كتب_الشريف أحمد
نتابع سلسلة من العظماء الذين تركوا بصمة ناصعة البياض في تاريخ مصر.
واليوم لدينا قصة كفاح جديدة لأحد عظماء مصر ومفكريها هو عبد العزيز فهمى حجازي عمر والمعروف “عبد العزيز باشا فهمي”
ولد عبدالعزيز فهمى عام 1870م فى كفر المصيلحة بشبين الكوم بالمنوفية وهي البلدة التي انجبت لمصر رئيسها السابق الراحل “محمد حسنى مبارك”
نشأته وبداياته :
تلقى عبد العزيز فهمي تعليمه الأول في بلدته, وحفظ القرآن الكريم, ثم أرسله والده إلى جامع السيد البدوي بطنطا ليتعلم التجويد, ثم ما لبث أن نقله إلى الأزهر حيث تعلم على يد مشايخه, لكنه انتقل بعد ذلك إلى مدارس علمانية حتى حصل على الابتدائية ثم الثانوية. انتقل عبد العزيز بعد ذلك إلى مدرسة (كلية) الحقوق ليحصل على الليسانس سنة 1890م .
لقد كان عبد العزيز فهمي رجل سياسي مصري وقاضٍ ومحامٍ وشاعر أيضاً من أعلام الحركة الوطنية المصرية.
وكان فهمي أحد الثلاثة الذين ذهبوا لدار الحماية البريطانية عام 1918م يطلبون الاستقلال لمصر مع سعد زغلول وعلى شعراوي، ببيت سعد زغلول وتم الاتفاق على الأشخاص الذين يتألف منهم الوفد المصري وكان سفر الوفد يقتضي تصريحًا من السلطة البريطانية ولكن الوفد لم يتمكن من استخلاص التصريح فقدم الوفد الاحتجاجات إلى المعتمد البريطاني وممثلي الدول الأجنبية مما أدى إلى اعتقال سعد زغلول وبعض رفاقه فأدى ذلك إلى قيام ثورة 1919 التي ترتب عليها الإفراج عن المعتقلين والسماح بسفر الوفد إلى لندن ومنها إلى باريس.
الوظائف والترقي فى حياته:
كان يعمل بمدرسة الحقوق مترجم بنظارة الاشغال وهو فى السنة الثانية منها، وبعد التخرج مباشرةً عمل معاوناً للادارة بالدقهلية.
عُيّن عبد العزيز فهمي وكيلاً للمستشار القضائي للأوقاف, لكنه استقال وفتح مكتبا للمحاماه، وتفرغ عبد العزيز فهمي للمحاماة عقب تنازله عن رئاسة حزب الاحرار الدستوريين .
لكنه تم ترشيحه رئيس الاستئناف يلقب وقتها بشيخ القضاة.
لكنه تقد باستقالته من رئاسة المحكمة بعد أن قرأ في إحدى الصحف أن عضواً بمجلس النواب يسأل عن راتب رئيس محكمة الاستئناف وكيف يتساوى مع راتب الوزير، فتوجه إلى قصر عابدين وقدم استقالته للملك فؤاد الاول لان هذا السؤال عن راتبه من عضو بالبرلمان يعتبر تدخلاً في السلطة القضائية.
العمل بالمحاماة :
كان عبد العزيز فهمي تاني نقيب للمحامين و أصغر من تولى هذا المنصب الذى سبقه تولى هذا المنصب إبراهيم الهلباوى وأحد من أشهر المحامين فى تاريخ مصر، ربما هو الأشهر على الإطلاق، لتقلده منصب النقيب الأول للمحامين.
أول من وضع مشروع الدستورالمصري :
كان عبد العزيز فهمي هو أول من وضع مشروع الدستور المصري وكان ذلك سنة 1920م أثناء وجوده في باريس إذ عهد إليه الوفد بوضع مشروع لدستور مصري فعكف على دراسة دساتير أوروبا وتم إعلان استقلال البلاد.
بداية العمل السياسي:
إنضم عبد العزيز فهمي إلى سعد زغلول في حركته الوطنية وكان عضواً بالوفد وكان واحداً من ثلاثة سياسيين سافروا إلى لندن لعرض المطالب المصرية (مع سعد زغلول ـ متحدثاً رسمياً ـ وعلي شعراوي ـ نائباً عن الوجه القبلي) وكان عبد العزيز فهمي هو ممثل الوجه البحري.
موقفه الشهير من أزمة كتاب “الاسلام وأصول الحكم”:
أصدر الشيخ علي عبد الرازق كتابه “الاسلام وأصول الحكم” وهو فصل الدين عن السياسة.
وقررت هيئة كبار العلماء ـ إرضاء للملك فؤاد ـ “نزع شهادة العالمية منه وطرده من كل وظيفة لعدم أهليته للقيام بأي وظيفة دينية أو مدنية”.
وقد وقف عبد العزيز فهمي في هذه الأزمة موقفاً مشرفاً (على عكس موقف سعد زغلول الذى شن حملة تكفير {على عبد الرازق} حيث أرسل الازهر قرار العزل الخاص على عبد الرازق الى عبد العزيز فهمى باشا وزير العدل للتصديق عليه.
لكنه قال : {أحضرت هذا الكتاب وقرأته مرة أخرى، فلم أجد فيه أدنى فكرة يؤاخذ عليها مؤلفه}
وقال لا ترضى ذمتي أن أنفذ هذا الحكم الذي هو ذاته باطل لصدوره من هيئة غير مختصة بالقضاء، وفي جريمة الخطأ في الرأي من عالم مسلم يشيد بالاسلام ، وكل ما في الأمر أن من يتهمونه يتأولون في أقواله ويولدون منها تهماً ما أنزل الله بها من سلطان.
وغضب الملك، واشتعلت أزمة كبيرة كان محورها تمسك عبد العزيز فهمي باشا بموقفهفي مواجهة الملكو سعد زغلول معاً وانتهى الأمر باستقالته هو وثلاثة وزراء آخرين ، كان أحدهم اسماعيل صدقى.
حياته مع اللغة الأدب:
عبد العزيز فهمي كان من محبي الأدب, وانتخب عضواً بمجمع اللغة العربية قدم للمجمع بمشروع لإصلاح الحروف العربية, وكان يقضي وقته في قراءة ما يختار من الكتب القانونية والأدبية, حيث كان من هواه قراءة الشعر ونظمه.
من اشعار عبد العزيز فهمى:
. مساجلة شعرية مع “العوضى الوكيل” نشرت بصحيفة الأهرام القاهرية في 1950م.
. اشعار متفرقة، منها قصيدتان طويلتان كان يحتفظ بهما كاتب سره في المجمع اللغوي محمد شوقي أمين
. عدد من المقالات في صحف ومجلات عصره، وعدد من الخطب السياسية والرسائل والنداءات الوطنية. سجلتها المحافل الوطنية
قال عنه “طه حسين” :
كان عبد العزيز فهمي مثقفاً في اللغة و الدين ، عميق الثقافة مؤمناً بهذا أشد الإيمان، مُترف الذوق فيها إلى أقصى حدود الترف ، و ما أعرف أن أحداً ناقشني في الشعر الجاهلي كما ناقشني فيه عبد العزيز فهمي ، و ما أعرف أن أحداً أصلح من رأي في الشعر العربي كما أصلح من رأي عبد العزيز.
قال عنه عبد الرزاق السنهوري:
أبرز ما يميز عبد العزيز فهمي في حياته الصاخبة المضطربة بالأحداث هو أنه كان يفكر بعقله و بقلبه ، بل كان يخضع عقله لقلبه ، و هذا ما جعله قريباً إلى كل نفس ، فإن أرستقراطية العقل تُبعد ذا الفضل الكبير عن الناس ، أما أرستقراطية القلب فتدنيه منهم
التكريم:
الوشاح الأكبر من نيشان محمد على
اسمه على شارع كبير في ضاحية مصر الجديدة، وإليه ينسب خط من خطوط مترو مصر الجديدة.
أطلق اسمه على عدة مدارس في محافظتي المنوفية والقاهرة.
وفاته:
توفي عبد العزيز باشا فهمي بالقاهرة في 4 مارس عام 1951 عن عمر يناهز 81 عاما.
الختام:
و لاحقاً سوف نسرد قصة كفاح بقية {الوفد المصري} الذين كانوا رفقة عبد العزيز فهمي فى المنفي.
السادة:
. سعد زغلول
. علي شعراوي
. احمد لطفي
. مكرم عبيد
. مصطفي النحاس
. حمد الباسل