القاهرية
العالم بين يديك

ومضات… (4) العولمة

366
بقلم د/سلوى سليمان
نعيش في الآونة الحالية عصر العولمة والانفتاح على الغرب، إلا أن العولمة كمفهوم بات مجهول المعنى والهوية لدى الكثيرين؛ لذا سوف ألقي الضوء على ظلاله لاماطة ما أُحيط به من غموض.
العولمة في اللغة هي مصدر الفعل عَولَمَ وهي انتقال المعلومات بحريةٍ تامة بين المجتمعات المختلفة، فضلاً عن انتقال رؤوس الأموال، والسلع والتكنولوجيا، ومختلف الأفكار والمنتجات الإعلامية، والثقافية بينها، ليصبح العالم أشبه بقريةٍ صغيرة، أما مصطلح عَولَمَ الشيء فيعني أعطاه الصبغة العالمية.
وقد تعددت تعريفات العولمة تبعاً لوجهات نظر الباحثين واتجاهاتهم، فيرى بعض الباحثين أن العولمة هي تداخل لمختلف الأمور السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والسلوكيات المختلفة بين الشعوب دون أدنى اعتبار للحدود السياسية .
ومنهم من قال أنّ العولمة هي زيادة الارتباط المتبادل بين المجتمعات البشرية، والمنتجات، والمعلومات، والأشخاص أيضاً، ويعرفها “مالكوم واترز “مؤلف كتاب العولمة بأنها «كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو بدون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد».
ويشير “رونالد روبرتسون” إلى أنها «اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد، والمجتمعات بهذا الانكماش».
ومن هنا يستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي تكتسب بها العلاقات الاجتماعية نوعاً من عدم الفصل، وتلاشي المسافة، حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد ـ قرية واحدة صغيرة – قرية عالمية ،تتقارب فيها الصلات بين الأجزاء المختلفة من العالم، مع ازدياد سهولة انتقال الأفراد ، والتفاهم المتبادل والصداقة فيما بينهم ؛فالعولمة تعني جعل الشيء عالمي أو جعل الشيء دولي الانتشار في مداه أوتطبيقه.
وقد تكون العولمة اقتصادية اي ازدياد الحرية الاقتصادية وقوة العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في الأماكن المختلفة، وقد تكون ثقافية وتعني، انتقال الأفكار والعادات من مجتمع إلى آخر.
وتختلف العمليات الانتقالية الثقافية بين المجتمعات في الأهمية ودرجة التأثير؛فمثلا الثقافة الأمريكية لها تأثير كبير على ثقافة مجتمعات العالم بحكم السيطرة الثقافية.
والعولمة تقع ما بين مؤيد ومعارض ، فالمؤيد يؤكد أن للعولمة ايجابيات تتمثل في :أنها تسعى إلى صياغة عقول الأفراد نحو الفكر المستقبلي، والبعد عن الفكر التقليدي، وتساعد على حل العديد من المشكلات الإنسانية، والتي لا يمكن حلها من خلال السيادة الوطنية، ومن هذه المشكلات انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومشاكل التلوث البيئي، والتهديدات الثورية، وغيرها من المشكلات التي لا بدّ من أن تشترك جميع دول العالم في القضاء عليها،و وتفتح العولمة آفاق معرفية جديدة ،و ظهور روح المنافسة بين أصحاب الكفاءات، وتعد العولمة وسيلةً لتسريع التطور الديمقراطي العالمي، وإضعاف نظم الاستبداد العالمي.
بينما يرى معارضو العولمة أن لها مساوئ منها استغلال الدول الكبرى لدول العالم الثالث من أجل المواد الخام ،كذلك السيطرة الاقتصادية والاكتناز المالي والسيطرة الأمريكية المتمثلة بالهيمنة على اقتصاديات العالم، بحيث أصبحت العديد من الدول تخضع لرحمة صندوق النقد الدولي، فتطلب منه المعونات ، ايضا استثمار رؤوس الأموال العربية في الغرب والسيطرة عليها تبعاً للنظام الغربي.
واخيرا .. العولمة هى قولبة للعالم في إطار يلغي الحواجز بين الدول بحيث يكون أشبه بقرية عالمية تحوي دول العالم بدون حواجز فيسهل التواصل بين أرجائها .

قد يعجبك ايضا
تعليقات