القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن العباس بن عبد المطلب ” الجزء الرابع

138

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، وقد توقفنا مع معنى قول الحق سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يا أيها النبي قل لمن في يديك، وفي يدي أصحابك من أسرى المشركين الذين أخذ منهم من الفداء ما أخذ وهو قوله تعالى” إن يعلم الله فى قلوبكم ” والمعنى هو إن يعلم الله في قلوبكم إسلاما يؤتكم خيرا مما أخذ منكم من الفداء ” ويغفر لكم ” والمعنى وهو يصفح لكم عن عقوبة جرمكم الذي اجترمتموه، بقتالكم نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، وكفركم بالله ” والله غفور رحيم ” لذنوب عباده إذا تابوا، وهو تعالى رحيم بهم أن يعاقبهم عليها بعد التوبة، وذكر ابن جرير أن العباس بن عبدالمطلب كان يقول” فيَّ نزلت هذه الآية” وروى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه، أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقالوا ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه، فقال صلى الله عليه وسلم “والله لا تذرون منه درهما” وقال ابن حجر رحمه الله “قيل والحكمة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم، خشي أن يكون في ذلك محاباة له لكونه عمه، لا لكونه قريبهم من النساء فقط، وفيه إشارة إلى أن القريب لا ينبغي له أن يتظاهر بما يؤذي قريبه، وإن كان في الباطن يكره ما يؤذيه، ففي ترك قبول ما يتبرع له الأنصار به من الفداء تأديبا لمن يقع له مثل ذلك، وقيل أن أم العباس بن عبد المطلب ليست من الأنصار، بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية، فأطلقوا على جدة العباس أختا لكونها منهم، وعلى العباس ابنها لكونها جدته، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد، وهى من بني عدي بن النجار ثم من بني الخزرج، وأما أم العباس فهي نتيلة بنت جناب من ولد تيم اللات بن النمر بن قاسط، وقد وهم الكرماني فقال أن أم العباس بن عبد المطلب كانت من الأنصار.

وأخذ ذلك من ظاهر قول الأنصار ابن أختنا، وليس كما فهمه، وروى الطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عباس وقرأ قول اللله عز وجل من سورة الأنفال ” قل لمن فى أيديكم من الأسرى ” فقال، كان العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، يقول فيّ والله أنزلت حين أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن إسلامي، وسألته أن يحاسبني بالعشرين الأوقية التي وجد معي، فأبى أن يحاسبني بها، فأعطاني الله بالعشرين أوقية عشرين عبدا كلهم تاجر بمالي في يده مع ما أرجو من مغفرة الله تعالى، وقال ابن كثير، عندما قام العباس بفداء نفسه بمائة أوقية من الذهب، فيقول، هذه المائة كانت عن نفسه، وعن ابني أخويه عقيل ونوفل، وعن حليفه عتبة بن عمرو وهو أحد بني الحارث بن فهر، وكما أمره بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين ادعى أنه كان قد أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “أما ظاهرك فكان علينا، والله أعلم بإسلامك، وسيجزيك”

فادعى أنه لا مال عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل، وقلت لها، إن أصبت في سفري فهذا لبنيّ الفضل وعبد الله، وقثم؟” فقال والله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا شيء ما علمه إلا أنا وأم الفضل” وروى أبو نعيم في دلائل النبوة من حديث ابن عباس رضى الله عنهما، قال لما كان يوم بدر أسر سبعون، فجعل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، أربعين أوقية ذهبا، وجعل على عمه العباس بن عبد المطلب مائة أوقية ذهب، وعلى عقيل ثمانين أوقيه ذهب، فقال العباس رضى الله عنه، أللقرابة صنعت بي هذا؟ والذي يحلف به العباس، لقد تركتني فقير قريش ما بقيت، فقال له صلى الله عليه وسلم “كيف تكون فقير قريش، وقد استودعت أم الفضل بنادق الذهب ثم أقبلت إلي، وقلت لها إن قتلت تركتك غنية ما بقيت، وإن رجعت فلا يهمنك شيء” فقال إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله.

ما أخبرك بهذا إلا الله تعالى، فأنزل الله عز وجل فى كتابة الكريم فى سورة الأنفال ” يا أيها النبى قل لمن فى أيديكم من الأسرى ” فقال العباس حين نزلت يا نبي الله، لوددت أنك كنت أخذت مني أضعافها فآتاني الله خيرا منه، وروى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمال من البحرين فقال “انثروه في المسجد” فكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه العباس، فقال يا رسول الله أعطني، إني فاديت نفسي، وفاديت عقيلا، قال “خذ” فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال أمّر بعضهم يرفعه إلي، فقال “لا” قال فارفعه أنت علي، فقال “لا” فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال فمر بعضهم يرفعه علي، فقال “لا” فنثر منه، ثم احتمله على كاهله ثم انطلق، فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبا من حرصه، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثم منها درهم.

وقد أسلم العباس بن عبد الطلب رضى الله عنه، لاحقا ولكن وقت إسلامه غير مؤكد، فهناك من قال أنه أسلم قبل فتح خيبر وكتم إسلامه وأظهره يوم فتح مكة، وهناك من يقول أنه أسلم قبل بدر وكان يكتب أخبار قريش إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن مسلمي مكة كانوا يتقوون به، ثم هاجر إِلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولقيه طريقه إلى وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، ذاهبا إلى مكة، وقد شهد معه فتح مكة، وانقطعت الهجرة، وقد فرح النبي صلى الله عليه وسلم، بإسلامه، ويقول أبو رافع أنه بشر النبي صلى الله عليه وسلم، بإسلام العباس، فأعتقه، إذا أن العباس وهب أبا رافع للنبى صلى الله عليه وسلم، وهكذا فقد شهد العباس غزوة حنين، وقد ثبت مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما انهزم الناس، قال عباس بن عبد المطلب ” شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم، على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم، يركض بغلته قبل الكفار فقال عباس وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكفها إرادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي عباس ” ناد أصحاب السمرة” فقال العباس وكان رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة ؟ قال فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا يا لبيك يا لبيك قال، فاقتتلوا والكفار والدعوة في الأنصار يقولون يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار قال ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا يا بني الحارث بن الخزرج يا بني الحارث بن الخزرج فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات