..
بقلم /أماني عز الدين
كانت دوما تبدو أمامه علي تلك الحالة من الرزانة والعقل والهدوء ، لم يكن يعلم ماتخفية عنه من مشاعر رقيقة تحملها نحوه ..
خلف هذا الوجه الطفولي الملائكي ، كانت هناك أنثي غير مكتملة ، لكنها أنثي عاشقة ..
كحال أغلب الفتيات الصغيرات تنضج مشاعرهم قبل أجسادهم ..
كان الأستاذ أحمد مدرس اللغة العربية كما تراة «أمل» هو تجسيد للرجل كما يجب أن يكون ..
أما هو فكان يري فيها الطالبة المجتهدة الحريصة علي العلم، ولهذا كان يميزها عن باقي الطالبات كما هو حال كثير من الأساتذة يولون إهتماما للمتميزين من طلابهم ..
أخرجت ورقة من دفترها وكتبت فيها ..
«أشعر أني حين بدأت أكتب إليك أصبحت الكلمات تتسابق كي تخرج مني لترتمي علي أعتابك، كحبات سبحة شيخ انفرطت من بين يديه وتساقطت علي أرض منحدرة، تخرج من بين شفاهي لتفر هاربة من محبسها، تاركة وراءها ألف سؤال وسؤال، وتبقيني أنا تلك الحائرة التي لا تملك أي إجابات ولا أدري هل تحررت هي وسجنتني ..
أحتاج للكثير من الشجاعة كي أتغلب علي مخاوفي، وأقف في حضرتك وأعترف بمنتهي الضعف «أني أحبك» مفهوم الشجاعة لدي مختلف قليلا، في رأيي الشجاعة ليست ما نفعله بخوف ولكن هو مانفعله رغم الخوف ..
لازلت أخشي الاقتراب أكثر بقدر يماثل خوفي من الابتعاد، أقسى ما يمكن أن يزعج أحد أن يخير بين أمرين أحلاهما مر ..أنا لا أملك القوة لأقترب وإني أضعف من أن أقترب ..
أخشي أن أكون فراشة تقترب من الهلاك بقربها من اللهب ..
أخجل كثيرا من رسالتي فلا تذكرها لي لحظة أن تتلاقي عيني بعينك وتلمح فيهم خجلي .. »
وقعت الرسالة بأول حرف من اسمها « أ »
أغلقت الورقة وعطرتها بعطر آخاذ، ثم دستها بين أوراقه في غفلة منه ..
بينما هو في حجرة المدرسين يتصفح أوراقه وقعت عينه علي تلك الرسالة وقرأها، تأثر بما جاء فيها ، تري من هي تلك الحالمة الرقيقة ..
ويتجه بنظرة إلى الأستاذة « أميرة » فتبتسم له تلك الابتسامة الخجولة التي كان يعهدها ، إنها هي هكذا حدثته نفسه ..
رد عليها بابتسامة عذبة ..
وقد عزم علي ألا يذكر لها شيئًا عن تلك الرسالة أبدا حتي لا يخجلها ..
مرت عدة أيام وأمل في انتظار أى إشارة تعرف منها أنه قرأ الرسالة ، حتي كان ذلك اليوم الذي سمعت فيه أصوات تهنئة في حجرة المدرسين لتراه يقف ممسكا بيد أستاذة أميرة يتلقون التهاني بمناسبة خطبتهم وسط دهشة من باقي المدرسين ..
تسأله زميلة كيف بهذه السرعة تمت خطبتهم ؟!
رد وهو ينظر إلي أميرة بكل حب قد تأتينا رسالة لنعرف بها وجهتنا ..
دمعت عين «أمل » وهمست لنفسها لقد قرأ الرسالة ..