القاهرية
العالم بين يديك

التربية فن

150

كتبت/ سالي جابر

” إن أفرطنا في صقل الرخام، سيتفتت، وإن أفرطنا في صقل النحاس، سيؤثر فيه الزمن، وإن أهملنا المباني، تستخدم وتسقط؛ ولكن إن عملنا علي العقول الخالدة، وغرسنا فيها المبادئ، فإننا بذلك ننقش تلك اللوحة التي لن يؤثر فيها الزمن، والتي ستظل تلمع وتلمع إلي الأبد” دانيل وبستر
وهذه الكلمات تعني اهتمامنا بعقلية الطفل، والعمل علي تنمية مهاراته، واكتسابه الثقة التي تساعده علي النمو بصورة صحية، ويري أيضًا”سيجموند فرويد” أن المشاكل النفسية للكبار ترجع مباشرة إلي خبرات الطفولة المجهدة والمدفونة في العقل الباطن.
السؤال المهم الآن هو: كيف تكونت هذه الخبرات؟!
والسؤال الأهم هو كيفية الوقاية من ذلك؟!
الإجابة علي هذه الأسئلة كانت من واقع الجلسات، لأسئلة للأمهات، ففي كثير من الأحيان نخطئ جميعنا بصورة أو بأخرى مع أطفالنا، أخطاء ينجم عنها تأثيرات سلبية عديدة لا نشعرها إنما نقف حائرين عن أجوبة لها، ومن هذه الأسئلة:
• لماذا طفلي كئيب رغم كل ما أفعله معه؟!
من ضمن أسباب عدم ثقة الشخص بنفسه هو ما نفعله نحن به، الآثار التي نتركها داخله من وصفنا له. وهناك في مشهد فيلم War for the planet Apes قرد سيء يعيش بمفرده في كهف مظلم، هارب من سجن الجنود الأمريكيين، عرف نفسه لأبطال الفيلم بأنه قرد سيء، هو بالطبع ليس لقبه؛ لكن هذا اللقب كانوا ينادونه به، وهو ما صدقه هذا القرد، وبدأ يصف به نفسه.
‏وقد نجد الطفل يصف نفسه بأنه سيء، غبي، ثرثار؛ لإننا من نصفه بذلك إلي أن يصدقه، ثم نشتكي من إنه يقول كذا، أو يفعل كذا، ولا نحمل أنفسنا مسؤولية هذا الخطأ.
‏هل يضحك الطفل ويبتسم وأنا أُردد هذا علي مسامعه.
• صوت طفلي مرتفع دائمًا…ماذا أفعل؟!
هذه طبيعة الطفل؛ إنما يمكننا تغييرها بالتدريج، هي صفة قابلة للتصحيح، والأصعب في ظل الضغوط التي تعانيها الأم دائمًا هو التعامل مع طفلها بهدوء، لإن عليكِ أن تكونين قدوة لطفلك، فكيف تصرخين في وجهه لتأمريه أن يكف عن الصراخ والصوت المرتفع؟!
• طفلي يعاندني …ماذا أفعل؟
العناد صفة طبيعية لدي البشر، وهو أيضًا صفة قابلة للتصحيح، وأول ما نفعله هو ألا نعاند نحن مع الطفل، فنجد دائمًا شكوي الأم: طفلي يصرخ في وجههي، لا ينفذ أوامري، يبكي بشدة، عندما أمنع عنه لعبته كنوع من العقاب مما يضطرني إلي أخذها منه عنوة وبكل عصبية.
‏بسؤال الأم: هل من دستور للمنزل؟!
‏هل تستخدمين أسلوب الثواب والعقاب معه؟!
‏فكانت الإجابة لا…إذًا لا قاعدة، لا مكافأة، لا حوار…. فلماذا تعاقبينه؟!
‏لماذا تعاندين أنتِ طفلك؟!
‏لا بد من الاتفاق علي قواعد، وعند الإِخلال بها يتم العقاب، ولابد أن يكون العقاب علي قدر الخطأ، ولابد أيضًا من تنوعه، ونحتاج أحيانًا أن نُغمض أعيننا مرة عن الخطأ- إذا كان لا يعرف أني رأيته- لإن من الطبيعي أن يُخطئ الأطفال، فالطفل يتعلم بالمحاولة والخطأ.
‏ذكر “ستيفن آر.كوفي” أنه” عندما ينخرط الأطفال في المبادئ الخالدة مثل المسؤولية والخدمة والأمان سوف تعزز قيمهم وقدراتهم؛ حيث يطورون الثقة بأنفسهم والشجاعة اللازمة لفعل الأمور الصحيحة، ويتمكنون من بناء شخصياتهم، ويتمكنون من التواصل مع طبيعتهم الداخلية”
‏ولهذا لابد أن نعلم أن التربية فن يحتاج منا إلي استشارة، هدوء، احترام الذات والآخر، وعليه كوني دائمًا علي قدر من السلام الداخلي مع نفسك، ولابد أن تعلمين أن طفلك لم يأتِ إلي الدنيا لإهانته أو تعذيبه- قولًا أو فعلًا- إنما هو أمانة من الله لكِ، فاحرصي عليها واستثمري فيها وقتك وجهدك ومالك.

قد يعجبك ايضا
تعليقات