القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

موسم العلاقات

141

كتبت أماني عز الدين
كعادتها كل صباح، أعدت سميحة فنجان قهوتها واتجهت نحو الشرفة لتشربه في هدوء وهي تتطلع إلي شجرتها العتيقة ذات الأغصان الملتفة التي صاحبتها في رحلة حياتها منذ أن كانت صغيرة، لقد لاحظت في الأشهر الأخيرة أن شجرتها قد تسللت لتقترب منها أكثر بأن مدت بعضاً من أغصانها إلي داخل الشرفة، كأنها أرادت بذلك أن تسمع همسها .
و بينما كانت تخطو أولي خطواتها بالشرفة شعرت بشيء يتحطم تحت أرجلها داسته عن غير قصد، نظرت مسرعة لتجد بعض الأوراق الجافة التي قد سقطت عنها، نظرت إليها نظرة عطف وكأنها تعتذر لها عما بدر منها حين دخلت إلي الشرفة وحطمتها بقدميها ..لقد داهمهم الخريف هكذا يأتي علي غفوة!
فيجبر الأشجار أن تتخلي بكل قسوة عن أوراقها وتسقطها بلا رحمة وتلقيها أرضا،
لتدوسها أقدام العابرين فتتحول إلي هشيم ..
جلست سميحة ترتشف قهوتها ومع كل رشفة تغوص في عالمها الخاص أكثر . شعرت برجفة سرت في كل أوصالها حينما تذكرتهم أولئك الذين مروا بحياتها كعابرين، منهم من عبر من جوارها، ومنهم من عبر من خلالها، ومنهم أولئك الذين يتساقطون كأوراق الخريف، متناسين كل ما كان يجمعها بهم، لطالما أدهشها سقوطهم ومازال يدهشها، بل ويولد داخلها شعورا بالخذلان.
هل حقا أن للأشخاص مواسم يزدهرون فيها كزهور نيسان ؟! ثم يأتي خريف العلاقات ليعلن انتهاء صلاحيتهم بالنسبة لنا، فتتحول حياتنا بدونهم لتصبح خريفا دائما، حياة جافة كالأغصان اليابسة !
هكذا هو الخريف، وهذا هو المعني الحقيقي له .علي الرغم من ذلك كانت تشعر أن الخريف هو الفصل المحبب إلي قلبها، فهو يشعرها دوما أن الأفضل هو القادم حيث يزهر كل شيء من جديد ..وأن الامتنان هو الشعور الحقيقي الذي يجب أن تعيشه، امتنان حتي لأولئك العابرين سريعا في حياتها لأنهم تركوا فيها تلك الندوب التي علمتها الحذر .
دائما هناك الشعور والشعور المضاد، مهما كانت سطوة الخريف سيظل الغصن يتشبث بالشجرة عله يزهر من جديد..
تلك كانت دائما نظرة سميحة للأمور …

قد يعجبك ايضا
تعليقات