_بقلم سارة جمال
رأسي يؤلمني بشدة، أشعر بجفوني ترتعد؛ وكأن هناك ما ينهش عقلي لا أعلم أين أنا؟ أو أين كنت؟ مااسمي؟!
كانت جميع الأشياء بداخل عقلي محجوبة تمامًا، رُوَيْدًا أصبحتُ قادرةً على فتح عيناي ولكنني لم أرَ شيئًا؛ كان الظلام يدنس جميع بقاع المكان.
المكان بارد تمامًا وكأنني أعتل..
أفرست! كنت غير قادرة على التحكم في جسدي، فكان هامدًا تمامًا، كان هناك رائحةٌ غريبةٌ تبدو لي مألوفة..
نعم إنها رائحة من الرصاص ولكنه ممتزج بمادة أُخرى رائحتها مألوفة..
– نعم! إنه “كبرتيد الحديد”
بعد محاولات بائسة في الوقوف على قدماي وعدم الشعور بأطرافي؛ استطعت الزحف..
كانت الأجواء لحنها صمت شديد ومرعب أيضًا، ذلك الصمت الذي يجعلك تظن أنك فقدت أُذُنَيْك..
تحسست يداي الجدران التي كانت تبدو رطبة جدًّا وإذا بقطعة لامستها يداي وتبدو لي كرائحة الفحم تمامًا..
أيعقل أنني لا أتذكر شيء سوى روائح المواد وترتيبها الذري، وأسماء العناصر والنظريات التي تتراقص داخل أفكاري، تحسست ملابسي، كنت أرتدي بدلةَ تبدو لي مألوفةً ولكنني غير قادرة على رؤيتها إذ بي أجد داخل جيبي أكياسًا صغيرة لا أعلم ماهيتها، إلتقط أحدهم وقمت بفتحه..
وجدت داخله مادة لزجة، لسرعان ما أسترسل لعقلي أنها مادة “الفازلين” يصحبها أيضًا شيء صغير ورائحة مفعمة بغاز..
لا أعلم كيف احال داخل رأسي فكرة إشعال النار وهممت بإحضار قطعة، الفحم ووضعت الفازلين الذي اشتغل سريعًا جدًّا، وفي وهلة وجدتني داخل مكان غريب تمتلئ جدرانه بالشقوق والكثير من المواد ذات الرائحة النفاذة جدًّا، لا يوجد منفذ للضوء وربما الهواء أيضًا يبدو قليلًا أو يأتي من مسافة بعيدة جدًّا..
نعم إنه كهف ربما تحت الارض أو في إحدي الاماكن الصحراوية..
كنت أضع قطعة الفحم المشتعلة بالكامل أرضًا وإذا بي أستطع أن أرى ملابسي وجدت العديد من الجروح في قدماي وإذا بي أري كلمة “Nasa” تعلو بدلتي هذه أو بقاياها، لا أعلم..
أفكاري مشوشة ذاكرتي تعطيني نبذات متقطعة، يالله، من أنا وأين الآن؟
أخذت عيناي تبكي رغمًا عني و لحظة تلو الأخري أدركت جميع الأشياء:
-يا إلهي رحماك يا كريم.
أيعقل أن هذا حدث؟ أنني على قيد الحياة هنا !
أمكث داخل مقبرة هذا النجم الآن!
تذكرت وجه أمي الحزين يودعني، و تذكرت هذا القرار الجنوني الذي اتخذته أنا وصديقي سام، أحقا اتخذت هذه الخطوة و أطلقت العنان لعقلي للذهاب في رحلة الموت!
***
“مركز البحوث وكالة ناسا الأمريكية “
المكان مربك تمامًا، تختلق الأجواء قلقا وتوترا منتظرين ومتأهبين لأى إشارة مُرسلة من المركبة “Sano B3 ” يقف -في إحدي الأركان- رجل حاد المّلامح.. جامد الوجه ولكن عيناه حائرتان وإذا به ينادي متحدث بطلاقة في اللغة الإنجليزية التي تنافي ملامح وجهه العربي الاصيل:
-أخبره بأن يرسل الى المركبة “B4” إشارة بالبدء في تنفيذ الخطة البديلة..
وبعد القليل من الدقائق حال الحزن جوف المكان وتحدث هذا الشاب قائلًا:
-لقد تم العثور علي المركبة “Sano ” و الرائد “sam” ينازع الحياة ولكن لايوجد أي أثر للرائدة “Sana” إختلق غضب هذا الرجل عنان هذه الغرفة، وأخذ يُلقي جميع الأشياء أرضًا، وإذا به يذهب مسرعًا إلى إحدى المكاتب مُمسكًا هاتفه وأخذ يقول:
-لقد فعلتها أخبرتك بأنها لن تعود لماذا هي لماذا؟
وأغلق الهاتف مُلقيًا جسده أرضًا منهمر في البكاء، والنحيب كطفل فقد أمه توًّا.
لا أعلم كم مر من الوقت هنا.. فقدت مقدرتي على حساب الدقائق وربما مرت سنين، هذه البقعة من الأرض لا تخضع إلى أى قانون بشري أثبت..
تمنيت لو أنني أمتلك مقدرة في الرجوع وأثبت للعالم أن “ألبرت أينشتاين” كان صاحبًا بُعدًا صحيحًا، ها أنا الآن مازلت أتنفس بعد مروري ولكن دعنا نصحح! -مازال نصفى منتبهاّ ومستيقظ والنصف الآخر رافض لأى إرادة مني.
“نسبية أينشتاين تثبت نجاحها لمرة أخري”
-أنا أنتظر هنا.. أنتظر الموت أو ربما البقاء على أية حال.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية