القاهرية
العالم بين يديك

هل سينتهي البؤس؟

358
بقلم/ حسن محمد
أعرفُ أنك لستَ على ما يرام، أعرف أنك تخوضُ كلُ يومِ معركة مع الحياة؛ فالفائز بها يأسُكَ والخاسر منها نفسُكَ..
أعرفُ خيباتكَ التي مررت بها، خِذلانكَ مِمَّن حولكَ، وقلّة ثقتكَ تجاه الجميع..
جاءت تلك اللحظة التي..
تسمعُ الجدرانُ -بغرفتك- صراخكَ الصامت، ترى الحروفُ دموعكَ -بكتاباتك- وسط الصَّفحاتِ؛ فلا أحدُ يسمعكَ ولا تُرى..
تهرول الجُرْذَانُ(الفئران) -في الأزقة- لمشيتك المسرعة، تتوقفُ العصافيرُ -حبيسةَ القفصِ- عن التَّغريدِ، تصمتُ الديكةُ -التي تُنذِرُ بفجرٍ وميلاد جديدٍ لشمس مشرقةٍ- عن الصيَّاحِ.
إلى متى عُصفورِ قلبكَ سيظل حبيسًا ووحيدًا؟ هل يُريدُ عصفورةُ تشاركه وحدتهِ أم يُريدُ حريتُهُ؟ متى ستطلق العُصفور -من صدركَ- حتى يُرفرِفُ ويُزقزِقُ؟
أنا أشعرُ بك ياصديقي..
أسمعك تحدثُني -على الرغم من صمتكَ- عنها؛ أنا أعرف من هي، فهل خلتِ الدنيا من غيرها؟
أجدُ في صمتكَ سكونَ المقابر، على الرغم من هدوئها؛ لكنها تعجُّ بالعذابِ والصُّراخِ، والهدوء والراحة أيضًا، ولنتغاضى عن الهدوء والراحة.
إن قلبكَ مقبرةُ؛ قد مات شغفُكَ فيها، تحلَّلت أوتار قلبكَ، واحترقت أعصابكَ بنيران الشَّوقِ لهَا. فهل صعبٌ -لهذه الدرجةِ- تحلُل ذكرُها؟
هل سيفرِّقُ صياحُ الديكة -بحلول فجرٍ جديد- في مدينةٍ تشتعلُ بالحريقِ؟
إن المدينةَ تحتاجُ إلى أمطار لتطفئُها، أمَّا عن الرَّمادِ بداخلها، فكيف ترجعُ الأشياءُ كما كانت؟!
أنا أشعرُ بك ياصديقي..
أشعر بحطامكَ، خوفكَ من نيرانِ أُخرى -غير تلك التي اِنطفأت بداخلك- تحول ما تبقى منك إلى رماد، وأسمعك تقول: هل بقي شيءٌ لكي أخافَ عليهِ؟
إن الليلةَ الأخيرةَ بيننا -التي حدثتني فيها عن قرارك للانتحارِ- كانت غريبة، كان هناك شيءٌ في عينيك -وربما ظننتَ أنني أسخرُ منك كالعادة- حينما حدقت بها إذ أرى وجهًا مُرعبًا، نصفه الأول طفلٌ يبكي والنصف الآخر رجلٌ يضحكَ، والفرقٌ أنه لا فرق بينهم؛ فكلاهما يُعاني، وكلاهما أنت ياعزيزي.
نعم، هناك شيءٍ تخاف عليه، فلمَ تخفي الطفل بداخلك؛ وهو الأمل!
إن صمتكَ كالماءِ تظن أنها ستُطفئُ الحريقُ؛ بل يشعلُ نيرانٌ قلبكَ، تحترق في صمت تام، فنيرانٌ بلا لهبٍ وحريقٍ بلا دُخان، ومع ذلك أشعر بك..
أنا هنا، أنا نفسُكَ التي لا تمل من حديثك معها، أعلمٌ أنك تريدُ الحديثَ مع أحد يفهمك غيري، وفي ذلك حُلمٌ بعيد؛ “فليسَ في الوجودِ من يعرف لُغةَ نفسي”.
أليس اللهُ بكافٍ عبدهِ؟ بلى إنَّهُ الكافِّيُّ والغَنيٌّ عن العالمينَ.
اللهُ يعلمُ كل شيءِ ياصديقي..
يعلمُ تعبُكَ، يسمعُ أنين قلبُكَ ويبصرُ بحالكَ وبؤسكَ، فمع الله؛ سينتهي البؤسُ إلى الأبدِ.
<img class="j1lvzwm4" src="data:;base64, ” width=”18″ height=”18″ />

قد يعجبك ايضا
تعليقات