بقلم- مودّة ناصر
يقول درويش:” لا أحد يحن إلى جرحه، لا أحد يحن إلى وجع أو كابوس، بل يحن إلى ما قبله، إلى زمن لا ألم فيه سوى ألم الملذات الأولى، التي تذيب الوقت كقطعة سكر.”
لكن ماذا إن كان ذلك الجرح هو قطعة منك، تحملها كما تحمل اسمك، تنتمي إليه وينتمي إليك، يصيبك بالحنين إليه وإلى ما قبله، حنين إلى الوقت الضائع الذي ابتلعه الكابوس، ونزفه العمر نزفا لن يضام.
ينظر إليك الوجع بلوم، ينعتك بالحمق؛ فإنك تنساه في كل مرة وتحن مجددا، فينزف الجرح كلما التئم، ينتهي ولا يرحل، يبقى أثره حتى يحيا ويبعث من جديد.
ليتنا نختار أوجاعنا ولا تختارنا، فبعضها يرحل وينسى، وبعضها حي في روحك الميتة إلى أن تموت.
تلك الملذات التي ذابت فيك كما يذوب السكر، تحولت إلى سكر الألم، الذي ترتشفه مع كل خيبة تلدها الأيام.
لا يؤلم الوجع أحيانا في ذاته، بل بسببه الذى به كان، إنه رسام ماهر، يحسن صبغ الأعين بالحزن، والنقش على جدران الفؤاد، ليبقي أثره فيك، ويخط تجاعيد الحنين على الجبين.
أكتب والحنين ضيفي، والوجع قبلتي، الكابوس حي أراه، أخذت على نفسي عهدا تلك المرة، أن أتجنب الحمق، وردد قلبي قائلا:
” لا أحد يحن إلى جرحه، لا أحد يحن إلى وجعه.”
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية