذ أكرمه بزيارة البيت المعمور في السماء، وفي هذا اللقاء أرسل إبراهيم عليه السلام.

إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم التحية والسلام، ونصح لها، ولقد دعا إبراهيم عليه السلام أباه إلى ترك عبادة الأصنام، وتوحيد العبادة لله، حيث اتبع في دعوته إياه عظيم الاحترام، والرفق، والشفقة عليه، مُبيِنا له أن عبادته لما لا يسمع، ولا يبصر لا يفيده شيئا، إلا أن والده أصر على البقاء على عبادة الأصنام، وعدم الرجوع عن ذلك، فاعتزله إبراهيم عليه السلام، وبدأ بدعوة قومه إلى توحيد الله، وترك ما يعبدون من دونه، فلم يستجيبوا له، فحطم أصنامهم إلا واحدا منها ليُبين لهم أنها لا تضر، ولا تنفع، فكادوا به، وألقوه في النار العظيمة التي أوقدوها ليتخلصوا منه، ولكنه نجا بأمر الله سبحانه وتعالى، ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الخليل إبراهيم عليه السلام، في القرآن الكريم، لفضله، فذكر سبحانه وتعالى، أنه اصطفاه، وأتم نعمته عليه، فقال ” إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ” ووصفه سبحانه وتعالى أيضا بالصدق والصلاح، فقال تعالى فى كتابه الكريم ” واذكر فى الكتاب إبراهيم، إنه كان صديقا نبيا” وقال تعالى أيضا ” ولقد اصطفيناه فى الدنيا، وإنه فى الآخرة لمن الصالحين”

وقد كان الخليل إبراهيم عليه السلام، سليم القلب، ووفى ما عليه، وقد تفضل الله تعالى، عليه وهو غلام وآتاه رشده، ورفع درجته، واتخذه خليلا، فقال تعالى ” واتخذ الله إبراهيم خليلا ” وقد لُقب إبراهيم عليه السلام بعدة ألقاب، ومنها أنه هو إبراهيم خليل الله، وقد وصف الله سبحانه وتعالى، نبيه إبراهيم عليه السلام، في عدة مواضع من القرآن الكريم بأنه خليله، والخُلة في اللغة هي الصداقة، وهي تخلل المحبة في القلب حتى تختلط به، وقد وُصف بذلك، لفراغ قلبه من أى شيء سوا محبة الله سبحانه وتعالى، فليس في قلبه شريك لله في المحبة، وإن نبى الله إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء، ويعد أبو الأنبياء هو لقبا من ألقاب نبى الله إبراهيم عليه السلام، حيث كانت في ذريته النبوة والكتاب، في حين يطلق على نبى الله نوح عليه السلام، شيخ الأنبياء، فهو أطولهم عمرا، وهو أبو البشر الثانى نبى الله نوح عليه السلام، فمن ذكر في القرآن الكريم من الأنبياء هو من نسل إبراهيم عليه السلام، باستثناء ثمانية، هم أبونا آدم، ونوح، وإدريس، وهود، ويونس، ولوط، وصالح، عليهم جميعا وعلى نبينا الكريم الصلاة والسلام.

وقد تزوج نبى الله إبراهيم عليه السلام، من أربع نساء، فكانت الأولى هي السيدة سارة وهى بنت عمه هاران، وزوجته الثانية هى السيدة هاجر، وهي جارية مصرية كانت هدية من ملك مصر للسيدة سارة، وهي أم نبى الله إسماعيل عليه السلام، وأما زوجته الثالثة فكانت كنعانية تدعى قنطورا بنت يقطن، وقد تزوجها نبى الله إبراهيم عليه السلام، بعد وفاة زوجته السيدة سارة، وكانت زوجته الرابعة هي السيدة حجون بنت أمين التي تزوجها بعد زوجته السيدة قنطور، وكان لنبى الله إبراهيم عليه السلام، بنون كيثر، وكان أكثرهم شهرة هما النبيان إسماعيل، وإسحاق عليهما السلام، وكان أجلهما هو إسماعيل عليه السلام، الذي يُعد الابن البكر لنبى الله إبراهيم عليه السلام، وأما أم نبى الله إسماعيل فهي السيدة هاجر عليهما السلام، وكان إسماعيل نبيا رسولا، وأثنى الله سبحانه، عليه في القرآن الكريم، ووصفه بصدق الوعد، والحلم، والأناة، وإقامة الصلاة التي كان يحرص على أن يأمر أهله بها، ويُشار إلى أنه توفى عليه السلام، وكان عُمره مائة وسبعة وثلاثون عاما، ودُفن في الحجر، أما نبى الله إسحاق عليه السلام.

فكانت أمه هى السيدة سارة عليهما السلام، وقد وُلد لإبراهيم عليه السلام، بعد أربع عشرة سنة من ولادة أخيه إسماعيل، وكان لأمه من العمر تسعين سنة، ولأبيه مائة سنة، وقد أثنى الله تعالى عليه في عدد من آيات القرآن الكريم، وإبراهيم عليه السلام هو أحد أنبياء الله تعالى الذين حملوا رسالةَ الإسلام ودعوا قومهم إلى عبادة الله تعالى ووحدانيته، ويعتبر إبراهيم عليه السلام من أولي العزم الخمسة، فأخذ منه الله ميثاقا غليظا، ورغم كل البلاء الذي وقع به وفقدانه لطاقته، إلا أنه بقي على الدعوة التي زادت من وفائه وقوته، وقد عمل نبى الله إبراهيم ومواجهته لقومه وقد ولد نبى الله إبراهيم عليه السلام في أسرة بسيطة، فكان يعمل والده بصناعة الأصنام والآلهة بيده، لكن يقال أن والده توفي قبل والدته، فقام عم إبراهيم بتربيته، وكان له بمثابة الأب الحنون، وبعد أن كبر إبراهيم عمل في تجارة الأقمشة وتوزيعها على قومه، وكان يحمل منذ صغره كرها كبيرا للأصنام، وتفكر نبى الله إبراهيم عليه السلام دائما كيف يعبد الإنسان العاقل تمثالا لا يشرب ولا يتكلم ولا يعقل وتتم صناعته باليد من أي شخص، وفي يوم ما قرر إبراهيم عليه السلام.

أن يذهب إلى جماعة من قومه الذين عرفوا بعبادتهم للنجوم، فقد عرف أن جزءا من قومه يعبد التماثيل، والجزء الآخر يعبد الكواكب والنجوم، فقرر إبراهيم عليه السلام أن يشير لهم على أحد الكواكب في الليل ويقول لهم هذا ربي ليطمئن القوم له، لكن إبراهيم كان يحمل في داخله مفاجأة كبيرة لقومه، فبعد اختفاء النجوم قال أنه يعبد القمر، وبعد اختفائه قال أنه يعبد الشمس مستهزئا بقومه، لكنهم لم يلاحظوا ذلك، ودائما ما كانوا يحاول إقناعهم أن هناك ربا لا يختفي، وهكذا بدأت مواجهة الخليل إبراهيم لقومه وخاصة لعمه الذي رباه، فقال له عمه مصيبتي فيك كبيرة يا إبراهيم، لقد خذلتني وأسأت لي فقال له إبراهيم، كما قال الله تبارك وتعالى وصور لنا هذا المشهد فى كتابه الكريم فى سورة مريم فقال تعالى ” يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا، يا أبت قد جائنى من العلم ما لم يأتك فاتبعنى أهدك صراطا سويا، يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا، يا أبت إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا” لكن عمه قام بطرده من منزله، وغضب غضبا شديدا منه، فخرج من بيته، وهو يقصد المعبد الذي توجد به التماثيل بعد أن كانت الطرق خالية.

قد يعجبك ايضا
تعليقات