”
إعداد / محمــــد الدكـــــرورى
لقد مثلت سيرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، القدوة الحسنة لجميع الناس، على اختلاف طبائعهم، وأجناسهم، وظروفهم، وبيئاتهم، ومراحل حياتهم، فقد كانت سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، أفضل السِّير بما تضمنته من الأخلاق الحسنة، والعادات الطيبة، والعبادات، فيستطيع الغني الاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، حين كان تاجرا، ويقتدي الفقير به حين كان صلى الله عليه وسلم، مُحاصَرا في شِعب أبي طالب، وحين هاجر من مكة إلى المدينة تاركا أهله وماله ووطنه، ويقتدي به الملك، والضعيف، والمعلم، والتلميذ، والأب، والزوج، والصغير، والكبير، واليتيم، والداعية إلى الله، وأى أحد في كل مرحلة قد يمر بها خلال حياته، وفي كل أمر قد يواجهه، فسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، هى منهاج حياة كاملة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأسوة الحسنة، والنور الذي يُضيء الظلمات.
والإرشاد الذي يهدي كل ضال، وأما عن إبراهيم بن رافع، فهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من قبط مصر، وقيل أنه أسلم وكان عبدا للعباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، فوهبه للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلما أن بشر النبي صلى الله عليه وسلم، بإسلام العباس بن عبد المطلب، أعتقه وقد روى أبو رافع عن النبى صلى الله عليه وسلم، عدة أحاديث، وقد روى عنه ولده عبيد الله بن أبي رافع، وحفيده الفضل بن عبيد الله، وأبو سعيد المقبري، وعمرو بن الشريد، وجماعة كثيرة، وأيضا روى عنه علي بن الحسين، وقيل أنه شهد غزوة أحد، والخندق، وكان ذا علم وفضل وقد توفي في خلافة علي بن أبى طالب، وقيل توفي بالكوفة سنة أربعين من الهجرة، رضي الله عنه، وقيل إنه أوصى إلى علي بن أبى طالب، فكان علي يزكي أموال بني أبي رافع وهم أيتام، وقال بكير بن الأشج، أخبرت أنه كان قبطيا.
وعن ابن أبي رافع، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث رجلا على الصدقة، فقال لأبي رافع انطلق معي فنصيب منها، قلت له حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنته، فقال صلى الله عليه وسلم ” يا أبا رافع، إن مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة” وقال سليمان بن يسار ، قال أبو رافع، لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أنزل الأبطح حين خرج من منى، ولكني جئت فنزلت، فجاء فنزل، وإبراهيم أبو رافع هو عتيق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ثقة وقد شهد معه صلى الله عليه وسلم، وقد لزم أمير المؤمنين بعده،
وقد اسلم أبو رافع قديما بمكة وهاجر الى المدينة، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشاهده ، ولزم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمير المؤمنين بعده، وقد شهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة، ولأبي رافع كتاب السنن والأحكام والقضايا.
ورجال النجاشي، وإن هذا الصحابي كان مملوكا لعم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، فوهبه للنبى صلى الله عليه وسلم، ولمّا بُشر النبي صلى الله عليه وسلم، بإسلام العباس قام وأعتقه وإن لأبي رافع كتاب في السنن والأحكام والقضايا، وله روايةً عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب، رواه عنه ابنه عبيد بن أبي رافع، وأولاده، وهما علي وعبيد الله، وهما كاتبا أمير المؤمنين رضى الله عنه، وقد هاجر أبو رافع مع جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه، إلى أرض الحبشة، ومع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة ومع أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، إلى الكوفة، وقد قال عون بن عبيد الله وهو ينقل عن جده أبي رافع قوله ” الحمد لله لقد أصبحت ولا أحد بمنزلتي، لقد بايعت البيعتين بيعة العقبة وبيعة الرضوان، وصليت القبلتين، وهاجرت الهجرات الثلاث.
قلت، وما الهجر الثلاث، قال، هاجرت مع جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه، إلى أرض الحبشة، وهاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، وهذه الهجرة مع علي بن أبي طالب رضى الله عنه، إلى الكوفة، وهكذا كان يلازم أبو رافع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضى الله عنه، ميزان الحق، ولم يزل معه حتى استشهد الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وهنا يرجع أبو رافع إلى المدينة مع الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضى الله عنهم، ولا دار له بها ولا أرض، فقسم له الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضى الله عنه، دار أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، بنصفين، وأعطاه سنح أرض أقطعه إياها، فباعها عبيد الله بن أبي رافع، من معاوية بمائة ألف وسبعين ألفا “وكان ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حقه ومكانته عنده، وهو أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم.
قال في حقه رضوان الله تعالى عليه “إن لكل نبي أمينا، وإن أميني أبي رافع” وكان أبو رافع رضى الله عنه، هو وكيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، في زواجه بالسيدة ميمونة بنت الحارث بالمدينة ، أما مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيمكن أن نتعرف عليها في قول أبي رافع، عندما قال ” لما كان اليوم الذي توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، غشى عليه فأخذت بقدميه اقبلهما وأبكى فأفاق صلى الله عليه وسلم، وأنا أقول من لي ولولدي بعدك يا رسول الله فرفع إلي رأسه وقال صلى الله عليه وسلم ” الله بعدي ووصيي صالح المؤمنين” وعن أبي رافع أيضا قوله ” دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو نائم أو يوحى إليه، وإذا حيّة في جانب البيت، فكرهت أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه وبين الحية، حتى إذا كان منها سوء يكون إلي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية الكريمة (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)
ثم قال صلى الله عليه وسلم ” الحمد لله الذي أكمل لعليّ منيته وهنيئا لعليّ بتفضيل الله إياه، ثم التفت فرآني إلى جانبه، فقال صلى الله عليه وسلم ” ما أضجعك هاهنا يا أبا رافع؟ فأخبرته خبر الحيّة، فقال ” قم إليها فاقتلها ” فقتلتها، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال ” يا أبا رافع كيف أنت وقوما وهم قوم يقاتلون عليّا، أى على بن أبى طالب وهو على الحق، وهم على الباطل، ويكون في حق الله جهادهم، فمن لم يستطِع جهادهم فبقلبه، فمن لم يستطِع فليس وراء ذلك شيء ” فقلت أدع لي إن أدركتهم أن يعينني الله، ويقويني على قتالهم، فقال صلى الله عليه وسلم ” اللهم إن أدركهم فقوه، وأعنه ” ثم خرج إلى الناس، فقال صلى الله عليه وسلم ” يا أيها الناس من أحب أن ينظر إلى أميني على نفسي وأهلي، فهذا أبو رافع أميني على نفسي” فلمّا بويع أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضى الله عنه، وخالفه معاوية بن أبى سفيان بالشام، وسار طلحة والزبير إلى البصرة.