القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نظرة تأمل مع غزوة الكدر (الجزء الثانى)

162

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع غزوة الكدر وقد توقفنا مع عبد الله بن أم مكتوم القرشي العامري هو صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ابن خال السيده خديجة بنت حويلد أم المؤمنين رضى الله عنها، وقد كان عبد الله ضريرا أعمى، وأم مكتوم هي السيدة عاتكة بنت عبد الله، وقد نزلت فيه بداية سورة عبس حيث كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مشغولا بدعوة كبار وأسياد قريش فجاء إليه عبد الله يسأله فانشغل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أكثر عبد الله عليه انصرف عنه النبي صلى الله عليه وسلم عابسا، وكان مؤذن رسول الله هو وبلال بن رباح، كان بلال يؤذن للصلاة مرة وهو يقيم لها والعكس، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ” وأنه هو الصحابي الذي أطلق عليه لقب الصحبة مع أنه لم ير النبي لأنه كان أعمى.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستخلفه على المدينة المنورة في غزواته فيصلي بالناس ويرعى شؤونهم وقد استخلفه ثلاث عشرة مرة في الأبواء وبواط وذي العشيرة، وغزوته في طلب كرز بن جابر، وغزوة السويق، وغطفان، وفي غزوة أحد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرقاع، وفي خروجه إلى حجة الوداع، وفي خروجه إلى بدر، وكان من أول من هاجر إلى المدينة بعد مصعب بن عمير فرارا بدينهم بعد أن اشتد أذى قريش على المسلمين، فكان هو ومصعب أول من قدم إلى المدينة من المهاجرين، وكان يتمنى الجهاد غير أن فقدانه للبصر كان يمنعه من ذلك ثم تحقق له ما يطلبه في معركة القادسية التي حدثت على أرض الفرس فى السنة الخامسة عشر من الهجرة، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وكان عبد الله حامل لواء المسلمين فيها وسقط فيمن سقط من الشهداء على أرض المعركة، وقد سار النبى الكريم صلى الله عليه وسلم.

هو وأصحابة الكرام، الى أن بلغ قرقرة الكدر فلم يرفيها أحدا فبعث بعضا من أصحابه الى أعالى الوادى وسار هو فى بطن الوادى وأقام صلى الله عليه وسلم، بها ثلاثا وقيل عشرا فلم يلق كيدا فلقى رعاة الابل فيهم غلام اسمه يسار فسألهم عن بنى سليم وغطفان قالوا لا ندرى فساقوا الابل مع الرعاة الى المدينة فلما بلغ صرارا وهو موضع بينه وبين المدينة ثلاثة أميال وقيل أن صرار هو ماء قرب المدينة محتفر جاهلى أمر النبى صلى الله عليه وسلم باخراج الخمس وقسم الباقى على أصحاب الغزوة فأصاب كل واحد بعيران وكان جملة الابل خمسمائة ووقع يسار فى سهم النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأعتقه حين رآه يصلى وكانت مدة غيبته فى تلك الغزوة خمس عشرة ليلة، وقد عاد ومعه النعم والرعاء، وكان قدومه في عشر ليال مضين من شوال، وبعد قدومه أرسل غالب بن عبدالله الليثي في سرية إلى بني سليم وغطفان.

فقتلوا فيهم وغنموا النعم، واستشهد من المسلمين ثلاثة نفر وعادوا منتصف شوال، وغالب بن عبد الله الليثي هو صحابي جليل, واسمه غالب بن عبد الله الكناني الليثي ويقال الكلبي, وقد أرسله الرسول ليسهل له الطريق يوم فتح مكة, وكما أرسله الرسول في سرية غالب بن عبد الله الليثي وسرية غالب بن عبد الله الليثي الكديد، وسرية غالب بن عبد الله الليثي مصاب، وهو الذي قتل هرمز ملك الباب في بلاد فارس، وقد روى أحمد بن حنبل بسنده عن جندب بن مكيث الجهني قال، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، غالب بن عبد الله الكلبي، كلب ليث أي أن كلب بطن من ليث إلى بني ملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم فخرج فكنت في سريته فمضينا حتى إذا كنا بقديد لقينا به الحارث بن مالك وهو ابن البرصاء الليثي فأخذناه فقال، إنما جئت لأسلم فقال غالب بن عبد الله، إن كنت إنما جئت مسلما فلن يضرك رباط يوم وليلة وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك.

قال، فأوثقه رباطا ثم خلف عليه رجلا أسود كان معنا فقال، امكث معه حتى نمر عليك فإن نازعك فاجتز رأسه، وقال ثم مضينا حتى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية بعد العصر فبعثني أصحابي في ربيئة فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر فانبطحت عليه وذلك المغرب فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل فقال لامرأته، والله إني لأرى على هذا التل سوادا ما رأيته أول النهار فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك قال، فنظرت، فقالت لا والله ما أفقد شيئا فقال فناوليني قوسي وسهمين من كنانتي، قال فناولته فرماني بسهم فوضعه في جنبي، قال فنزعته فوضعته ولم أتحرك ثم رماني بآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرك فقال لامرأته، والله لقد خالطه سهماي ولو كان دابة لتحرك فإذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما لا تمضغهما علي الكلاب، وقال وأمهلناهم حتى راحت رائحتهم.

حتى إذا احتلبوا وعطنوا أو سكنوا وذهبت عتمة من الليل شننا عليهم الغارة فقتلنا من قتلنا منهم واستقنا النعم فتوجهنا قافلين وخرج صريخ القوم إلى قومهم مغوثا وخرجنا سراعا حتى نمر بالحارث ابن البرصاء وصاحبه فانطلقنا به معنا وأتانا صريخ الناس فجاءنا ما لا قبل لنا به حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادي أقبل سيل حال بيننا وبينهم بعثه الله تعالى من حيث شاء ما رأينا قبل ذلك مطرا ولا حالا فجاء بما لا يقدر أحد أن يقوم عليه فلقد رأيناهم وقوفا ينظرون إلينا ما يقدر أحد منهم أن يتقدم ونحن نحوزها سراعا حتى أسندناها في المشلل ثم حدرناها عنا فأعجزنا القوم بما في أيدينا، ثم كانت سرية غالب بن عبد الله الليثي أيضا إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك، وكان ذلك في صفر سنة ثمان من الهجرة، وقال أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه قال هيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، الزبير بن العوام.

وقال له سر حتى تنتهي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد فإن أظفرك الله بهم فلا تبق منهم وهيأ معه مائتي رجل وعقد له لواء فقدم غالب من الكديد من سرية قد ظفره الله عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، للزبير اجلس وبعث غالب بن عبد الله في مائتي رجل وخرج أسامة بن زيد فيها حتى انتهى إلى مصاب أصحاب بشير وخرج معه علبة بن زيد فيها فأصابوا منهم نعما وقتلوا منهم قتلى، وعن إبراهيم بن حويصة عن أبيه قال، بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية مع غالب بن عبد الله إلى بني مرة فأغرنا عليهم من الصبح وقد أوعز إلينا أميرنا وهو غالب بن عبد الله أن لا نفترق وآخى بيننا فقال لا تعصوني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ” وإنكم متى ما تعصوني فإنكم تعصون نبيكم، وقال ابن منده وأبو نعيم وأبو عمر أنه شهد فتح مكة وسهل لهم الطريق.

وقال ابن الكلبي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى بني مرة بفدك فاستشهد دون فدك، وكان القرقرة هى أرض ملساء والكدر، هو طير في ألوانها كدرة عرف بها ذلك الموضع وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر مسيره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تلك الغزوة فقال لعمران بن سوادة حين قال له إن رعيتك تشكو منك عنف السياق وقهر الرعية فدقر على الدرة وجعل يمسح سيورها، ثم قال قد كنت زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرقرة الكدر، فكنت أرتع فأشبع وأسقي فأروي، وأكثر الزجر وأقل الضرب وأرد العنود وأزجر العروض واضم اللفوت وأشهر العصا، وأضرب باليد ولولا ذلك لأغذرت بعض ما أسوق، أي لضيعت فتركت، وهو يذكر حسن سياسته فيما ولي من ذلك، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر مسيره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تلك الغزوة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات