القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن غزوة خيبر (الجزء الثانى)

185

إعداد / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثانى من غزوة خيبر وقد توقفنا مع يهود خيبر عندما طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يبقوا فيها يعمرونها ويزرعونها على النصف فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال نقركم ما شئنا فلما كان زمن عمر بن الخطاب أجلاهم عمر رضي الله عنه إلى تيما وأريحا وكان من أسباب إجلاء عمر بن الخطاب، إياهم أنهم حرضوا عبدا على قتل أحد الأنصار وكان قد بات بخبير وأنهم فدعوا يدي عبد الله بن عمر ورجليه ثم إن المسلمين استغنوا عن بقائهم بخيبر وكان الشرط الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، أنا نقرهم ما شئنا فلما حصل منهم العدوان واستغنى عنهم المسلمون أجلاهم عمر سنة عشرين من الهجرة إلى تيما وأريحا، وفي هذه الغزوة أهدت امرأة يهودية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، شاة مسمومة فأكل منها هو وبعض أصحابه لكنه صلى الله عليه وسلم، مضغها ولم يسغها ولفظها.

ثم دعا بالمرأة فقال ما حملك على ذلك قالت أردت إن كنت تريد الملك أن نستريح منك وإن كنت نبيا فستخبر بها، وكانت هذه المرأة اليهودية تدعى زينب وهي زوجة سلام بن مشكم، وهى التى أهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاة المسمومة، وقد وضعت فيها السم، فأخذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مضغة فلم يسغها وقال “إن هذه الشاة تخبِرني أنها مسمومة” ولفظها، وأكل منها بشر بن البراء بن معرور فمات، فقال أنس بن مالك رضى الله عنه، فما زلت أعرفها في لهوات النبي صلى الله عليه وسلم وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه” يا عائشة ما زلت أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر” ولقد سار رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاصدا خيبر ونزل عليهم ليلا، وفي الصباح خرج أهل خيبر من حصونهم إلى مزارعهم، فرأوا الجيشَ فعادوا فزعين وقالوا، محمد والخميس، أي الجيش.

وأغلقوا باب الحصون عليهم، وكانت خيبر عبارة عن مدينة ذات حصون كثيرة مُحكمة، فيها الزاد والشراب، منها حصن ناعم والعموس والصعب والوطيح والسلالم، ولقد جرت مبارزات بين نفر من اليهود وعدد من الصحابة، وقد اشتهر منها مبارزة الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، مع مرحب اليهودي، فقَتَله الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنه، وكذلك مبارزة الزبير بن العوام مع ياسر أخي مرحب فقَتله الزبير رضي الله عنه، وقاد حملة عمر بن الخطاب فرجع ولم يكن على يديه فتح، ثم أبو بكر أيضا، ثم قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” لأعطين الرايةَ غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله” فأعطاها للإمام على، وكان به رمد فتفل صلى الله عليه وسلم، في عينيه فبرئ، ثم حمل على اليهود وقاتل حتى فتح الحصن، وهو حصن السلالم لمرحب وأخيه، وأتم الله فتح خيبر لنبيه صلى الله عليه وسلم، وكان فتحا مبينا، وفيه اصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة صفية بنت حيي بن أخطب وتزوجها.

وقيل أنه لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أقوى أجنحة الأحزاب الثلاثة، وهو قريش، وأمن منه تماما بعد صلح الحديبية أراد أن يحاسب الجناحين الباقيين وهم اليهود وقبائل نجد، حتى يتم الأمن والسلام، ويسود الهدوء في المنطقة، ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله تعالى والدعوة إليه، ولما كانت خيبر هي وكرة الدس والتآمر ومركز الاستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة الحروب، كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولا، فكانت غزوة خيبر التى جرت بين المسلمين وبين اليهود، ولقد كان حين أجلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بني النضير فنزحوا إليها وأنفسهم تفيض حقدا على المسلمين، وكان غير بعيد ما قام به زعماؤهم من تأليب العرب على المسلمين وتحزيب الأحزاب في غزوة الخندق، ثم حثهم بني قريظة على الغدر بالمسلمين ونقض العهود التي كانت بينهم.

وبين النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، مما اضطر المسلمين إلى الفتك ببعض زعمائهم مثل اليسير بن رزام الذي كان يجمع غطفان لغزو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأبي رافع سلام بن أبي الحقيق، ولما رجع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من الحديبية، قد اغتنم فرصة مهادنته لقريش، وعزم على التوجه لليهود القابعين في خيبر وإنهاء وجودهم، وقد أمن هجوم القرشيين على المسلمين في ذلك الوقت، أو مساندتهم لليهود وتحالفهم معهم، فأقام بالمدينة شهر ذي الحجة وبعض محرم ثم تجهز للمسير إلى خيبر في بقية محرم، فأمر صلى الله عليه وسلم بالتجهز للخروج إلى خيبر التي تبعد عن المدينة المنورة مائة وثمانين كيلومترا، والتي أصبحت آخر معقل من معاقل اليهود، ووكرا للمؤامرات على الإسلام والمسلمين، وسار الجيش الإسلامي بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر بروح إيمانية عالية على الرغم من علمهم بمنعة حصونها.

وقوة عتادها الحربي، وكان المسلمون أثناء سيرهم يكبرون ويهللون بأصوات مرتفعة، فطلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفقوا بأنفسهم قائلا “أيها الناس، تدعون سميعا قريبا وهو معكم” رواه البخاري، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى خيبر فجاءها ليلا، وكان إذا جاء قوما بليل لا يُغير عليهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم وهى آلات زراعية، فلما رأوه قالوا محمد والله، محمد والخميس أى الجيش، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين” رواه البخاري، وقد أخذ المسلمون في فتح حصون خيبر واحدا تلو الآخر، وقد واجه المسلمون مقاومة شديدة وصعوبة كبيرة عند فتح بعض هذه الحصون، منها حصن ناعم الذي استغرق فتحه عشرة أيام، واستشهد في أثناء فتحه الصحابي محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه.

وكان قد حمل راية المسلمين عند حصاره أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولم يفتح الله عليه، وعندما جهد الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيدفع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله، ويحب اللهَ ورسوله، لا يرجع حتى يُفتح له، فطابت نفوس المسلمين، فلما صلى فجر اليوم الثالث دعا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ودفع إليه اللواء، فحمله، فتم فتح الحصن على يديه وقد شهدت غزوة خيبر العديد من الأحداث، والدلائل والمعجزات التي أجراها الله عز وجل على يد نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، منها إخباره بموت واستشهاد عامر بن الأكوع رضي الله عنه، فقال سلمة رضى الله عنه خرجنا مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر، يا عامر، ألا تسمعنا من هنيهاتك، وكان عامر رجلا شاعرا، فنزل يحدو بالقوم، يقول اللهم لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا، فاغفر فداء لك ما اتقينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، وألقين سكينة علينا، إنا إذا صيح بنا أبينا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات