كتب _ إسماعيل عبد الشافي
عندما قامت ما يسمى ثورات الربيع العربي أيدت الولايات المتحدة الأمريكية هذة الثورات ( وهي التي خططت لها ودعمتها) لخلق ما اسمته بالشرق الأوسط الجديد لما سينتج عنه فيما بعد من أضعاف قدرات دول المنطقة وتقسيمها وهو ما أتضح جلياََ في تصريحات أوباما ووزيرة خارجيتة هيلاري كلينتون.. وما حدث بالفعل في بعض دول المنطقة وما شاهدناه ونشاهده حتى الآن في العراق واليمن وسوريا وليبيا .
ولولا قدر الله وقوة الدولة المصرية ( دولة المؤسسات ومنها المؤسسة العسكرية والامنية) لحدث ما نراه يحدث في تلك الدول .
ومصر بفضل الله خرجت من هذا المخطط منتصرة بما قامت به المؤسسات المصرية من جهد وعمل شاق للحفاظ على مقدرات الدولة والشعب والحفاظ على وحدة وسلامة التراب المصري بل وسعت مصر بشتى الطرق للحفاظ على وحدة دول المنطقة و إنقاذها من مخطط التقسيم هذا في كل دول المنطقة، ومنها الدولة الليبية والتي ركزت مصر بثقلها في حل تلك الأزمة لما لليبيا من أهمية خاصة حيث البعد الأمني المشترك بيننا و الحدود المشتركة الممتدة ، و التي جعلت الأمن القومي في البلدين مشترك ،والموقف المصري قابله مواقف دولية عديدة أهمها الموقف الأميركي .
وهنا نستعرض الموقف الأميركي والمصري في شأن الأزمة الليبية.
الموقف الأميركي
أن البيت الأبيض يحاول أن يضع نفسه طوال الوقت في الأزمة الليبية في خانة “الحياد النشط…… لماذا؟
لأن أمريكا ترى الأزمة من عدة أوجة.
أولا وقبل كل شيء أمريكا ترى أن هذه مشكلة أوروبية متوسطية .. لذا نرى بعضهم في البيت الأبيض يطلق تصريحات بأن بلاده تواصل جهودا نشطة، معظمها من خلف الكواليس، لدعم التسوية السياسية في إطار سياسة يصفونها بـ الحياد النشط…. من باب إرضاء الحلفاء في أوروبا .
بعض صناع القرار في البيت الأبيض يرى أن الوضع في ليبيا صعب للغاية . ( الصحراء.. القبلية.. كراهية الشعب الليبي لأمريكا…. التصارع بين أكثر من طرف دولي ).
من جانب آخر، هناك من يرى أن الولايات المتحدة من حيث الجوهر، خارج اللعبة، والليبيين ليسوا في وضع يسمح لهم باتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وهم يعتمدون بشكل كامل على كيانات أجنبية،
كما أنه من غير المرجح أن تكثف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارة بايدن من بعده أنشطتها في ليبيا، بالنظر إلى سعي ترامب إلى الحد من المشاركة الأمريكية في الصراعات الخارجية
وهذا موقفه في كثير من الأزمات ، ( تقليل إعداد القوات الأمريكية في العراق وسوريا وافغانستان) ما عدا إيران.. حتى في الموقف من إيران فهو مقتصر على العقوبات الإقتصادية والحظر العسكري ( التسليح) يعني دون مواجهة عسكرية مباشرة، ( وهذا الموقف قارب على الإنتهاء بنهاية ولاية ترامب) ،
أو موقف إدارة بايدن التي ستكون على خلاف ذلك إلا أنها أيضاً ستنتهح نفس النهج في ليبيا.
في الوقت ذاته هناك في البيت الأبيض من يرى ، أن هذه الخطوة ( الحياد النشط) من قبل الولايات المتحدة تتيح لروسيا منبرا لتوسيع نفوذها في البحر المتوسط.
إلا أن هناك في البيت الأبيض من يقلل من هذا الأمر بل يري العكس و يرى أن توسع نفوذ روسيا في المتوسط ( محدود) تحت السيطرة و يساعد في إخضاع حلفاء أمريكا الأوربيين لأمريكا ( سياسة التخويف من النفوذ الروسي وخطورته على أوروبا)
كما يرى البعض من مستشاري السياسة الأمريكية أنها فرصة لاستنزاف تركيا عسكريا واقتصاديا في ليبيا ( بعد سوريا والعراق) تأديباََ لقردوغان لتقربة من روسيا ( صفقة صواريخ S400) وإرضاء بعض الحلفاء الأوربيين بأن أمريكا تستنزف تركيا التي أصبحت خطر على دول جنوب أوربا وثرواتهم في المتوسط ( قبرص واليونان وفرنسا)،
و إرضاء اللوبي التركي القطري لأدني حد ( عنصر المال القطري).. في دعم جماعات مسلحة ببيع أسلحة أمريكية وأسرائيلية لهم بأموال قطرية.
انشغال الدواعش ومن على شاكلتهم في ليبيا وصرف أنظارهم عن أمريكا وإسرائيل مما يصب في مصلحة الأمن الأمريكي الإسرائيلي.
إشعال صراع روسي تركي وتركي مصري و ليبي تركي و ليبي ليبي مما يعود بالنفع على منتجي السلاح في أمريكا وخاصة أن تركيا من أكبر مستوردي السلاح الأمريكي بصرف النظر عن صفقة ال S 400 وهذا كله في صالح أمريكا والمواطن الأميركي.
كما أن هذا يجعل تركيا دائما في وضع الحليف لإسرائيل مادامت الخلافات التركية العربية مستمرة.
وهناك يقين أمريكي بأن مصر لديها الكثير من نسب الحلول في الأزمة الليبية، وأمريكا تخشي أن تخسر حليف هو الأقوي في المنطقة ( مصر) ،
وهذا يعني أن الموقف الأمريكي وإن كان غير واضح المعالم ( عن قصد) بيراعي المصلحة الأمريكية أولا وقبل أي شئ.
اما الموقف المصري ( الواضح من بداية الازمة)
تلخص في قرار مصر بضرورة الحل السلمي للأزمة الليبية وجمع الفرقاء للتفاوض من أجل حل الازمة دون إقصاء لاحد
رفض تقسيم ليبيا جغرافيا او اقتصادي او عسكري ( جيشيا)
رفض مصر لوجود ميليشيات إرهابية وقوات اجنبية على أرض ليبيا
الحفاظ على وحدة ليبيا و الليبين ورفض التدخلات الخارجية في ليبيا
ما أتخذتة مصر في موقفها من الازمة الليبية وجمعها للقبائل الليبية( من جميع طوائف الشعب الليبي) على أرض مصر ومانتج عنه من اتخاذ القبائل الليبية من قرارت من أهمها تفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي في اتخاذ مايلزم من إجراءات لحماية الأمن القومي المصري الليبي وحماية الأراضي الليبية من الغزو التركي وطلب القبائل بتفويض القوات المسلحة المصرية بالدفاع عن مقدرات الشعب الليبي
أيضاً ما اتخذة مجلس النواب الليبي ( المنتخب من الشعب) من قرارات مشابة
أيضاً تحذير الرئيس السيسي بأن خط سرت الجفرة ( خط احمر)
كان ولا يزال هو المحرك الرأيسي فيما تجري به الأحداث فى ليبيا الان ومنها قبول الفرقاء لوقف إطلاق النار والجلوس لمائدة التفاوض وما تم من إنجاز في هذا المنوال من الموافقة على إعادة تشكيلة المجلس الرأسي وتوزيع عادل للسلطات في ليبيا والتي مازالت تجري المفاوضات بشأنها في عدد من دول الجوار
أيضا قامت الدبلوماسية المصرية بدور كبير في شرح وتوضيح الأزمة الليبية وخطورتها على دول الجوار ودول حوض المتوسط للأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والافريقي كان له الأثر الفعال في تبني دول الجوار والاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي لموقف داعم لحل الأزمة في ليبيا سلمياََ
من هذا يتضح ان الموقف المصري الراهن يراعي المصلحة القومية المصرية والليبية والعربية والاقليمية ( رفض مصر التدخلات الاجنبية في الشأن العربي)
على عكس الموقف الأمريكي الذي لا يراعي الا المصلحة الأمريكية الإسرائيلية
كما أن موقف مصر وإدارة مصر للأزمة اثبت قوة الدولة المصرية استقلالية القرار المصري ( مصر تدير العالم) تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية