إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع الصحابى الجليل والقائد المغوار داهية وأرطبون العرب عمرو بن العاص وقد توقفنا مع الشعبى عندما قال الإمام الشعبي ” دُهاة العرب أربعة ” معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمُغيرة بن شعبة، وزياد بن أبيه، فأما معاوية فللحلم والأناة، وأما عمرو بن العاص فللمعضلات، وأما المغيرة فللمبادهة، أي المفاجأة، وأما زياد فللكبير والصغير” ولقد لقب عمرو بن العاص بلقب أرطبون العرب وكان هذا في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث حدثت معركة أجنادين بين الروم والمسلمين، والغالب أنها حدثت في العام الخامس عشر من الهجرة، وعندها كان يحكم الروم في تلك المنطقة رجل اسمه الأرطبون، وكان أدهى الروم، وقد وزّع جنده بطريقة تجعل المسلمين يحارون من أين يضربونهم، وكان قائد جيش المسلمين آنذاك عمرو بن العاص ومعه شرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما.
ولبث عمرو شهورا وهو لا يعلم كيف يضرب جند الأرطبون، فقرّر أن يدخل بنفسه إلى قصر الأرطبون على أنه سفير، ولكن دهاء الأرطبون جعله يشك في أن يكون عمرو هو الأمير لا السفير، أو أحد الرجال الذين يعتمد عليهم الأمير، فأشار إلى جنده بقتل عمرو حين يخرج من عنده، ولكن عمرو بن العاص رضي الله عنه، كان قد فَطِن لمكيدة الأرطبون، فقال عمرو للأرطبون إنه واحد من عشرة رجال بعثهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليكاتفوا أمير المسلمين هنا، وسيعود إليهم ويخبرهم بما توصل إليه مع الأرطبون، وإذا أعجبهم الكلام فسيفرضون وجهة نظرهم على الأمير، وبذلك يحقق الأرطبون ما يريد، فتركه الأرطبون طمعا في أن يعود هو والرجال العشرة الذين قال عنهم فيقتلهم جميعا ويضعف شوكة المسلمين، ولكن لم يعلم أن عمرو هذا هو أمير المسلمين وليس هناك رجال، وقد علم عمرو بن العاص رضي الله عنه.
مواطن الضعف في جيش الأرطبون، وعندما علم الأرطبون بمكيدة عمرو بن العاص قال هذا أدهى الخلق إنه لإرطبون العرب، وقد شن عمرو بن العاص معركة لا تفوقها شدة إلا اليرموك، وانتصر على جيش الروم وقد راح قتلى كثير من الطرفين، وقد فر الأرطبون إلى بيت المقدس، وقيل أنه بلغ عدد قتلى الروم فيها ثمانين ألف مقاتل، وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما أرسل الجيش بقيادة عمرو بن العاص وقد علم دهاء أرطبون الروم قال “رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب ” ولقد تميّز القائد عمرو بن العاص بالشجاعة، والحكمة، والذكاء، والدهاء، وكان له الفضل في رفع لواء الإسلام والمسلمين في بلاد الشام، وكان من أهم أعماله، أنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم، في غزوة ذات السلاسل، وحارب المرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تولى عمرو بن العاص رضى الله عنه.
قيادة جيش في معركة اليرموك وهزم الروم، وفتح عدة مدن من فلسطين، منها غزة، وعمواس، ويافا، كما فتح مصر وحكمها بعد أن هزم الروم وكسر شوكتهم، وقد أسس مدينة الفسطاط، وأعاد حفر خليج تراجان، لنقل الغنائم إلى الحجاز عن طريق البحر، ولقد كانت ثقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعمرو بن العاص كبيرة، فقد أمّره في غزوة ذات السلاسل على جيشٍ فيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، ومن مواقفه في الغزوة أنه منع الناس من إشعال النار ليلا رغم البرد الشديد، فأنكر عمر بن الخطاب ذلك وشكاه لأبي بكر الصديق، فردّ عليه أبو بكر ” دعه فإّما ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، علينا لعلمه بالحرب” وكان السبب في ذلك، هو إرباك العدو عن معرفة عدد المسلمين ومدى قلّتهم بسبب النيران، لئلا يعرفوا مكانهم فينصبوا لهم كمينا، فلمّا عادوا وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما فعل أُعجب برأيه.
وكان هناك موقف عظيم من عمرو بن العاص فى طاعون عمواس فى الشام، حيث يعدّ طاعون عمواس هو أول طاعون أصاب بلاد الشام، وقد انتشر في بلدة تدعى عمواس، وأصاب الناس في عهد عمر بن الخطاب، سنة ثماني عشرة للهجرة، وقد توفي فيه عدد كبير من كبار الصحابة، مثل معاذ بن جبل، وشرحبيل بن حسنة، وأبو عبيدة بن الجراح، وعامر الثقفي، وغيرهم، وقد انقسم الصحابة إلى قسمين، فمنهم من آثر البقاء في البلدة، ومنهم من غادرها، وخلال ذلك واجه المسلمون أياما عصيبةً إلى أن توفي معاذ بن جبل، واستلم عمرو بن العاص مكانه، فخطب في الناس وقال لهم أن يفرّوا إلى الجبال، لأن الطاعون كالنار إذا لم تجد ما تحرقه خمدت، وبذلك يرجع له الفضل بانتهاء الطاعون، وهكذا يضم تاريخنا الإسلامي عددا كبيرا جدا من القادة والصحابة الذين يُضرب فيهم المثل، ويتم ذكرهم كقدوة في جميع أخلاقهم وأعمالهم.
التي عرفوا بها وحفظها التاريخ منذ آلاف الأعوام إلى يومنا هذا، وأحد أهم وأبرز هؤلاء الصحابة هو القائد الصحابى عمرو بن العاص، وهو عمرو بن العاص السهمي القرشي، الذى ولد في قريش وتم إرساله إلى الحبشة حتى يقوم بأخذ المسلمين الذين كانوا موجودين عند النجاشي هربا من الكفار، حتى يقوم بردهم إلى الإسلام ومحاسبتهم في مكة، ولكنه عندما أعلن إسلامه في العام الثامن من الهجرة بعد أن انتصر المسلمون على قريش في غزرة الأحزاب، على يد كل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وعاد معهم، وقام بعد ذلك بفتح دولة مصر بعد أن هزم الروم فيها، وتم تعيينه واليا عليها من قبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، والذي شجع الخليفة عمر بن الخطاب، على ذلك أن عمرو بن العاص كان معروفا بفطنته وذكائه وعبقريته الكبيرة، فكان يطلق عليه اسم داهية أو أرطبون العرب، وكان من صفاته رضى الله عنه.
وتحديدا الجسدية والتي ساعدته على الفوز في كثير من الغزاوت، أنه كان قوي الجسد على الرغم من قصر قامته، وقيل أنه كان صدره واسعا وعيناه جميلتين وتتأثران بسرعة، فكان الصحابة يلاحظون فرحه أو حزنه من خلالهما، وأما عن فهمه فكان واسعا كبيرا، وذقنه ولحيته أسود كثيف كما حاجبيه، إضافة إلى صفاته العقلية من الذكاء والفطنة والبلاغة وتحديدا في قول الشعر وسردهن وبالرجوع إلى الكتب التاريخية، فقد ذكر أن ععمرو بن العاص، تم تكليفه من قبل النبى صلى الله عليه وسلم، ليقوم بتفرقة مجموعة من الناس الذين كانوا يريدون الهجوم على المدينة المنورة، من خلال توليّه لسرية أطلق عليها اسم ذات السلاسل والتي كانت تضم ثلاثمائة مجاهدا، ولكن عندما لاحظ المسلمين عددهم الأكبر تم إمدادهم بمائتي مجاهد من الأنصار والمهاجرين، وكان من أبرزهم أبو بكر الصديق وعبيدة بن الجراح، وأما عمرو فكان وبقي القائد الأبرز فيهم.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية