القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذة عن الأرقم بن أبى الأرقم ” الجزء الأول “

144
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ومازال الحديث موصولا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوف نتحدث فى هذا المقال عن صحابى جليل كان من السابقين الأولين وقيل عنه أنه قد أسلم بعد عشرة وقال البخاري عنه أن له صحبة وقد ذكره ابن إسحاق وموسى بن عقبة فيمن شهد بدرا وقد روى الحاكم في ترجمته في المستدرك عنه أنه أسلم سابع سبعة، وقد أسلم هذا الصحابى الجليل على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، فعن السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرج أبو بكر الصديق يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له صديقا في الجاهلية، فلقيه فقال يا أبا القاسم فقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إني رسول الله أدعوك إلى الله عز وجل فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كلامه أسلم أبو بكر فانطلق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما بين الأخشبين أحد أكثر سرورا منه بإسلام أبو بكر.
ومضى أبو بكر وراح لعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير ابن العوام وسعد بن أبي وقاص فأسلموا ثم جاء الغد عثمان بن مظعون وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا رضي الله عنهم” ولقد كان من الحكمة تلقاء هذه الاضطهادات أن يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسلمين عن إعلان إسلامهم قولا أو فعلا، وأن لا يجتمع بهم إلا سرا، لأنه إذا اجتمع بهم علنا فلا شك أن المشركين يحولون بينه وبين ما يريد من تزكية المسلمين وتعليمهم الكتاب والحكمة، وربما يفضي ذلك إلى تصادم الفريقين، بل وقع ذلك فعلا في السنة الرابعة من النبوة وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا يجتمعون في الشعاب، فيصلون فيها سرا فرآهم نفر من كفار قريش، فسبوهم وقاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص رجلا فسال دمه، وكان أول دم أهريق في الإسلام.
وأن المصادمة لو تعددت وطالت لأفضت إلى تدمير المسلمين وإبادتهم، فكان من الحكمة هوالاختفاء، فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم ودعوتهم واجتماعهم، أما الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين،لا يصرفه عن ذلك شئ، ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرا، نظرا لصالحهم وصالح الإسلام، وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي على الصفا، وكانت بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم، فاتخذها مركزا لدعوته، ولاجتماعه بالمسلمين من السنة الخامسة من النبوة، وفي هذه الدار تربى الجيل الذي حمل لواء الإسلام بعد ذلك، فكان هذا الصحابى هو صاحب هذه الدر، فهو الأرقم بن أبي الأرقم وهو صحابي جليل، وكان من أعيان قريش وأفضل رجالها حسبا ونسبا وهو بذلك صاحب أشهر دار في الإسلام وهى التى تحولت داره إلي أهم مراكز الدعوة الإسلامية.
في مرحلتيها السرية والعلنية وكان من أوائل من اعتنقوا الإسلام ملبيا دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد شارك في جميع غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض السرايا التي أطلقها النبي صلى الله عليه وسلم حسبة لله تعالي، وكان هذا الصحابي الجليل الأرقم رضي الله عنه كان سابع سبعة دخلوا الإسلام وبذل الغالي والنفيس لنصرة الدين حيث كان معروفا بثرائه الشديد، وقد هاجر الأرقم إلى يثرب، وعاصر الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه وماتوا وهم راضون عنه وقد عاش كذلك سنوات من حكم معاوية بن أبي سفيان بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاوز الثمانين عاما، وكانت دار الأرقم ابن أبي الأرقم شهدت كذلك إسلام عددا من الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب والصحابة الكرام خباب بن فهيرة وعامر بن فهيرة ومعمر بن الحارث وواقد بن عبدا لله.
وعثمان بن مظعون وكذلك الزبير بن العوام وعبيد أبي الجراح وعبيد الله بن الحرث رضي الله عنهم فيما شهدت الدار كذلك إعلان إسلام فاروق الأمة عمر بن الخطاب والذى كان إسلامه بعد الوقائع التي جرت في بيت الصحابي سعيد بن زيد زوج شقية ابن الخطاب فاطمة، وحول أساب اختيار الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم لدار الأرقم دون غيرها فقد أرجع المباركفوري هذا الأمر، باعتبار أن الصحابي الجليل الأرقم بن أبى الأرقم لم يكن معروفا بإسلامه، ولأنه من بني مخزوم التي تحمل لواء الحرب والتنافس ضد بني هاشم، إذ يستبعد أن يختفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلب العدو، ومن الأسباب كذلك لاختيار الرسول دار الأرقم مقر للدعوة أنه كان فتى صغيرا عندما أسلم في حدود الستة عشر عاما،إذ أنه في هذه الحالة تنصرف الأذهان إلى منازل كبار الصحابة فضلا عن أن دار الأرقم كانت على جبل الصفا المنعزل تقريبا عن أهل قريش.
وكانت كذلك قريبة من الكعبة المشرفة بيت الله تعالى، وقبلة المسلمين بشكل يؤمن الدعوة السرية ويمنع أذي قريش عن المسلمين، وكانت دار الأرقم بمكة وكانت تقع علي جبل الصفا وهى مقرا لدعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ولم تكن مجرد دار بل كانت أول مدرسة في الإسلام، حيث كان الرسول صلي الله عليه وسلم، يعلم من خلالها كبار الصحابة مبادئ الدين الإسلامي والعبادات ويوضح لهم سبل الدعوة إلي الله بعيد عن أعين قريش في مرحلة الدعوة السرية، وأما عن الصحابي الجليل صاحب الدار فلم يتخلف يوم عن الجهاد وبل وشارك في جميع الغزوات ومنها بدر وأحد وتقديرا لهذا وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم دارا بالمدينة وقد اسند إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإشراف علي بيت الصدقات، والأرقم قد جمعته مواقف مهمة بالرسول صلى الله عليه وسلم، منها أنه رضي الله عنه تجهز يوما.
وأراد الخروج إلى بيت المقدس، فلما فرغ من التجهيز والإعداد، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يودعه، فخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بالقول ” ما يخرجك يا أبا عبد الله، أحاجة أم تجارة ؟” فرد الصحابي، يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أني أريد الصلاة في بيت المقدس، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم “صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام” فجلس الأرقم، وعاد إلى داره مطيعا للنبي صلى الله عليه وسلم ومنفذا لأوامره، وكان الصحابى الجليل الأرقم بن إبي الأرقم، قد ظل يجاهد في سبيل الله، لا يبخل بماله ولا نفسه ولا وقته حتى جاءه مرض الموت، ولما أحس رضي الله عنه، بدنو أجله عام ثلاثه وخمسين من الهجرة، فقد عهد خلافة معاوية بن أبى سفيان وقد أوصي أن يصلي عليه الصحابي الجليل وخال الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص صلاة الجنازة، وهكذا كان الصحابى الجليل الأرقم بن أبى الأرقم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات