القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نظرة تأمل مع سعيد بن أبى بردة

307

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن سيرة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة الكرام والتايعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ونحن فى بداية العام الجديد يجب علينا الوقفه مع أنفسنا أولا حاسبوا أنفسكم اليوم فأنتم أقدر على العلاج من غدا، فإنكم لا تدرون ما يأتي به الغد، فحاسبوها في بداية عامكم وفي جميع أيامكم، فإنها خزائنكم التي تحفظ لكم أعمالكم، وعما قريب تفتح لكم فترون ما أودعتم فيها، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال “أيها الناس أن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم” وإن المؤمن بين مخافتين، وهما أجل أى عمر، قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الهرم ومن الحياة قبل الموت، وقال الحليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته “أنكم تغدون وتروحون إلى أجل قد غيب عنكم فإن استطعتم أن لا يمضي هذا الأجل إلا وأنتم في عمل صالح فافعلوا” وقال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

في خطبته ” أيها الناس حاسبوا أنفسكم اليوم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على الله” وقرأ قول الحق سبحانه وتعالى من سورة الحاقة ” يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ” وقال أحد السلف الصالح ” مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفس في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي أي نفس أي شيء تريدين؟ قالت أريد أن أعود إلى الدنيا فأعمل صالحا، قال قلت فأنتي في الأمنية فاعملي” هكذا كان أحدهم يتخيل لنفسه النعيم حتى ينهض بنشاط وقوة على الطاعة، ويتخيل الجحيم حتى يرتدع وينزجر عن المعصية، فبهذا عباد الله أنصح نفسي وإياكم فكل من أراد أن يعين نفسه على الطاعة أن يتخيل أنه في نعيم الجنة يتخيل أنه في نعيم لا ينقطع ولذة لا تحول أبدى فإن تخيل هذا الخير العظيم والرغب في الوصول إليه يدفعك إلى أعمال الخير ويحثك على العبادة، ثم يتخيل أنه في النار بين حرها وزقومها وسلاسلها وصديدها بين عقاربها وحياتها فإن ذلك يزجره عن معصية كاد يخطو إليها

ويرده عن فاحشة كاد يصل إليها، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، فهم قائمون في الأمة مقامهم، ومضطلعون بدورهم، والناس دائما تتطلع إليهم، وعيونهم معلقة بهم، خاصة وقت الأزمات والنوازل، وكلما كان العالم الرباني منظورا إليه، مقتدى به، كانت التبعة أعظم، والمحنة أشد، فالعالم الرباني هو رجل الأمة ودليل العامة، ودرع الحق والشرع الذي يحمي بيضة الدين، ويذب عن حياضه، وبثباته على الحق يثبت الكثيرون، لذلك ما من عالم رباني قام في الأمة إلا تعرض لكثير من المحن والابتلاءات، ولقد كان للصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ذرية كانوا خير خلف لخير سلف في رواية الحديث النبوى الشريف وخرج من أصلابهم جيل تتبعوا أباءهم وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورووا عنهم الحديث، وكان منهم الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، الذي برز من ذريته أبو بردة التابعي وحفيده سعيد بن أبي بردة، فكانوا رواة محدثين لمعت أسماؤهم فى كتب الحديث، وصُنفوا من الثقات العدول، وها نحن نصل في طريقنا في الحديث عن الرواة التابعين.

إلى سعيد بن أبي بردة، فهو التابعي الجليل، سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وهو من الرواة المحدثين ومن صغار التابعين، وقد عاش في بيت يروى فيه الحديث فأبوه أبو بردة من كبار التابعين، وجده أبو موسى الأشعري من كبار محدثي الصحابة، وكما كان له أخ من رواة الحديث ألا وهو يوسف، الذى لقي أنس بن مالك وحدث عنه، وكما أخذ من أبيه، وكان مشهودا له بالحفظ والرواية، وكان يسكن الكوفة بالعراق، وكانت وفاته فيها في العام الثامن والثلاثين بعد المائة من الهجرة النبوية الشريفة، فهو سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، أحد رواة الحديث النبوي، وكان أبو بردة بن أبي موسى الأشعرى، وهو عبد الله بن قيس بن حضار الأشعري، الفقيه، العلامة، قاضي الكوفة وقد حدث عن أبيه، وعن الإمام علي بن أبي طالب، وعن الزبير بن العوام، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن سلام، وأبي هريرة، وآخرين، وقد حدث عنه حفيده أبو بردة يزيد بن عبد الله بن أبي بردة ، وابنه بلال بن أبي بردة الأمير وثابت البناني، وقتادة، وبكير بن الأشج، وأبو إسحاق الشيباني.

وابنه سعيد بن أبي بردة، وطلحة بن يحيى وحكيم بن الديلم، وحميد بن هلال، وأبو حصين، وعبد الأعلى بن أبي المساور، وخلق سواهم، وكان من أوعية العلم، حجة باتفاق ، وقيل أن اسمه عامر، وولي قضاء الكوفة بعد شريح مدة، ثم عزله الحجاج بن يوسف، وولى أخاه أبا بكر بن أبي موسى، وعن ابن عياش القتباني، عن أبيه، أن يزيد بن المهلب ولي خراسان ، فقال دلوني على رجل كامل بخصال الخير، فدل على أبي بردة، فلما رآه، رأى رجلا قانعا فلما كلمه رأى من مخبره أفضل من مرآه، فقال له إني وليتك كذا وكذا من عملي، فاستعفاه، فرفض، وقال حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول “من تولى عملا وهو يعلم أنه ليس له بأهل، فليتبوأ مقعده من النار” أخرجه الروياني، وروى سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال بعثني أبي أبو موسى إلى عبد الله بن سلام لأتعلم منه، وقال أبو نعيم أنه مات أبو بردة سنة أربع ومائة وقال الواقدي أنه مات سنة ثلاث ومائة، فأما أخوه أبو بكر بن أبي موسى الأشعري القاضي المذكور، فهو كوفي عثماني عالم ثقة، وقد حدث عن أبيه.

وعن أبي هريرة، وابن عباس، وجابر بن سمرة، وقد حدث عنه أبو عمران الجوني، وأبو جمرة الضبعي، وحجاج بن أرطاة، ويونس بن أبي إسحاق وآخرون، وقد ولاه الحجاج بن يوسف قضاء الكوفة، وعاش بعد أخيه أبي بردة قليلا، وأما الأمير بلال بن أبي بردة فولي أيضا على البصرة ، وكان جليلا كريما، وقد مدحه ذو الرمة، وكان قد أصابه جذام، فكان ينتقع في السمن الكثير ولما ولي يوسف بن عمر العراق، أخذ بلالا، وعذبه حتى مات سنة مائة وواحد وعشرون، وقيل إن أبا بردة افتخر يوما بأبيه وبصحبته، فقال الفرزدق، لو لم يكن لأبي موسى منقبة إلا أنه حجم النبي صلى الله عليه وسلم، فامتعض لها أبو بردة، وقال أما إنه ما حجم أحدا غيره، فقال الفرزدق وكان أبو موسى أورع من أن يجرب الحجامة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسكت أبو بردة على حنق، وروى سعيد بن أبى بردة عن أبيه أبي بردة بن أبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وأبي وائل شقيق بن سلمة وأبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد وربعي بن حراش، وقد روى عنه قتادة بن دعامة وأبو إسحاق الشيباني.

وشعبة بن الحجاج وأبو العميس عتبة بن عبد الله وزيد بن أبي أنيسة وزكريا بن أبي زائدة ومجمع بن يحيى الأنصاري ومسعر بن كدام وأبو عوانة، وإسماعيل بن أبي خالد وخالد بن نافع الأشعري ودارم الكوفي وغيرهم، وكان سعيد بن أبي بردة من التابعين الذين رووا الحديث عن أنس بن مالك من الصحابة رضوان الله عليهم كما حدث عن كثير من التابعين، ومما ورد من رواية سعيد بن أبي بردة ما أورده الإمام مسلم “عن سعيد بن أبي بردة عن أنس بن مالك، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكله فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها ” فى نهاية المقال أقول لك هل تجدد في أساليب دعوتك، وهل تتحرى الحكمة في قولك وفعلك؟ وما مدى قيامك بواجبك الوظيفي، وعلى أي نحو تؤدي الأمانة التي أؤتمنت عليها في أي موقع كنت؟ حاسب نفسك في نوع مطعمك ومشربك، وملبسك، وماذا تسمع وتبصر، وبم تنطق، وماذا تضمر في فؤادك فقال الله تعالى فى سورة الإسراء ” إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ” .

قد يعجبك ايضا
تعليقات