القاهرية
العالم بين يديك

كرامات الأولياء بين الحقيقة و الشعوذة

290

كتب_الشريف أحمد

الكرامات لابد ان تكون مُدعَّمة ببعض الأدلة والأمثلة والضوابط والفوائد .

كيفية الحكم على خرق العادة النظر في سيرة واستقامة من خرقت له :

تمييز الولي الصادق الذي قد تجري على يديه الكرامات من الداعي الكاذب الذي يموه على الناس ويخدعهم، فإنما يكون ذلك بحسب صلاحه وتقواه، من قيامه بالفرائض والنوافل، واتقائه الكبائر، والصغائر، واتصافه بالصفات الكريمة، واستدامته عليها، فإن اتصف شخص بكل هذه الصفات الطيبة، وعرفت عنه، ثم حدث على يديه شيء من الخوارق فيما لا يخالف الشرع، فيجوز أن يطلق على ذلك الخارق اسم (كرامة)، أما إن كان الرجل على خلاف ذلك، مشتهرا بالفسق والفساد والضلال، وغير ذلك، فإن كل ما يجري على يديه لا يعتد به وإن بلغ ما بلغ .

ما حدث مع علي بن أبى طالب :

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله أدعو عليّاً، فأتيت بيته فناديته فلم يجبني فعدت فأخبرت رسول الله فقال لي: عد إليه ادعه .

قال: فعدت أناديه فسمعت صوت رحى تطحن، فشارفت فإذا الرحى تطحن وليس معها أحد، فناديته فخرج إلي منشرحًا، فقلت له إنّ رسول الله يدعوك .

فجاء ثم لم أزل أنظر إلى رسول الله وينظر إليّ .

ثم قال: يا أبا ذر ما شأنك، فقلت: يا رسول الله عجيب من العجب رأيت رحىّ تطحن في بيت عليّ، وليس معها أحد يرّحى .

المقولة الشهيرة عمر بن الخطاب لعلي “لو زادك رسول الله لزدناك” :

الإمام علي ابن أبي طالب بينما نحن فى خلافة الفاروق عمر رضي الله عنهما اذ رايت كأنى اصلى الفجر خلف رسول الله فلما فرغنا من الصلاة خرجت فإذا إمرأه واقفه على باب المسجد وبيدها طبق فيه تمر فأعطتنى الطبق .
وقالت لى يا على أعطى هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوزعه على أصحابه قال على فلما دخلت بالطبق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الرسول يده فى الطبق فأخذ تمرة فوضعها فى فمى فلما شعرت بحلو طعمها قلت زدنى، تمرة أخرى ولكنى استيقظت قبل أن يزيدنى استيقظت من منامى على وقع أذان الفجر ليرسخ قناعة لدي عموم المسلمين ” بأنه كلما قربت الرؤيا من الفجر كلما كانت صادقة “.
إستكمل الإمام علي بن أبى طالب روايته قائلا :

ذهبت إلى مسجد المصطفى فى اليقظة فرأيت أمير المؤمنين عمر يُصلى الفجر بالناس فلمّا فرغنا من الصلاة وراءه وخرجت من باب المسجد رأيت امرأة واقفة الى باب المسجد وبيدها طبق فيه تمر.
المرأة وجهت حديثها إِلَيّ قالت: يا على خُذّ هذا الطبق و أعطهِ أمير المؤمنين عمر ليوزعه على أصحابه فلما دخلت بالطبق على عمر وضع يده فى تمرة فوضعها فى فمى فلما شعرت بحلو طعمها قلت زدنى تمرة أخرى يا أمير المؤمنين فقال لى عمر لو زادك رسول الله لزدناك .
وجه سيدنا علي كرّم الله وجههُ تساؤلا للفاروق عمر رضي عنهما أهى رؤية رأيتها أم غيب أطلعت عليه يا عمر فقال الفاروق يا علي ما هى رؤيا ولا غيب ولم يعقب مما زاد من حيرة علي .

والكرامات عديدة، ومنها: عجز الملك عن قتل الغلام حتى قال: بسم الله رب الغلام .

ومنها: إحضار الذي عنده علم من الكتاب عرش بلقيس إلى سليمان عليه السلام، هذه الكرامات تجدها في سورة آل عمران : أية رقم 37 .

ومن الكرامات الواقعة للصحابة رضي الله عنهم:

أن عبد الله بن حرام والد جابر رضي الله عنهما توقّع مقتله في أول من يقتل يوم أحد، فحصل ذلك ودفن مع عمرو بن الجموح رضي الله عنهما فأخرجه جابر بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم دُفن غير أذنه، ثم دفنه في قبر وحده (رواه البخاري) .

ضوابط قبول الكرامة :

· أن يكون من وقعت له من عباد الله المؤمنين. “فمن لم يكن له مصدقاً فيما أخبر به ملتزماً طاعته فيما أوجب وأمر به في الأمور الباطنة التي في القلوب والأعمال الظاهرة التي على الأبدان لم يكن مؤمناً فضلاً عن أن يكون ولياً لله، ولو حصل له من خوارق العادة ما عسى أن يحصل، فإنه لا يكون مع تركه لفعل المأمور وترك المحظور من أداء الواجبات من الصلاة وغيرها بطهارتها وواجباتها، إلا من أهل الأحوال الشيطانية المبعدة لصاحبها عن الله المقربة إلى سخطه وعذابه”.

فقال تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } المؤمنون:60 .

وقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت: «أَهُمُ الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا، يا بنت الصديق؛ ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون ألا يُقبَل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات» أخرجه الترمذي .

· يُحكى عن عبد القادر الجيلاني :

أنه عطش عطشاً شديداً، فإذا سحابة قد أقبلت وأمطرت عليه شبه الرذاذ حتى شرب.

ثم نودي من سحابة : يا فلان أنا ربك، وقد أحللت لك المحرمات.

فقال له: اذهب يا لعين، فاضمحلت السحابة .

وقيل له : بِمَ عرفت أنه إبليس ؟ قال: بقوله: قد أحللت لك المحرمات. هذا وأشباهه لو لم يكن الشرع حَكَماً فيه لما عرف أنها شيطانية” .

· ألا يستعين بالكرامة على معصية الله عز وجل فإن أكمل الكرامات ما كان معيناً على طاعة الله عز وجل أما الكرامة والكشف والتأثير إن “لم يكن فيه فائدة كالاطّلاع على سيئات العباد، وركوب السباع لغير حاجة، والاجتماع بالجن لغير فائدة، والمشي على الماء مع إمكان العبور على الجسر فهذا لا منفعة فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهو بمنزلة العبث واللعب” .

· صاحب الكرامة أو حاجة غيره، وإنقاذه أو إنقاذ غيره :

كما حصل لسعد رضي الله عنه في قصة مرورهم على الماء، وكما حصل لسارية حيث نُجِّي الجيش عامة، وليس هو وحده .

إبتلاء من وقعت له الكرامة أيشكر أم يكفر؟ :

في وقوع الكرامة لناس دون آخرين ابتلاء لمن لم تقع لهم الكرامة غايتهم من الاستقامة، وهم يثبتون بلا كرامة لا يتزعزع إيمانهم، العمل بمقتضى الكرامات من فوائد الكشف والإلهام والفراسة والرؤى وهي من الكرامات تحصيل الخير وتوقي الشر قبل وقوعه. وشرط ذلك: ألا يعارض العملُ بناءً عليها حكماً شرعياً ولا قاعدة دينية، ومثاله: لو شهد شاهدان عدلان في أمر، فرأى القاضي في منامه النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: لا تحكم بهذه الشهادة؛ فإنها باطل، فإنه لا يجوز له العمل بمقتضى هذه الرؤيا؛ لأنها تهدم قواعد الشريعة، وكذا لو حصلت له مكاشفة بأن الماء الذي يريد الوضوء به مغصوب أو نجس، فإنه لا يتركه ويتيمم؛ لأن فتح هذا الباب يبطل العمل بالظاهر، ويلغي الشريعة.

الكرامة: ليس وقوع الخارق أمراً لازماً للولي، فكم من الأولياء الصادقين من الصحابة فمن بعدهم قلم تقع لهم خوارق! وكم من السحرة والمبطلين من وقعت لهم الخوارق، ولا شك أن الخوارق ابتلاء للعبد من جنس النعم، وليس حصولها برهاناً على فضل الرجل عند الله، ولا عدمها دليلاً على هوانه. قال الله تعالى: { فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ . وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ } الفجر : 15-17 .

أن الدين إذا صح أوجب خرق العادة إذا احتاج إليه صاحبه؛ لقول الله تعالى: { وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } الطلاق 2-3 .

الختام :

إننا نثبت الكرامات لأولياء الله الصالحين، ونقول: ليس كل من أتانا بخارق عددناه ولياً، ما لم يكن ملتزماً بهدى السابقين الأولين رضي الله عنهم. وفي الوقت نفسه لا ننتقص أحداً من الصالحين؛ لأنه لم تقع له كرامة؛ فكم من ولي لم يحصل له خارق، وإن أعظم كرامة هي لزوم الاستقامة .

قد يعجبك ايضا
تعليقات