القاهرية
العالم بين يديك

رسائل قريبة بعيدة

241

بقلم سعاد مباشر

مِن جدتي هناك، من هذا المَرجِ الأخضرِ، يا ذاتَ العيونِ الطيبةِ وهذا الشَعرِ الرماديِّ المسترسِلِ.

حتى تلك الملامحُ منها فيّ، أراها وهي تقول:

– بُنيتي، عودي إلى جذور وأصل الأشياء ،عودي إليكِ وإلي كلِّ ما يُشبهكِ،عودي إلي كل ما يَبُثُّ فيكِ الحياةَ، فأنتِ الحياةُ خُلِقَتْ منكِ ومنها أتيتِ.

إذا أردتِّ البكاءَ فافعلي كي تتطَهَّري أمامَ النهرِ الهادرِ هناك، ليأخذَ حزنكِ رويدًا رويدًا ويذهبَ الهمَّ عنكِ.

ومن ثم دعي الهواء يحمل عنك المشاعر، فتنعمي بحالٍ أطيبَ وبنسماتٍ أهنأَ.

تنفسّي يا ابنتي، تنفسّي ملءَ نَفسِكِ وكيانكِ وقلبكِ.

دعي الهواءَ والنورَ على حدٍّ سواءٍ يدخلانِ إلى كُلِك.

واسمحي للشمسِ أن تضيءَ ذراتك، فهي شبيهتك بالدفءِ والعطاءِ الغامرِ والنورِ الساطعِ، وهذه هي حقيقتك.

أعلمُ أن سمعكِ يحتاجُ إلى السكونِ، دعي الطيورَ تُريحُ سمعك، وأصواتَ الطبيعةِ والجداولِ من حولكِ.

وبعدها تغوصين إلى سكون روحك.

عيناكِ أيتها الفاتنةُ تحتاجُ أن تتشبعَ بما يعيدها جميلةً ولامعةً دومًا كما عهدتها، فيهما معبرُ روحكِ ومحلٌّ من سرِكِ.

دعيها ترى جمالَ بديعِ صُنعهِ في كلِّ شئٍ وفي لحظكِ.

أما عن أنفك دعي الزهور والأشجار تتولى أمرِك.

اغمري الحيوان بحُبكِ واستشعري منه مردودَ عطفكِ.

أي بنيّة، تظنين الكونَ عليكِ يتآمر؟

نعم يتآمر علي شفائكِ ورونقكِ ورُقيّك.

ألم تسمعي شمسًا في إحدى قواعده يقول:

“إن الله مُنهمك في إكمال صُنعك من الخارج ومن الداخل، إنه مُنهمك بك تماماً، فكُل إنسان هو عمل متواصل يتحرك ببطء لكن بثبات نحو الكمال، فكُل واحدٍ مِنا هو عبارة عن عمل فني غير مُكتمل يسعى جاهداً للاكتمال.

إن الله يتعامل مع كل واحد مِنا على حِدة، لأن البشرية لوحةٌ جميلة رسمها خطاطٌ ماهر، تتساوى فيها جميعُ النقاطِ من حيث الأهمية لإكمال الصورة”.

وختاماً لا تدرين أنتِ كم من العيون والقلوب ترعاكِ وتحرسك وتحبك.

إلي لقاء غامر متجدد هنا في هذا المرج المتسع المتمدد.

قد يعجبك ايضا
تعليقات