القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن الخليل إبراهيم عليه السلام ” الجزء الثالث

211

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد توقفنا مع نبى الله عيسى عليه السلام وقد شاع في زمنه الطب، فكانت معجزته في الإبراء والشفاء بأمر الله تعالى، بل وإحياء الموتى بإذن الله فقال تعالى فى سورة آل عمران ” وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله ” وهذا نبى الله موسى عليه السلام وقد شاع في زمنه السحر، فكانت آية العصا معجزة له في انقلابها إلى حية تسعى فقال تعالى فى سورة طه ” فألقاها فغذا هى حية تسعى ” وإن المتأمل في معجزات الأنبياء والرسل الكرام يجد أنها كانت حسيّة وقتية لا يعلم بها إلا من رآها وعاصرها، وأما معجزة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت عقلية دائمة، وهي القرآن العظيم، وما فيه من إعجاز في اللغة والأحكام والحقائق العلمية والتاريخية والنفسية والجغرافية والحسابية، وغير ذلك كثير، فلا تنقضي عجائبه، وكلما ازدادت البشرية علما ازدادت علما بجهلها وإدراكها للسبق العظيم الدال على عظيم كتاب الله سبحانه وتعالى، وكيف لا، ومصدره اللطيف الخبير سبحانه وتعالى وهذا إلى جانب المعجزات الحسية للنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وهي كثيرة، وإن أسماء السور القرآنية في القرآن الكريم تختلف بين سورة وأخرى، وهذا الاختلاف يكون نتيجةَ الغرض المراد من كل سورة فبعض السور تحمل أسماء قصص أوردتها وتحدثت عنها كسورة البقرة، وبعض السور أيضا تحمل أسماء كلمات مميزة فيها، وبعضها تحمل أسماء مطالعها مثل سورة القارعة، وفي الحديث عن سورة الأنبياء فإن سبب تسميتها بهذا الاسم يرجع إلى أنها تتناول قصص أنبياء الله تعالى، ودورهم في تذكرة البشرية، وهؤلاء الأنبياء هم أفضل خلق الله سبحانه وتعالى، وهم الذين قادوا الأرض إلى الخير والسعادة، وهذه السورة تسير على نمط واحد، فهي توضح كيف كان خطاب النبى صلى الله عليه وسلم، ودعوته لقومه، وكيف كانت عبادته وتبتله لربه عز وجل، لتصل في النهاية إلى إثبات وحدة رسالة كل الأنبياء عليهم السلام، وكان من أسباب النزول بين السور القرآنية، هو أن كل سورة تنزل لحادثة كانت تحدث أيام الرسالة النبوية، وأيام نزول الوحي عليه السلام ليقوم أفعال الناس أو ليؤيد أفعالهم، وقد ورد في سبب نزول هذه السورة رواية تقول.

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال آية لا يسألني الناس عنها، لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عنها أم جهلوها فلا يسألون عنها؟ قال وما هي؟ قال لمّا نزلت ” إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون” شق على قريش، فقالوا يشتم آلهتنا؟ فجاء ابن الزبعري فقال ما لكم؟ قالوا يشتم آلهتنا، قال فما قال؟ قالوا، قال ” إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون” قال ادعوه لي، فلمّا دُعي النبى صلى الله عليه وسلم، قال يا محمد، هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عُبِد من دون الله؟ قال لا بل لكل من عبد من دون الله، فقال ابن الزبعري خصمت ورب هذه البنية وهو يعني الكعبة، ألستَ تزعم أن الملائكةَ عباد صالحون، وأن عيسى عبد صالح ؟ وأن عزيرا عبد صالح؟ قال بلى، قال فهذه بنو مليح يعبدون الملائكة، وهذه النصارى يعبدون عيسى، وهذه اليهود يعبدون عزيرا، قال فصاح أهل مكة، فأنزل الله تعالى ” إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عتها مبعدون ” وإن ما ورد في فضل سورة الأنبياء، فهو حديث صحيح عن ابن مسعود، وهو مشترك في فضل عدة سور قرآنية.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء، هن من العتاق الأول، وهن من تلادى” والعتاق هو جمع عتيق، وإن العرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا، والمراد هو تفضيل هذه السور لما تضمنت من أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقصصهم، وتلادي أي من الأشياء التي كان يداوم عليها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن السور التى أحبها وأكثر من قراءتها، فكانت لها مكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض السور المكية الأخرى، وأما عن الخليل إبراهيم عليه السلام فقد ذكر الله تعالى مناظرته لأبيه وقومه، وكان أول دعوته لأبيه، وكان أبوه ممن يعبد الأصنام لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له، كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة مريم “واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا”

” قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ” ويذكر الله تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة ، وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة وأحسن إشارة وقد بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأصنام التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه، وكيف تغني عنه شيئا أو تفعل به خيرا من رزق أو نصر؟ ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع، وإن كان أصغر سنا من أبيه يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا، أي مستقيما واضحا سهلا حنيفا، يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك، فلما عرض هذا الرشد عليه، وأهدى هذه النصيحة إليه لم يقبلها منه، ولا أخذها عنه بل تهدده وتوعده قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك، قيل بالمقال وقيل بالفعال واهجرني مليا أي واقطعني وأطل هجراني فعندها قال له إبراهيم، سلام عليك أي لا يصلك مني مكروه، ولا ينالك مني أذى.

بل أنت سالم من ناحيتي، وزاده خيرا فقال سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا، وقال ابن عباس وغيره أي لطيفا يعني في أن هداني لعبادته والإخلاص له ولهذا قال وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام، كما وعده في أدعيته، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وكما قال الله تعالى فى سورة التوبة ” وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم” وعن أبي هريرة رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني، فيقول له أبوه فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد، فيقول الله تعالى له إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك، فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار ” رواه البخارى.

وقال الله تعالى ” وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين” وهذا يدل على أن اسم أبي إبراهيم آزر، وإن جمهور أهل النسب ومنهم ابن عباس رضى الله عنهما الكل يجمع على أن اسم أبيه تارح، وأهل الكتاب يقولون تارخ بالخاء، وقيل إنه لقب بصنم كان يعبده اسمه آزر، وقال ابن جرير والصواب أن اسمه آزر، ولعل له اسمان علمان أو أحدهما لقب، والآخر علم، وهذا الذي قاله محتمل، والله أعلم، ثم قال الله تعالى فى سورة الأنعام ” وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم”

قد يعجبك ايضا
تعليقات