القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نظرة تأمل مع غزوة نجد (الجزء الأول)

294

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن الإسلام لا يماري في الفطرة، ولا يُصادمها، ولا يُحرّم عليها المشاعر الفطرية التي ليس إلى إنكارها من سبيل، ولكنه يُعالج الأمر من جانب آخر، ويسلط عليه نورا جديدا، إنه يقرر أن من الفرائض ما هو شاق مرير كريه المذاق، ولكن وراءه حكمة تهوّن مشقته، وتسيغ مرارته، وتحقق به خيرا مخبوءا قد لا يراه النظر الإنسانى القصير، هكذا يواجه الإسلام الفطرة، لا منكرا عليها ما يطوف من المشاعر الطبيعية، ولا مريدا لها على الأمر الصعب بمجرد التكليف، ولكن مربيا لها على الطاعة، ومفسحا لها في الرجاء، لتبذل الذى هو أدنى في سبيل الذي هو خير، ولترتفع على ذاتها متطوعة لا مُجبرة، ولتحس بالعطف الإلهي الذي يعرف مواضع ضعفها، ويعترف بمشقة ما كُتب عليها، ويعذرها ويقدرها، ولقد كانت الدوافع والأسباب الرئيسة في غزوات الرسول الكيم محمد صلى الله عليه وسلم.

هي رد عدوان من كانوا يكيدون للدولة الإسلامية ويحاربونها، ويعدون العدة للقضاء عليها، وتأمين المؤمنين الذين يحاول الكافرون فتنتهم عن دينهم، ومن الأسباب أيضا هو الدفاع عن الوطن، والدين، والأهل، والنفس، وحماية الدعوة الإسلامية حتى تصل إلى الناس كافة، وتأديب من ينكثون عهودهم، وإن الإسلام هو خاتم الرسالات السماوية جميعها، وهو الذى أرسل إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد واجه الإسلام خصوصاً في بدايات الدعوة الكثير من المؤامرات، التى دفعت بالمسلمين للدفاع عن دينهم، بالجهاد في سبيل الله، ويحفل التاريخ الإسلامي منذ بداية الدعوة الإسلامية وحتى وفاة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعدد كبير من الغزوات، التي أشرف فيها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على الجيوش، رغم أن بعضها تمت بلا قتال مع الطرف الآخر.

ولقد جرت جميع هذه الغزوات في القرن السابع الميلادي لأسباب مختلفة، وتم فيها النزاع مع أطراف تحمل العداء والكره للمسلمين، وقد بلغ عدد غزوات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، سبعا وعشرين غزوة، ومن ضمن هذه الغزوات، هو تسع غزوات فقط جرى القتال فيها، أما الغزوات الباقية فقد تم فيها تحقيق الأهداف دون أي قتال، وقد كانت المدة الزمنية للغزوات، ممتدة عبر ثمانية أعوام، ما بين العام الثاني من الهجرة، إلى العام التاسع من الهجرة، وقد تجمع أكبر عدد من الغزوات في العام الثاني من الهجرة، حيث خاض المسلمون ثماني غزوات في عام واحد، وقد اكتسب الغزوات الإسلامية المباركة التي خاضها المسلمون بقيادة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فضلا عظيما ونتائج بارزة، وترجع هذه النتائج العظيمة لحنكة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في القيادة كما تدل على أن هذا الدين دين الحق.

وأن وعد الله حق، فقال الله تعالى فى كتابة العزيز (وعد الله، لايخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ولقد تمكن المسلمون بفضل الله عز وجل، ثم بفضل الغزوات الإسلامية العظيمة التي قاموا بها من رد خطر المشركين وأذاهم الذي قاسوا منهم سنوات طوال، واستطاعوا أن يحصلوا على الاستقلال بدولة إسلامية خاصة بهم والخروج من بطش قريش ورداها، وسوف نتحدث فى هذا المقال عن غزوة نجد والتي تعرف أيضا بغزوة ذات الرقاع، وهى إحدى غزوات المسلمين المباركة، وقد خاض النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في حياته الكثير من الغزوات، وبعث السرايا، لمواجهة الكفار والمشركين من أعداء دعوة الحق، وقد انتصر المسلمون في بعض هذه الغزوات وغلبوا في أخرى، وإن الثابت في الصحيحين عند البخارى ومسلم، وعن أبو اسحاق السبيعى، أنه قيل لزيد بن أرقم، كم غزا النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

من غزوة؟ فقال تسع عشرة، فقيل، كم غزوة أنت معه؟ قال سبع عشرة، فقيل فأيّهم كانت أول؟ قال غزوة العسيرة أو العشيرة ” وأما أهل السّير فقد نقلوا أن غزوات النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كانت خمس وعشرون، وقيل سبع وعشرون، وقيل تسع وعشرون، وقد ذكر الحافظ ابن حجر بعدما أورد هذه الأقوال طريقة للجمع بينها، ومنها أن من أشار إلى العدد الكثير احتسب كل وقعة على حدى، حتى وإن كانت قريبة مع غيرها في الزمن، وأن من أشار إلى العدد القليل أو المتوسط ربما قام بجمع غزوتين متقاربتين زمانا، وبالتالي قام باحتسابهما كغزوة واحدة، مثل الخندق، وبني قريظة، وحُنين، والطائف، وأما السرايا فقد كانت أكثر عددا من الغزوات، وأما الخلاف في عدد أنها من نحو الأربعين إلى السبعين سريةً، وقد أشار الحافظ في الفتح في آخر كتاب المغازي” وقرأت بخط مغلطاي أن مجموع الغزوات والسرايا مائة”

ولقد كان بالنصر الذي أحرزه المسلمون في غزوة بني النضير دون تضحيات، توطد سلطانهم في المدينة وتخاذل المنافقون عن الجهر بكيدهم، وأمكن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يتفرغ لقمع الأعراب، الذين آذوا المسلمين بعد أحد، وتواثبوا على بعوث الدعاة يقتلون رجالها في نذالة وكفران، وبلغت بهم الجرأة إلى أن أرادوا القيام بجر غزوة على المدينة، فقبل أن يقوم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بتأديب أولئك الغادرين، فقد نقلت إليه استخبارات المدينة بتحشد جموع البدو والأعراب من بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، فسارع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى الخروج، ويقطع صحاري نجد، ويلقي بذور الخوف في أفئدة أولئك البدو القساة، حتى لا يعاودوا جرائمهم التى ارتكبوها مع المسلمين، وقد أضحى الأعراب الذين اعتادوا على النهب والسطو، لا يسمعون بمقدم المسلمين إلا حذروا.

وتمنعوا في رءوس الجبال، وهكذا أرهب المسلمون هذه القبائل المغيرة، وخلطوا بمشاعرهم الرعب، ثم رجعوا إلى المدينة آمنين، ولقد أحب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يستغل هذا الظرف، وبدأ يرسل السرايا والجيوش لتثبيت دعائم الأمن في الجزيرة العربية، ولاسترداد الهيبة من جديد، وأول جيش خرج كان على رأسه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم نفسه في غزوة تسمى غزوة نجد، وذهب لتأديب قبائل نجد التي تجمعت لقتل المسلمين في بئر معونة وماء الرجيع، ولما خرج فروا منه جميعا، ولم يلق قتالا صلى الله عليه وسلم، لكنه استعاد الهيبة بشكل كبير، وغزوة نجد، هي غزوة قد ذكر أهل السير والمغازي أن المسلمين غزوها في أرض نجد في شهر ربيع الثاني أو جمادى الأولى فى السنة الرابعة من الهجرة، ونجد هي أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية التاريخية وأكبرها مساحة وترتفع هضبة نجد فوق سطح البحر.

قد يعجبك ايضا
تعليقات