القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نظرة تأمل مع غزوة ذى قرد الجزء الأول

184

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن غزوات وجهاد النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومع غزوة من غزوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهى غزوة ذي قَرد أو غزوة الغابة، وهذه الغزوة وقعت في السنة السادسة للهجرة بين خمسمائة إلى سبعمائة من قوات المسلمين بقيادة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث طاردوا خلالها أربعين راكبا ومعهم رجل يسمى عيينة بن حصن الفزاري مع جماعة من غطفان، الذين قد أغاروا على لقاح أى حوامل الإبل ذات اللبن، وكان ذلك بوجود النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالغابة، وقتلوا حارسها واحتملوا امرأته مع الإبل وفروا نحو نجد، وتبدأ أحداث هذه الغزوة عندما أغار عيينة بن حصن الفزاري على إبل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بالغابة وقتل حارسها وخطف امرأتة مع الإبل, ولكن المسلمون استطاعوا إدراك العدو وتخليص المرأة وبعض الإبل, من على حدود المدينة المنورة.

ولكن قبل أن نتحدث عن غزوة ذى قرد فيجب أن نعلم أنه قد كانت من أبرز بنود عهد الحديبية بين الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقريش أن تتوقف الحرب بين الطرفين مدة عشر سنين، وأن يأمن فيها كلا الطرفين على النفس والمال والذرية، وقد سُرّ المسلمون بهذا العهد إذ أمنوا من شر أكبر عدو لهم فى شبه الجزيرة العربية ألا وهم قريش وفي ذات الوقت أتاح لهم الفرصة لتصفية حساباتهم مع اليهود المتربصين بهم في كل حين بالمكر والمكيدة وإغراء الأحزاب بالمسلمين، وكانوا متمركزين في منطقة خيبر وما حولها، ألا أنه أثناء الاستعداد لمعركة خيبر حدثت غزوة عُرفت باسم غزوة ذي قرد أو غزوة الغابة وكان منذ أن اصطفى الله سبحانه وتعالى، رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من قريش ومضر وما زالت العصبية القبلية الجاهلية تشتعل في قلوب جفاة العرب وأعرابهم من ربيعة وغطفان.

وغيرهما من القبائل العربية التي كانت تأمل أن تنال هذا الشرف لفهمها الخاطئ للنبوة التي هي محض اصطفاء واختيار من الله تعالى، لذلك كانت هذه القبائل دائمة العداء والمجاهرة بالسوء للمسلمين ورسولهم وتكررت اعتداءاتهم على المسلمين وكانت هذه القبائل آخر العرب إسلاما وهذه الغزوة صورة من صور العداء القبلي للمسلمين، فعندما أغار عيينة بن حصن الفزاري وهو الملقب بالأحمق المطاع، في خيل من غطفان على حدود المدينة في منطقة يقال لها الغابة ترعى فيها إبل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد بها ابن لأبي ذر الغفاري وامرأته وراعي الإبل فقتلوا الغفاري وأخذوا امرأته فرأى ذلك غلام لعبد الرحمن بن عوف فدخل المدينة مسرعا ليخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في وقت الغلس قبل أذان الفجر فكان أول من صادفه الصحابي سلمة بن الأكوع فأخبره بالأمر فقام سلمة بن الأكوع.

على جبل تجاه المدينة ونادى بأعلى صوته يا صباحاه ثلاث مرات فأسمع أهل المدينة كلهم ثم انطلق مسرعا خلف العدو ومعه سيفه ونبله، ولكن من هو عيينة بن حصن الفزارى، فهو عيينه بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن جوية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان الفزاري، وهو يُكنى أبا مالك وكان من صناديد العرب وكان فظا غليظا جريء اللسان والقول، واسمه الحقيقي حذيفة وليس عيينة وسمي عيينة لانه أصابته لقوة وهو مرض وشلل يصيب الوجه ، فجحظت عيناه فسمي عيينة، وكان جده حذيفة بن بدر يقال له رب معد، أي سيد قبائل عدنان كلها وجد جده زيد بن عمرو، وهو ابن اللقيطة، وذاك أن بني فزارة طلبوا الكلأ والخير والماء في موضع آخر وأمه صبية فسقطت، فالتقطها قوم فردوها عليهم فسميت اللقيطة، ونسب ولدها إليها بهذا فقيل بنو اللقيطة.

وقد أسلم بعد الفتح، وقيل أسلم قبل الفتح، وشهد الفتح مسلما، وقد شهد غزوة حنين وكان من المؤلفة قلوبهم، ومن الأعراب الجفاة، وقيل إنه دخل على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من غير إذن، فقال له صلى الله عليه وسلم “أين الإذن؟” فقال ما استأذنت على أحد من مضر، وكان ممن ارتد وتبع طليحة الأسدي، وقاتل معه، فأخذوه أسيرا، وحملوه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان صبيان المدينة المنورة يقولون يا عدو الله أكفرت بعد إيمانك فيقول ما آمنت بالله طرفة عين، فطلب العفو والصفح من أبي بكر فأسلم بعدها، فأطلقه أبو بكر، وكان عيينة في الجاهلية من الجرارين، يقود عشرة آلاف، وقيل أنه تزوج عثمان بن عفان من ابنته، فدخل عليه يوما، فأغلظ له، فقال عثمان، لو كان عمر بن الخطاب ما أقدمت عليه بهذا، فقال إن عمر أعطانا فأغنانا وأخشانا فأتقانا، وقال أبو وائل، سمعت عيينة بن حصن يقول لعبد الله بن مسعود.

أنا ابن الأشياخ الشمّ فقال عبد الله ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام وعيينة بن حصن هو عم الحر بن قيس الفزاري ، وكان الحر رجلا صالحا من أهل القرآن له منزلة من عمر بن الخطاب فقال عيينة لابن أخيه، ألا تدخلني على هذا الرجل قال إني أخاف أن تتكلم بكلام لا ينبغي فقال لا أفعل، فأدخله على عمر، فقال يابن الخطاب، والله ما تقسم بالعدل، ولا تعطي الجزل، فغضب عمر غضبا شديدا، حتى هم أن يوقع به، فقال ابن أخيه يا أمير المؤمنين، إن الله يقول في كتابه العزيز “خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين”، وإن هذا لمن الجاهلين، فخلى عنه، وكان عمر وقّافا عند كتاب الله عز وجل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوما خيلا، وعنده عيينة بن حصن بن بدر الفزاري، فقال رسول الله أنا أفرس بالخيل منك، فقال عيينة، وأنا أفرس بالرجال منك وقال عيينة لعمر بن الخطاب، ياأمير المؤمنين، احترس.

أَو أخرج العجم من المدينة، فإني لا آمن أن يطعنك رجل منهم في هذا الموضع، ووضع يده في الموضع الذي طعنه أبو لؤلؤة به فيما بعد، فلما طُعن عمر، قال مافعل عيينة؟ قالوا بموضع الهجم أو بالحاجر فقال عمر إن هناك لرأيا، وقيل أن حصن بن حذيفة والد عيينة أوصى ولده عند موته، وكانوا عشرة أولاد، وكان سبب موته أن كرز بن عامر العقيلي طعنه، فاشتد مرضه، فقال لهم الموت أَريح مما أنا فيه، فأيكم يطيعني فقالوا كلنا، فبدأ بالأكبر، فقال خذ سيفي هذا فضعه على صدري، ثم اتكئ عليه حتى يخرج من ظهري، فقال يا أبتاه، هل يقتل الرجل أباه، فعرض ذلك عليهم واحدا واحدا، فرفضوا إلا عيينة، فقال له يا أبت، أليس لك فيما تأمرني به راحة وهوى، ولك فيه مني طاعة؟ قال بلى، قال فمرني كيف أصنع؟ قال أَلق السيف يا بني فإني أردت أن أبلوكم فأعرف أطوعكم لي في حياتي، فهو أطوع لي بعد موتي، فاذهب، فأنت سيد ولدي من بعدي، ولك رياستي.

قد يعجبك ايضا
تعليقات