بائع البونبون

كتبت _ شيماء السيد

ركبت الأتوبيس كعادتى وانا عائدة من العمل إلى المنزل، كانت الشمس تستحى من الظهور فى نهار ديسمبر فمال الجو للبرودة، وبعد فترة من الوقوف وسط الناس ومحاولاتى المستميتة فى السيطرة على توازني من المطبات، والتشبث بأي شىء تصل إليه يدى لمقاومة السقوط، دق الحظ بابي وفرغ الكرسي الذى أقف بجانبه، فأسرعت إليه بلهفة الفائز في مسابقة المليون، وجلست سريعا قبل أن يسبقني أحد، وبدأت أعبث فى هاتفى لإضاعة الوقت حتى وجدت يد صغيرة تضع حبة بونبون فى يدى، نظرت سريعا إلى صاحب تلك الكف فوجدته طفلا لا يتجاوز الرابعة من عمره، يرتدى ملابس رثة عبارة عن بنطال قصير أبيض ممتلئ بالبقع وتيشرت أصفر نصف كم فى ذاك الصقيع المدمر، وحافي القدمين ويمسك فى يده كيس بلاستيك أبيض يضع بداخله حبات البونبون، وجدته يندس بين الركاب فى حركه سريعة ويمارس مهمته بجديه، ويضع فى يد كل راكب حبة وإن كان يقطع عليه تركيزه صوت سعاله المفزع الذى ينم عن وجود مشكلة كبيرة فى الرئة، ظللت أتابع الطفل بعيني الذاهلة وهو يكرر المرور مرة أخري ليأخذ البونبون، أو ثمنه دون أن يتحدث مع أحد أو حتى ينظر لأى شخص، وبعدما انتهى من أداء مهمته هبط سريعا من الأتوبيس فى مكان ممتلئ بالمارة والسيارات والكلاب أيضا، تابعته ببصرى من الشباك فوجدته يسير سريعا على الأسفلت بقدماه الحافية فى اتجاه الناس ليذوب وسط ضمير الإنسانية .