القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

فى طريق المعرفه ومع المجتمع الإسلامى

282

إعداد / محمــــد الدكــــرورى

لقد تميز المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات بعدد من السمات جعلته بحق مجتمعا فريدا لم تعرف البشرية مجتمعا مثله جمع في ثناياه هذه السمات الحميدة، ليكون أنموذجا يرتجى، ومثالا يحتذى عند العقلاء من بني البشر، فهو مجتمع موحد وهذه أعظم خاصية أختص بها المجتمع الإسلامي أن مبناه على توحيد الله عز وجل ملتزما بشرعه في كل تصرفاته، معتقد أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبِّر للأمور، المستحق للعبادة والخضوع والخشوع، وإن المجتمع الإسلامى، هو مجتمع متراحم، حيث لم يعرف التاريخ مجتعما متراحما كالمجتمع الإسلامي ولم لا؟ فالذي وضع قواعده هو رب الأرض والسماء، فقد شرَّع الله عز وجل لعباده ما يتناسب مع أحوالهم فأمرهم بالتراحم والتعاطف فيما بينهم لكي تستقيم حياتهم، وحذرهم من الظلم وحرمه عليهم كما فى الحديث القدسي، فعن أبى ذر الغفارى رضي الله عنه، عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فيما بلغ عن رب العزة سبحانه وتعالى أنه قال ” يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ” وهكذا فقد أمرنا الله عز وجل بالتقوى فإن التقوى هي سلم الرضوان.

والطريق لبحبوحة الجنان، وقد قال ذلكم ربكم في محكم آيات البيان فى سورة مريم ” تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا ” ويعرف المجتمع بأنه نسيج اجتماعي من صنع الإنسان، ويتكون من مجموعة من النظم والقوانين التي تحدد المعايير الاجتماعية التي تترتب على أفراد هذا المجتمع، بالإضافة إلى ذلك يعتمد المجتمع على أفراده ليبقى متماسكا، فمن دون الأفراد تنهار المجتمعات وتنعدم، ويتأثر الفرد بالمجتمع كما يتأثر المجتمع بالفرد، فعلى سبيل المثال إذا كان المجتمع يعاني من تفشي ظاهرة البطالة، وارتفاع مستوى الجريمة، واكتظاظ الطلبة في المدارس، فسوف يتأثر أفراد هذا المجتمع سلبا نتيجة لهذه العوامل، وهناك بعض العناصر الأساسية التي تشكل المجتمعات، ومنها ما العادات والقيم، والدور المترتب على الأفراد، ومنظومة القوانين، والأهداف المجتمعية، والرغبات والطموحات، والتوقّعات، ويعتبر التواصل بين الأفراد في النسيج الاجتماعي من أهم العوامل المؤثرة على الصحة النفسية، فمن دون مجتمع وعلاقات اجتماعية ينهار الإنسان جسديا ومعنويا، حيث يبدأ الإنسان منذ صغره عادة بتكوين علاقات اجتماعية أولها مع أمه.

ثم أسرته والمجتمع، ويرتبط بقاء الإنسان على قيد الحياة بقدرته على التعايش الاجتماعي، ويختلف تعريف المجتمع باختلاف العلم الذي يعرف فيه، ويمكن تعريف المجتمع في علم الاجتماع بأنه تجمع بشري في نظام شبه مغلق، ومجموعة من الناس تعيش وفق أسس وقوانين متفق عليه، ويمكن تعريف المجتمع في علم الاجتماع بأنه تجمع كتل سكانية في موقع معين، يتفق أفرادها على عادات وثقافات معينة، وليس المجتمع بمفهومه السطحي فحسب، وإنما الأسرة مجتمع، إذ إن الطفل حين يتأهل ويخرج من مجتمعه المصغر وهي أسرته، يسعى ليكون فردا فاعلا في المجتمع، وبذلك تتشكل نواة المجتمعات، وإن المدرسة مجتمع، وإن القبيلة مجتمع، إذ تنطبق علها خصائص المجتمعات، إذ يتجمع أفرادها في موطن واحد، ويتبعون نفس التقاليد، ويتسم أغلبهم تحت نفس السمات، وتسودهم ثقافة واحدة، وإن ما يهيئ المجتمع الواحد ليكون على صورة رجل واحد، هو تكيف جميع أفراده مع الظروف نفسها، وخاصة الجغرافية، وإن أهم ما يميز المجتمع هو تعاون أفراده وتمسكهم ببعضهم، ويلبي كل فرد منهم حاجاته ومتطلباته.

وقد حث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على التعاون والتراحم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، قَال ” من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا فليس منا ” وعن جرير بن عبد الله رضى الله عنه عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، قَال ” من لا يرحم لا يرحم ” فهذا هو طفل صغير كان يعيش في كنف أبيه الذي كان يغدق عليه من حبه وحنانه، فاستثار ذلك الحب والحنان إخوته من أبيه عليه، فحقدوا عليه بلا ذنب ارتكبه، ولا تقصير في جانبهم فعله، فأخذوا يتفكرون فيها كيف يتخلصون منه، ثم استقر رأيهم على أن يلقوه في بئر، يلتقطه بعض قاطعي الطريق، واحتالوا على الأب، وأخذوا الطفل البريء، وجردوه من ثوبه، وألقوا به بلا رحمة أو شفقة، أو مراعاة لدم النسب الذي بينهم في غياهب ذلك البئر، أرادوا إبعاده عن أبيه وأراد الله شأنا آخر، فمكث في ذلك البئر ينتظر الفرج ممن بيده مفاتيح الفرج، وبينما هو في مجلسه ذاك إذا بحبل ودلو يتدلى فتمسك به وصعد، وإذا به بين يدي رجال قساة القلوب فرحوا به لا لأنه إنسان أنقذوه، ولكن لأنه يمكن بيعه في سوق العبيد، وأخذوه وباعوه.

وبدأ في رحلة مرهقة متعبة، فمن كيد النساء إلى السجن، حتى مكن الله له بعد ذلك في الأرض، وإذا بأخوته الذين كادوا له أتوه فقراء محتاجين، فلما عرفوه قاموا يعتذرون، فهل انتقم منهم؟ هل عاقبهم على رحلة العناء والتعب التي كبدوه إياها على حرمانه من حنان الأب الذي حرموه إياه؟ فإن هذه الصورة نهديها ناصعة تضيء بنور هذا الخلق العظيم، خلق العفو والصفح والمسامحة، إلى إخوة من أمة الإسلام، حملهم رحم واحد، ورضعوا من ثدي واحد، وأكلوا من إناء واحد، وضمهم بيت واحد، ثم إذا بينهم قضايا ومحاكم وشرط، وهجر يصل بالأعوام والسنين، يلتقيان على سفرة واحدة في مناسبات مفرحة، أو محزنة، ويأكلان من إناء واحد، ولا يكلم بعضهم بعضا، نسائلهم أين أنتم من كتاب ربكم الذي بين أيديكم يقص عليكم قصة يوسف وإخوته؟ فهذا نبينا وقدوتنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قد مكرت به قريش في جاهليتها، فآذوه، وعذبوا أصحابه، وأخرجوه من بلده، وخططوا لقتله وحاربوه في دينه ومعتقده، وقاتلوه وقتلوا أصحابه، وكانوا حريصين على قتله، ومع كل ذلك يوم أن مكنه الله تعالى من رقابهم يوم فتح مكة.

فقد خاطبهم صلى الله عليه وسلم، وهو واقف على باب الكعبة، وهم وقوف تحت قدميه، فقال لهم ما تظنون أني فاعل بكم؟ فجاءه الرد من قلوب خائفة ذليلة وجلة “أخ كريم وابن أخي كريم” فماذا فعل فيهم صلى الله عليه وسلم؟ فقد خاطبهم بذلك الخطاب الذي يمسك بأذن التاريخ والبشرية، ليصب فيها أروع صور العفو والمسامحة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “اذهبوا فأنتم الطلقاء” مع كل ما فعلتموه “أذهبوا فأنتم الطلقاء” مع كل ما ارتكبتموه “أذهبوا فأنتم الطلقاء” فهكذا يجب أن يكون المجتمع الإسلامى فهو مجتمع عفيف طاهر، لم يتمرغ في أوحال الدنس والقذارة الأخلاقية، بعيد كل البعد عن الأسباب التي تدنسه كالنظر للنساء الأجنبيات، وسماع الغناء الماجن المحرم، والاختلاط بين الرجال والنساء وكل ذلك حفاظا عن الأعراض والأنساب، فقال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى سورة الأنعام ” ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن” وقال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى سورة الإسراء ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ” وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم.

أنه قَال ” ما من أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ” وإن المجتمع الإسلامى هو مجتمع آمن، وإن الأمن من ضروريات الحياة فليس الأمن بالأمر اليسير أو السهل فهو من ضروريات الحياة فالإنسان لا يمكن أن يعيش بهناء وسعادة وينام قرير العين بدون الأمن، وإن كثير من العبادات وكثير من الأعمال الصالحة لا يمكن أن تكون بدون الأمن، فالأمن ضرورة حياتيه مثل الطعام والشراب، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره” وقد عني الإسلام بهذا الأمر عناية فائقة واتخذ عددا من الطرق والعوامل لتحقيق الأمن في المجتمع الإسلامي ومنها هو العناية بالفرد وتربيته وتنشئته تنشئه صالحة، لأن المجتمع يتكون من عدد من الأفراد فإذا كان الفرد المسلم عنده وازع إيماني يعصمه من ارتكاب الجريمة وإيذاء الناس، صار هذا فيه حفظ للمجتمع المسلم من شرور هذا الفرد، والمجتمع كله هو مجموعة من الأفراد ولذلك نجد أن الإسلام عني بتنشئة البيت المسلم من البداية فوجه الرجل إلى الزواج بذات الدين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تنكح المرأه لأربع، لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ” .

قد يعجبك ايضا
تعليقات